ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!

بقلم: سليم عزوز

| 2 يناير, 2025

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: سليم عزوز

| 2 يناير, 2025

ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!

فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها!

فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام الله، مع أنه ليس رئيساً مكتمل الصلاحيات؛ فهو وفق القانون الدولي رئيس سلطة، لا رئيس دولة، وإذا كان القادة العرب يطلقون عليه “الرئيس الفلسطيني”، فمن باب المجاملات الرقيقة، والعرب مطبوعون على المجاملات غير مدفوعة القيمة.

فماذا ينقص الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وهو يحذو حذو القادة العرب، كتفاً بكتف، فيغلق مكتب قناة الجزيرة، ويجمد أعمال كافة الصحفيين والعاملين فيه؟ وإن كان القرار أكد أنه لم يساير القادة العرب في السلوك الأمني، حيث الاقتحام الخشن، فنتنياهو قبل استئصال البروستاتا هو المثل والقدوة، وشاهدنا صورة مشابهة إلا قليلاً من عملية مداهمة مكتب الجزيرة في الأرض المحتلة، لا تنتمي لمثيلاتها في العواصم العربية، عندما تهجم قوات الأمن في هذا البلد أو ذاك على المكتب، هجمتها على أوكار تعاطي المخدرات، وتعامل الصحفيين فيه كما لو كانوا أشقياء يتاجرون “في الممنوع”!.

متحضر أبو مازن هذا، تحضر نتنياهو قبل استئصال البروستاتا، وقد شاهدنا عملية الإبلاغ بقرار الوقف والإغلاق على الهواء مباشرة في حالة نتنياهو، فقد جاءت القوات الإسرائيلية، بينما “وليد العمري” في استقبالها بالمايك، المطبوع عليه “لوجو” الجزيرة، ويستلم القرار بينما ينقل صورة حية من هناك.. الأمر نفسه حدث في مكتب رام الله، لكن مديرة المكتب لم تكن تحمل المايك، واكتفت بالتوقيع بالاستلام!

هذا هو الظاهر من الأمر على الهواء، لكن في الحالة الإسرائيلية نشر أن قوات الأمن المداهمة لمكتب الجزيرة قامت بمصادرة المعدات وأجهزة البث والتصوير، دون أن يتضمن القرار ذلك، وليس غريباً على من يغتصبون أرض فلسطين أن يتحولوا إلى لصوص، ويستولوا على معدات مكتب قناة فضائية، وفي “الحالة العباسية” -نسبة لمحمود عباس- لا نعرف ماذا جرى بعيداً عن البث المباشر، وبعد التوقيع باستلام القرار!

القرار مؤقت:

في الحالتين الإسرائيلية و”العباسية” قرار الإغلاق مؤقت، على العكس مما حدث في عدد من العواصم العربية، فقرار الإغلاق بالضبة والمفتاح أبدي، وهذه نقطة تحسب لقرار الرئيس الفلسطيني “أبو مازن” الذي لم يتشبه بالكامل بالقادة العرب، ولكنه تمثّل بالرمز “نتنياهو” قبل أن يفقد البروستاتا في ظروف غامضة، وللدقة ليست غامضة بالكامل!

وعلى ذكر استئصال البروستاتا هذه، ولا شماتة في المرض، فقد راعني خروج نتنياهو على قدميه من المستشفى في اليوم التالي، وكأن بروستاتته ليست في المكان المعروف لدينا، ولكنها في حلقه، فتم التقاطها ولم تتأثر مشيته، ولم يتخلَّ عن بنطاله، ولم تتأثر خطوته، وهذا يحسب للتقدم العلمي، وكأنه لم يكن مريضاً ولكنه متمارض وفي حالة هروب من استدعاء قضائي له في هذا اليوم!

وهذا ليس موضوعنا، فالقرار العباسي صدر عن “اللجنة الوزارية” المختصة، والمشكلة من وزارات الثقافة والداخلية والاتصالات، والمنشور حمل تناقضاً غريباً!. فجانب من القرار يبدو أنه متعلق بعمل المكتب بالمخالفة للقانون، ودون الحصول على ترخيص بالعمل، لأن ما جاء فيه أن الوقف والتجميد هو لحين تسوية الموقف القانوني، وفي جانب آخر منه جاء أن هذا الإجراء العباسي صدر لمخالفة الجزيرة القوانين المعمول بها في فلسطين، وبث مواد تحريضية، وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة، وأن الجزيرة تتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية!

