آخر مرة تولى فيها دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كانت كارثية لإيران؛ انسحب من الاتفاق النووي التاريخي، وعطّل اقتصاد البلاد بالعقوبات، وقتل قاسم سليماني، أبرز الجنرالات الإيرانيين.

هذه المرة، تأتي الإشارات من معسكر ترامب متباينة.. فقد اقترح الرئيس المنتخب أنه يسعى إلى استقرار العلاقة، لكنه وبعض مرشحيه للمناصب الوزارية دعوا إسرائيل إلى قصف المنشآت النووية الإيرانية، والعودة إلى حملة “الضغط الأقصى” التي انتهجها خلال ولايته الأولى.

ذكرت وسائل إعلام أن الملياردير إيلون ماسك، المقرب من ترامب، شارك في مكالمة مع قادة أجانب، والتقى بسفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، لمناقشة تخفيف التوترات بين واشنطن وطهران. وقد رفض مكتب إيرواني في نيويورك التعليق، ولكن القصة أُعيد نشرها في وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية دون نفي من المسؤولين. لاحقًا، أصدرت بعثة إيران بيانًا قالت فيه إن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان يمكن تحقيقه إذا “تم تقييد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الإطاحة به.”

توترات قديمة ومواقف متجددة

رغم التوترات التاريخية، فإن الاجتماع الأخير قد يشير إلى استعداد إدارة ترامب أو من حولها للتحدث والنظر في إمكانية اتخاذ موقف أكثر مرونة. في المقابل، يبدو أن طهران تدرك أنها لا تستطيع تحمُّل مواجهة كبرى أخرى مع خصمها القديم، خاصة مع التحديات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات، وتورط جماعاتها المسلحة في حرب مرهقة مع إسرائيل.

قال نيسان رفاتي، كبير المحللين بشأن إيران في مجموعة الأزمات الدولية، في ندوة نظمها مركز “ستيمسون” للدراسات: “هناك حاليًّا إشارات من طهران أكثر مما يمكن رؤيته في مهرجان محلي.”

السياسة الإقليمية ومعضلة إسرائيل

في صميم السياسة الإقليمية لإيران تكمن معارضتها القوية لإسرائيل، التي زادت حدتها منذ هجمات 7 أكتوبر، التي شنتها حركة حماس. وقد وسعت إسرائيل الصراع ليشمل استهداف حزب الله المدعوم من إيران في لبنان.

مستقبل العلاقات مع ترامب

يحاول قادة إيران فهم تأثير عودة ترامب ومرشحيه على السياسة الأميركية. من جهة، أعلن ترامب أنه يسعى لاتفاق جديد مع إيران بشرط عدم امتلاكها أسلحة نووية. لكنه خلال حملته الانتخابية، دعا إلى اتخاذ موقف أكثر حدة ضد المنشآت النووية الإيرانية.

تشير ترشيحات ترامب لشخصيات مثل ماركو روبيو كوزير للخارجية، وبيت هيغسيث كوزير للدفاع، وإليز ستيفانيك كسفيرة للأمم المتحدة، إلى احتمال عودة سياسة “الضغط الأقصى.”

الموقف الإيراني من النووي

من جانبه، أعلن الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان أن إيران تسعى إلى تبديد “الشكوك والغموض حول أنشطتها النووية السلمية”.. جاء ذلك بعد لقائه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، الذي زار طهران لأول مرة منذ تولي پزشكيان منصبه.

قال الخبير الاقتصادي سعيد ليلاز: “هناك شعور هنا بأن النهج تجاه الولايات المتحدة أصبح أكثر ليونة.. لدينا تحديات داخلية واقتصادية كبرى يجب معالجتها، ويحتاج الجمهور إلى التهيئة لذلك.”

مدونة العرب

كاتب ومحرر
مهتم بالقضايا العربية والإسلامية

• الولايات المتحدة تقرن العمل العسكري بالدبلوماسية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
• الصراع في الشرق الأوسط يهدد شريان الحياة الرئيس للطاقة في أوروبا.. ما حجم الخطر؟