السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 17 نوفمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 17 نوفمبر, 2024
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق “مايك هاكابي” ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول، ويسميها بـ “يهودا والسامرة”.
بعد إعلان ترامب هذا، نشر الوزير الإسرائيلي المتطرف سموتريتش تغريدة على منصة “إكس” قال فيها: “إن 2025 سيكون عام السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة”، وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية، وذكر أنه أعطى تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة الدفاع) للبدء بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق “السيادة على الضفة الغربية”.
هذا الأمر دفعنا لطرح تساؤلات حول ملامح السياسة الخارجية الجديدة لإدارة ترامب القادمة، خصوصًا تجاه الشرق الأوسط الذي يمثل محور الصراع العالمي اليوم؛ فبينما يتباهى ترامب بأسلوبه الفريد في القيادة، تُظهر اختياراته للفريق الوزاري ملامح سياسات ستكون أكثر حدة وعدائية تجاه القضايا الساخنة، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات مع إيران.
في هذا المقال سنحاول الوقوف على أبرز الأسماء التي اختارها ترامب ضمن فريقه لقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وسنركز على أبرز المواقف لدى هذه الشخصيات تجاه قضايا المنطقة، في محاولة لفهم شكل السياسة الخارجية القادمة انطلاقاً من ذلك.
من خلال إعلانات ترامب وفريقه تُبرز أسماء مثل ماركو روبيو، ومايك هاكابي، ملامح هذه الإدارة المرتقبة.. روبيو، الذي يُتوقع أن يتولى حقيبة وزارة الخارجية، معروف بمواقفه المتشددة تجاه إيران، وتأييده المطلق لإسرائيل؛ هو ليس مجرد داعم للاحتلال الإسرائيلي، بل يعتبر أحد أبرز الأصوات المدافعة عن سياسات إسرائيل العدوانية، وقد سبق له وصف النظام الإيراني بـ”النظام الإرهابي”، وأعلن دعمه المطلق لـ”الرد الإسرائيلي الصارم على إيران”!. مثل هذه التصريحات تضع ملامح واضحة لسياسة أمريكية ستدفع نحو مزيد من التصعيد في المنطقة مع مواصلة الضغط على إيران، وفي تقديري أن تأجيل الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي يأتي في سياق محاولة إيران فهم تركيبة النظام الأمريكي القادم.
بالإضافة إلى ذلك فإن روبيو لا يرى غزة سوى تهديد أمني محتمل، وتؤكد تصريحاته الأخيرة رفضه لأي هدنة في القطاع، مع دعمه الكامل لتزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية بلا قيود، ما يعني تجاهلًا شبه كامل للمآسي التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال، كما أن آراء وتصريحات الرجل تُظهر رغبته في استمرار الحرب في غزة أكثر من رغبته في وقفها وإنهائها.!
أما مايك هاكابي، المرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، فينقل التحالف الأمريكي-الإسرائيلي إلى مستوى جديد من الانحياز.. الرجل الذي قال يومًا إنه “لا يوجد شيء اسمه فلسطين” يُتوقع أن يدفع نحو دعم الاستيطان بشكل غير مسبوق، مع تعزيز شرعية الضم الإسرائيلي للأراضي المحتلة. هاكابي لا ينظر إلى الضفة الغربية كأراضٍ محتلة، بل كجزء من “يهودا والسامرة”، ما ينسجم مع الخطاب اليميني المتطرف داخل إسرائيل. اختياره بمواقفه المعادية لحل الدولتين، وتعصبه المطلق لنتنياهو، يعكس توجه إدارة ترامب لإغلاق الباب أمام أي عملية سياسية عادلة، كما يثير تساؤلاً حول إمكانية أن تكون “السيادة على الضفة الغربية” هي هدية ترامب المرتقبة لنتنياهو ضمن أي حراك سياسي في المنطقة، على غرار إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل في أعقاب فوزه في انتخابات 2017م.
في خضم هذه الاختيارات المثيرة للقلق، يظهر اسم جون راتكليف كمرشح لمنصب مدير وكالة المخابرات المركزية. راتكليف، المعروف بموقفه المعادي لإيران، يضيف بُعدًا آخر للسياسات الأمنية الأمريكية، يُتوقع أن يدفع نحو زيادة العمليات الاستخباراتية ضد طهران وحلفائها في المنطقة، مع تعزيز الدعم الاستخباراتي لإسرائيل. تركيزه على اعتبار القدس “العاصمة الأبدية للشعب اليهودي” يُبرز انحيازًا مطلقًا يخدم المشروع الإسرائيلي على حساب القانون الدولي.
