

كريم الشاذلي
مهتم بالشؤون العربية والإسلامية
بتوقيت الخامسة والأربعين
ها أنا في منتصف عقدي الخامس.. قاتل الله الأيام السريعة، وكتب لنا أجر الصبر على ثقل وطأتها. كيف ظهرت تلك الشقوق في الوجه؟ ومتى خانت هذه الشعيرات البيضاء عهد الشباب؟ بدأ زحف الخريف، وتسلل شتاء العمر بلسعته.. ولسع الذكريات ـلمن لا يدري- لا شبيه له! هذا أنا، لا أعرف رجلا ثقلت في عينه أوزاره مثلي،
إسرائيل ليست قهراً لازماً
هذه بديهية نفيها هو الجالب للاستغراب: فلسطين ليست قدرا! إسرائيل ليست دولة عظيمة، وليست دولة نزيهة، وليست دولة قوية، هي ليست أكثر من طفل مدلل.. الدول العظيمة لا تشجع على المدنيين، والدولة النزيهة لا تقصف المستشفيات، والدولة القوية لا تطلب العون من أحد.. الطفل السمين المدلل هو فقط من يختبئ خلف أقدام أبويه حال الخوف
فلسطين بين معركة الفتح ومعركة الضمير
لسنوات كان من “بروتوكول الدعاء” الذي يقوم به إمام مسجدنا بعد انتهاء خطبة الجمعة، أو في صلاة التراويح والتهجد، ذلك الدعاء المؤثِّر بأن يحرر “الله” المسجد الأقصى من أيدي اليهود الظالمين!.. وكنا -أنا وصاحبي- نقول “آمين”، وتختلف حماستنا حسب الموقف، والحالة المزاجية، والوضع الراهن، وصِدْق الإمام وحماسته.. وجرت في نهر الحياة أحداث، وجاء يوم السابع
فلسطين لا تحتاج لفولتير!
يقال إنه وبعد دخول ألمانيا إلى فرنسا عام 1940، هتف أحد الضباط: “هذا نصر تاريخي”، فما كان من قائده إلا أن أسكته قائلا: نعم، انتصرنا غير أننا ليس عندنا “فولتير” ليخلد نصرنا ويصنع منه تاريخا. الأدب يخلّد الأحداث، والدراما لطالما صنعت التاريخ، وكثيرا ما زوّرته.. غير أن المقاومة الفلسطينية صنعت تاريخها بدمائها، وزادت فوثقته بكاميرات
كلاب الحراسة!
تحكي القصة أن فاجعة أصابت قوما، فشتت جمعهم، وتقطعت بهم سبل النجاة حتى شارفوا على الهلاك، وإذ بهم يرون رجلا يحمل في يمينه شعلة، ويمضي بخطو ثابت وبثقة ظاهرة، في اتجاه بعينه؛ راود بعضهم الأمل أن حامل الشعلة يعرف طريقا للنجاة .. فتبعوه. مضى صاحبنا مسرعا والحشد من خلفه يكبُر، انتبه لهم فالتفت، فرأى في
أسلحة التفاهة!
عندما جاء خباب بن الأرت إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم طالباً منه أن يدعو للمسلمين بالنصر، لم يفعلها النبي الخاتم، وإنما ذكَّره أن هذه الدعوة، كغيرها من الدعوات، يجب أن يدفع أصحابها في سبيل نصرتها ثمنا معلوما، وضريبة مُقدَّرة، وأن “الفيتو” الذي يطلبه خباب رضي الله عنه ليس حلا، ثم قال له بلهجة