ومرة أخرى يعود القرار العباسي ليكون شبيهاً بما حدث في عدد من العواصم العربية، حيث الاتهامات المطاطة التي تفتقد للضبط، مثل مخالفة القوانين، وبث مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل وإثارة الفتنة، والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية!

صحفي يعني خباص:

يا إلهي، كل هذا فعلته الجزيرة لنقف على أن السلطة العباسية لديها قوانين معمول بها، وشؤون داخلية تتدخل الجزيرة فيها، فوجب خصامها، فقد تدخلت في ما لا يعنيها، وكأن القوم يعيشون في المريخ، وقبل أن تعرف البشرية العمل الصحفي، ليذكرني هذا بواقعتين، الفارق الزمني بينهما نصف قرن في الميت!

فقد التحق أحد الصحفيين الكبار (فيما بعد) سراً لدراسة الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة، فلما علم والده بالأمر، سأله: وماذا يعمل من يتخرجون في هذا القسم؟ فأجاب: صحفيون. فهز الرجل رأسه في أسى وقد استدعى سؤال أحد الصحفيين في الفيلم الشهير “لعبة الست” لنجمة سينمائية (تحية كاريوكا) وكأنه كل عمل الصحفيين: أين ترعرعتِ سيدتي؟!

الواقعة الثانية عندما لم يتمكن الفتى بعد الثانوية العامة من دخول كلية الإعلام وبدا حزيناً، ليسأله جده عن السبب في حزنه وقد نجح، فلما أخبره برغبته التي لم تتحقق، لأنه كان يتمنى أن يكون صحفياً، سأله الجد البسيط عن طبيعة عمل الصحفي هذا، فبسط له الأمر: “إنه يحصل على الأخبار وينشرها”، ليعلق الجد: خباص يعني؟!

ويبدو أن القرار العباسي محصور في هذين الأمرين، فعمل الصحفي لا يتعدى دوره في فيلم “سيدتي الجميلة” حيث السؤال الاستراتيجي: أين ترعرعتِ سيدتي. فإن تجاوز ذلك صار خباصاً يعني، وفضلا عن أن “الخباص” سيدخل النار، فإنه في الدنيا يستحق لعنة العباسي، وكل عباسي!

أحداث المخيم:

القرار بالإغلاق المؤقت لمكتب الجزيرة في رام الله هو لتصويب وضعها القانوني؟ فما هو وضعها القانوني الذي يحتاج لتصويب؟!

أما الحديث عن الفتنة والتدخل بين البصلة وقشرتها، فما لم يقله القرار هو أن الأمر يرجع إلى تغطية الجزيرة لأحداث مخيم جنين، عندما تحولت قوات العباسي إلى مساعد للجيش الإسرائيلي في القبض على فلسطينيين مطلوبين إسرائيلياً، وذهبت بعيداً بالغارة الأمنية على المخيم، وقد نقلت الجزيرة هذه الأحداث، وإذ وجدت السلطة العباسية أن هذا النقل لم يكن صحيحاً، كان عليها أن تقول الصحيح، لكن من الواضح أنها تنظر إلى النقل للأحداث على أنه وإن لم يجاف الحقيقة، فإنه يدخل في باب “خباص يعني”، ويمثل تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد، ولا بد من العودة إلى طبيعة عمل الصحفيين التي تنحصر في سؤال: أين ترعرعت سيدتي؟!

لقد كان القرار مناسبة لنعرف أن لدى أصحاب القرار قوانين خالفتها الجزيرة، وشؤونا داخلية تدخلت الجزيرة فيها، كأي دولة عربية، لكن مثل هذا الحديث العربي عن التدخل في الشؤون الداخلية يكون في مواجهة دولة أخرى، وعلى سلطة عباس أن تعلم أن الجزيرة ليست دولة من دول الجوار، إنها مجرد وسيلة إعلامية!

يا لك من نتنياهو!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

سوريا وثورة نصف قرن

سوريا وثورة نصف قرن

سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...

قراءة المزيد
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!

خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!

يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...

قراءة المزيد
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...

قراءة المزيد
Loading...