على الصعيد الداخلي، تتجلى نوايا الإدارة في اختيار كريستي نويم وزيرة للأمن الداخلي. مع افتقارها للخبرة الأمنية، تعكس نويم توجهًا أيديولوجيًّا أكثر منه مهنيًّا، خصوصًا مع دعمها لقوانين تجرّم انتقاد إسرائيل تحت ذريعة معاداة السامية، وهذا التوجه يعزز مناخًا عالميًّا يحاصر الأصوات المنتقدة للجرائم الإسرائيلية، ومن غير المستبعد أن تعمل نويم ليس فقط على تشديد القوانين المتعلقة بـ”معاداة السامية”، بل وملاحقة كل التحركات السابقة التي تندرج ضمن هذا الإطار، وخاصة الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية.
فيما يتعلق بالاستراتيجية الأوسع، فإن تعيين مايك والتز كمستشار للأمن القومي يعكس نية ترامب لتبني سياسة أكثر عدائية تجاه الأعداء المفترضين، وتحديداً الصين التي يُناصبها العداء بشكل كبير. والتز، الذي يدعو إلى تمكين إسرائيل من “إنهاء المهمة” في غزة، يعزز من احتمالات دعم إدارة ترامب لاستمرار الحرب في القطاع، وفرض الخطط الاسرائيلية على سكانه. إضافة إلى ذلك، فإن المواقف المتشددة تجاه إيران تتعزز مع اختيارات مثل بيت هيغسث كوزير للدفاع، وهو الذي يرى أن استهداف مواقع إنتاج الطاقة الإيرانية هو مفتاح لشل قدرة إيران على مواجهة الضغوط الأمريكية.
اختيارات ترامب لا تترك مجالًا للشك بأن الشرق الأوسط سيظل محور الاهتمام، مع سياسة تسعى لحسم الصراع عبر تكريس الهيمنة الإسرائيلية، وتعزيز عزلة إيران، أي الوصول إلى ما يسميه نتنياهو “الشرق الأوسط الجديد”. لكن الأكثر إثارة للقلق هو غياب أي رؤية سياسية لتحقيق السلام، أو إنهاء الصراعات على أساس الحقوق.. إدارة ترامب لا ترى في الفلسطينيين سوى عقبة أمام تحالف الدول العربية والإسلامية مع إسرائيل، وتتعامل مع القضية الفلسطينية كملف يجب طمسه وليس حله.
ومع هذه التحولات، يبدو أن إدارة ترامب المقبلة ستضع المزيد من الضغوط على الفلسطينيين والدول العربية التي لا تزال تسعى لحلول عادلة.. العودة إلى سياسة “الضغط الأقصى” على إيران تعني مزيدًا من التوترات التي قد تنفجر في أي لحظة. كما أن تقويض أي فرص لحل الدولتين، واستمرار دعم الاستيطان، ذلك يؤدي إلى انفجار موجات جديدة من المقاومة الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية، في وقت يتضاءل فيه الدعم الدولي للقضية بفعل الضغوط الأمريكية.
مع اقتراب موعد تسلمه السلطة، يدرك ترامب أن الشرق الأوسط ليس فقط ساحة للصراعات التقليدية، بل هو أيضًا اختبار لقدرة إدارته على تحقيق مكاسب داخلية من خلال صفقات تسعى لتلميع صورته أمام قاعدته الانتخابية. لكن هذه السياسات قد تزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، ما يعيد العالم إلى أجواء التوتر التي كانت سائدة خلال ولايته الأولى، مع تبعات قد تكون أكثر خطورة على الأمن والاستقرار العالميين.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
إيران تتجنب مواجهة جديدة مع الولايات المتحدة مع عودة ترامب
آخر مرة تولى فيها دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كانت كارثية لإيران؛ انسحب من الاتفاق النووي التاريخي، وعطّل اقتصاد البلاد بالعقوبات، وقتل قاسم سليماني، أبرز الجنرالات الإيرانيين. هذه المرة، تأتي الإشارات من معسكر ترامب متباينة.. فقد اقترح الرئيس المنتخب أنه...
0 تعليق