
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 16 نوفمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 16 نوفمبر, 2024
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: “ما كل مرة تسلم الجرة”.. ويقال المثل للذي يصر على تكرار الخطأ، فإن يسلم مرة فلا ضمان أن يسلم تارة أخرى، وهكذا.
والأحداث التي أعقبت مباراة كرة قدم بين نادٍ إسرائيلي وآخر هولندي في أمستردام، قبل أيام عدة مضت، كشفت للعالم مرة أخرى -وليست أخيرة- كم صار الصهاينة منبوذين حول العالم، وكيف يحاول الإعلام الغربي المنافق مرة أخرى خلق سردية مناقضة لما عايشه ورآه الآلاف على أرض الواقع، قبل أن تنتشر المقاطع حول العالم وتفضحه.. إعلام وإن حالفه الحظ في تغييب الوعي الإنساني فترة، فلا يُعتقد أن فعله ذلك سيستمر، فإنه “ما كل مرة تسلم الجرة يا إعلام الغرب”.
موقعة أمستردام إذن -إن صح وجاز لنا التعبير- تنضم إلى مواقع وأحداث كثيرة منذ بدء طوفان الأقصى، لتكشف مدى رداءة تلك الحثالة الصهيونية التي تستوطن فلسطين، بعد أن سرقت وقتلت وبغت في الأرض سنين عديدة. كشفت الموقعة الأمستردامية رداءة هذه النوعية من البشر، وكيف أن العالم خلال عام واحد انكشفت له الألاعيب الصهيونية التي انخدع بها بصورة أو أخرى، فكان من نتائج ذلك الانكشاف ما يحدث الآن في كثير من دول العالم من تغيُّر في المواقف والاتجاهات ضد الصهاينة، لم نكن نحن -العرب والمسلمين- قبل عام واحد فقط، نحلم أن تقع أو تنتشر في دورالغرب والفرنجة، الذين كانوا سبباً في صناعة هذا الكيان المسخ في زمن مضى.
كشفت لنا موقعة أمستردام كذلك كيف أن الإعلام الغربي المداهن، ما زال ينافق ويجامل الكيان المسخ، وما زال على غيِّه وفساده، لم يتعلم من دروس طوفان الأقصى الماضية. إنه بهذا يدمر نفسه بنفسه، ولا يهمنا ذلك بقدر ما يهمنا أن نعرف بأن هذا الحاصل هو أحد وجوه النصر لطوفان الأقصى غير الملحوظة تماماً.
إعلام لا يتعلم
إذن، هذا الإعلام الجبار النافذ، الذي كان له دوره المؤثر على كثير من مجريات الأحداث حول العالم لعقود طويلة، ما كان أحدنا يتصور أنه سيقع في شر أعماله يوماً ما بالطريقة التي نراها الآن، بعد أن ساد في العالم أنه أصدق إعلام، وأنه الإعلام الأبرز كصاحب مبادئ وقيم وأخلاقيات، فإذا به ينكشف بهزة حقيقية واقعية مع أحداث الطوفان التي فاقت قوتها أحداث تدمير أبراج نيويورك المفتعلة، التي قسمت العالم يوماً إلى فسطاطين؛ فسطاط حق وفسطاط باطل، أو أنه كما جاء في التصور الأمريكي، وروجت له الولايات المتحدة تحت مفهوم الإرهاب.. فإما أن تكون مع الإرهاب أو مع المعسكر المناهض له، الذي هو بالطبع معسكر الأمريكان وحلفائهم !
طوفان الأقصى رجّ الأرض رجاًّ تحت أقدام الإعلام الغربي، الذي سقط القناع عنه، وبدا ذا وجه بشع قبيح، يعمل بلا أخلاق أو ضمير، ولا قيم أو مبادئ، كما كان يروج لنفسه عقوداً من الزمن، في صورة خدع العالم بها. أراد هذا الإعلام المنافق مرة أخرى أن يعيد سيناريو السابع من أكتوبر مع ما جرى في أمستردام، وإظهار الصهاينة في صورة الضحية، وإن كنت لا أستبعد أن تلك الأحداث كانت مفتعلة بقصد استثمارها إعلامياً، وتحسين صورة الصهاينة، وتشويه صورة العرب بشكل عام، وتبرير ما يجري في غزة منذ عام.
ويمكرون ويمكر الله
مهما مكروا -وما زالوا يمكرون- فإن الله خير الماكرين؛ إذ بعد الأحداث، طار الإعلام الصهيوني ومعه الغربي ببعض المشاهد، محاولاً إظهار الغوغاء الإسرائيليين في صورة “يهود ضحايا”، وأنهم يتعرضون مرة أخرى لحدث لا يختلف مغزاه عما جرى لهم مع النازيين!
