تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي.

من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة، والمطالبة بولاء القيادات الأساسية له، ما قد يحوّل المؤسسة العسكرية إلى كيان تابع لترامب بدلاً من أن تظل مؤسسة غير حزبية.

تشير المخاوف أيضًا إلى ممارسات ترامب خلال فترة ولايته الأولى، حيث اصطدم بقادة البنتاغون، بعضهم من اختياراته، وأعلن استعداده لاستخدام القوة العسكرية ضد “العدو الداخلي”. كما تعهد ترامب بطرد أي ضابط له علاقة بعمليات الإجلاء من أفغانستان وإلغاء قرارات اتخذتها إدارة بايدن، مثل إعادة تسمية القواعد العسكرية التي كانت تحمل أسماء قادة كونفدراليين.

أشار ريتشارد كوهين، أستاذ التاريخ العسكري بجامعة نورث كارولينا، إلى أن أكبر خطر يواجه الجيش خلال رئاسة ترامب الثانية هو “التآكل السريع لاحترافيته”، ما قد يقوض مكانة الجيش أمام الشعب الأمريكي. من جهتها، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم ترامب، إن “الشعب الأمريكي منح ترامب تفويضًا لتنفيذ وعود حملته الانتخابية”.

خلال إدارة ترامب الأولى، كانت هناك تحذيرات من نزعاته السلطوية من شخصيات بارزة، من بينهم وزير الدفاع السابق مارك إسبر، والجنرال المتقاعد مارك ميلي، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، والجنرال المتقاعد جون كيلي. وأعرب الجنرال المتقاعد جيم ماتيس عن قلقه في مقال عام 2020، حيث أشار إلى أن ترامب “أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأمريكي”.

رغم تعزيز ترامب لميزانية البنتاغون، فإن طبيعته التصادمية أثارت جدلًا واسعًا، خاصة مع تدخلاته في قضايا جنائية تخص أفرادًا من الجيش أدينوا بجرائم حرب، وسعيه للانتقام من جنرالات متقاعدين انتقدوه، وحظره المفاجئ على أفراد الخدمة المتحولين جنسيا.

تذكر الجنرال المتقاعد أوستن سكوت ميلر، الذي قاد القوات الأمريكية في أفغانستان، كيف تلقى مكالمة في منتصف الليل تطلب منه الاستعداد للانسحاب من أفغانستان، وهو ما وصفه بالأمر “غير الممكن”. خلال إدارة ترامب، تم أيضًا استهداف موظفي الخدمة المدنية المشتبه في أنهم يقوضون أجندته.

أكد وزير الدفاع لويد أوستن في بيان بعد إعلان فوز ترامب أن البنتاغون سينفذ “انتقالًا هادئًا ومنظمًا”، مشددًا على ضرورة بقاء الجيش بعيدًا عن السياسة. وفي مؤتمر صحفي، أوضحت المتحدثة باسم البنتاغون أن المذكرة تهدف إلى “التواصل بوضوح” مع توقعات أوستن بشأن حياد الجيش.

في يوليو الماضي، أصدر أوستن مذكرة تهدف لحماية الموظفين المدنيين من التدخل السياسي، مؤكدًا على حقوقهم في إجراءات قانونية عادلة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى فعالية هذه الجهود في حماية هؤلاء الموظفين مستقبلاً.

رغم أن كل رئيس يختار معاونيه السياسيين، فإن الرتب العسكرية العليا بالبنتاغون يتم اختيارها وفق نظام يمتد عبر فترات رئاسية متعددة. حاليًا، يشغل الجنرال تشارلز كيو براون الابن منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة بتكليف لأربع سنوات منذ أكتوبر 2023. وبالرغم من أن ترامب لديه الصلاحية لعزل أي قائد في أي وقت، فإن ذلك قد يثير ردود فعل سياسية من جنرالات متقاعدين وسياسيين من كلا الحزبين.

أعربت المحامية السابقة في سلاح الجو، راشيل فانلاندهام، عن قلقها من أن يتم استخدام الجيش لقمع المعارضة داخل الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الأوامر الرئاسية تعتبر قانونية لدى الأفراد العسكريين حتى وإن كانت في منطقة رمادية، ما قد يزيد من مخاطر تحدي هذه الأوامر.

وأشار بيتر فيفر، الخبير في العلاقات المدنية العسكرية، إلى أن واجب العسكريين والمدنيين المهنيين هو خدمة الرئيس المنتخب، دون تهميشهم أو الانتقام منهم إذا قدموا نصائح تخالف رغبات البيت الأبيض. كما أكد أن مهمة هؤلاء هي تحذير الرؤساء من العواقب غير المقصودة، مؤكدًا أن ذلك ليس عدم ولاء، بل هو جوهر عملهم.

مدونة العرب

كاتب ومحرر
مهتم بالقضايا العربية والإسلامية

• الولايات المتحدة تقرن العمل العسكري بالدبلوماسية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
• الصراع في الشرق الأوسط يهدد شريان الحياة الرئيس للطاقة في أوروبا.. ما حجم الخطر؟