بمعنى آخر، أرادوا صناعة صورة ذهنية مطورة لـ”اليهود المضطهدين على يد أعداء البشرية” (وهم حالياً العرب والمسلمون)!. أرادوا تمثيل دور الضحية من جديد، وللمرة الألف.. الدور الذي أتقنه شذاذ الآفاق على مر العصور. لكن فاتهم أن الواقع الآن اختلف تماماً، وسيختلف بعد حين من الدهر قليل، ويتعمق أكثر فأكثر لصالح الضحايا الحقيقيين في هذه الأحداث المستمرة منذ أكثر من سبعين عاما.
مع كل ذلك الجهد الإعلامي، وبعض الرسمي الغربي الجبان، في دعم وترويج ذلكم العمل المفتعل أو المخطط له، وتصويره على أنه وقع بدوافع “كراهية اليهود” أو “العداء للسامية”، كان الله لهم بالمرصاد.. حيث خرج هولنديون شرفاء، وآخرون من دول أوروبية أخرى، كانوا ضمن ميدان الحدث، فكان لهم رأيهم غير المدفوع له، واستطاعوا بهواتفهم تصوير التطورات قبل المعركة وأثناءها. فكشفوا الزيف الإعلامي الغربي، والحقائق التي أراد ذلك الإعلام المنافق أن يخفيها، فرأى العالم الجوانب الخفية، أو الصورة الكاملة لتطورات الأحداث، فزاد العالم مقته وكراهيته للغرب بشكل عام.
طوفان الأقصى يثمر
نعود مرة أخرى لما بدأنا به الحديث، ونقول إن موقعة أمستردام، مثلما كشفت رداءة هذه الحثالة المهيمنة على فلسطين، فإنها كشفت أيضاً أن طوفان الأقصى لا يزال يثمر الجديد والجميل كل يوم، وموقعة أمستردام أحسبها ثمرة من ثمرات هذا الطوفان، حيث إن تغيير صورة ذهنية مصنوعة بمليارات الدولارات خلال عقود عديدة، ومن ثم إخراجها من عقول وألباب العالمين خلال سنة واحدة فقط، لا يمكن وصفه سوى بالإنجاز الأسطوري، إن صح وجاز لنا الوصف.
وبالطبع، مثل هذه الثمرات لا يمكن أن يتذوقها ويشعر بها إلا كل صاحب ذوق رفيع، يرى الأمور بقلب مؤمن سليم، ونظرته للأمور والوقائع دقيقة وبعيدة عن حسابات الربح والخسارة المادية، المتمثلة في خسائر الحروب الطبيعية من الأرواح والممتلكات، مهما كانت تلك الأرواح غالية وثمينة، لكن من المؤكد أنها ليست أغلى من الجزاء الموعود في الآخرة.. هكذا يفهم المؤمنون.
إنه كما يخسر الجانب المؤمن في معارك الطوفان، يخسر كذلك الجانب الكافر. وكما يتألم معسكر الإيمان، يتألم معسكر الكفر، وهو ما يدعو المعسكر الأول إلى الاستمرار وعدم التردد أو التوقف {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنَّهم يألمون كما تألمون}.
الآلام كبيرة وكثيرة وموجعة، لكن الفارق أن آلام أو خسائر المعسكر الإيماني تصب في صالح بناء مستقبل واعد مشرق بإذن الله، دنيا وآخرة {وترجون من الله ما لا يرجون}.. على عكس آلام وخسائر المعسكر الشيطاني الكافر، التي تعني خسارة ما أنفقوا عليه من جهود وأموال وأوقات، ثم يرونها تذهب سدى وهباء منثورا، وتذهب نفوسهم عليها حسرات، تجعلهم بعد حين من الدهر قصير، لا يرون مستقبلاً آمنا مطمئناً، لا دنيا ولا آخرة، وهذا أقل جزاء قبل يوم الحساب {وترى المجرمين يومئذٍ مقرّنين في الأصفاد* سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار}.. أعاذنا الله وإياكم منها.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
بارك الله بالأخ عبد الله ،
لا أعرف حقيقة من هم “الصهاينة”.. هل هم اليهود و أتباعهم الذين
يتبنون فكرة إقامة “هيكل
سليمان” المزعوم ، أم أنهم اليهود و أولياؤهم
عامة..!،
كل ما أعرف هو يهود
أو غير يهود.. أو أتباع لهم..
و أن لا أعترف و لا أصدق
أن هؤلاء القوم قد تعرض أجدادهم “لمحرقة”..، فلو صحت
حقيقة لما فعل هؤلاء من محارق بغيرهم.. ، خاصة بمسلمين يفترض بهم أن يتبعوا ما أنزل على نبيهم
من الحق..، أعتقد بشدة أن يهود اليوم هم من أتباع الفراعنة و الجبابرة و ليسوا من بني إسراءيل الذين عانوا إضطهاد و إجرام فرعون.. ، و ليسوا كذلك من المؤمنين الذين امتدحهم الله تعالى في
كتابه العزيز بأن فضلهم على العالمين في زمانهم.. ، سبحان الله. ،
أمر أخير ، لا أعتقد أبدا
أن أحداث إيلول في أمريكا مفتعلة ،.. بل هي
ضربة مؤلمة..هي
“غزوة منهاتن”…،