أعمال الشغب في بريطانيا تكشف تضليل اليمين المتطرف
بقلم: مدونة العرب
| 12 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
-
لا يزال بإمكان إسرائيل فرض نزوح جماعي إلى مصر
وسط عيد الفصح الكئيب في الأراضي المقدسة، لا تزال...
-
الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين تنذر بصيف ساخن وتمثل التحدي الأكبر لبايدن مع اقتراب الانتخابات
يمكن أن تنذر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي...
-
إسرائيل تحاصر رفح، ونتنياهو يتحدى العالم
تتزايد التحذيرات من إسرائيل بشأن هجوم بري على...
-
ماذا يكسب الحوثيون من ضرباتهم على سفن البحر الأحمر؟
تعكس الضربات الأمريكية في اليمن تخبطًا في...
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 12 أغسطس, 2024
أعمال الشغب في بريطانيا تكشف تضليل اليمين المتطرف
نزل آلاف المتظاهرين الرافضين للفاشية يوم الأربعاء الماضي، في عدة مدن بريطانية، بعد أن أشعل مثيرو الشغب اليمينيون المتطرفون النار في المدن، وهاجموا المساجد ومساكن اللاجئين وضايقوا الأقليات العرقية.. وأدان المتظاهرون العنصرية ووقفوا أمام المباني التي تؤوي طالبي اللجوء في موقف وقائي، وسط مخاوف من تعرض مراكز اللاجئين لمزيد من هجمات اليمين المتطرف.
لقد اندلعت أعمال العنف بسبب عملية قتل أودت بحياة ثلاث فتيات في مدينة ساوثبورت الساحلية في 29 يوليو/ تموز الماضي، وبشكل أكثر وضوحًا، فقد كانت أعمال العنف تلك نتيجة لتقارير كاذبة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تربط عملية القتل بمهاجر مسلم.
وقد جاء في تقرير ويليام بوث وليو ساندز أنه “في غضون ساعات من جريمة القتل، نشر حساب غامض على منصة X يعود لمؤسسة تطلق على نفسها اسم “أخبار القناة الثالثة” أن المهاجم كان مهاجرًا جاء إلى بريطانيا بشكل غير قانوني على متن قارب، وكان على قوائم المراقبة المتعلقة بالأمن والصحة العقلية، وقد أعطى اسمًا للمتهم تبين لاحقًا أنه خطأ وفقًا للشرطة البريطانية.
وقد تم تضخيم هذا المنشور من قِبل مجموعة من الشخصيات اليمينية المتطرفة في وسائل التواصل الاجتماعي، من داخل بريطانيا وخارجها، وتبين لاحقًا أن العديد من التفاصيل التي وردت في المنشور كانت خاطئة تمامًا، وأن المهاجم كان مراهقًا، ولد في بريطانيا لأبوين مهاجرين من راوندا، ومن المرجح أنه ليس مسلمًا، لكن أعمال الشغب قد بدأت فعلًا.
قال أندرو جادويك، أستاذ الاتصال السياسي في جامعة لوفبورو، والخبير في نشر المعلومات المضللة عبر الإنترنت: “يبدو أن التغريدة تمت فبركتها بشكل متعمد لخلق العداء تجاه الأقليات العرقية والمهاجرين، وهي جزء من حملة الإسلاموفوبيا”.
إن الشيء الصادم لكثير من المراقبين هو مدى الاحتقان الذي كان موجودًا بالفعل في المجتمع البريطاني.
أصدرت دول عديدة تحذيرات لمواطنيها لتجنب السفر إلى بريطانيا، وقامت السلطات البريطانية بحملة اعتقالات للمئات من المشاركين بأعمال العنف، وتعهدت حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر بعقوبات صارمة، وقال رئيس الوزراء: “من يثِر العنف والفوضى في شوارعنا أو عبر الإنترنت، سيواجه القوة الكاملة للقانون”.
إن غضب مثيري أعمال العنف يعكس استياءً عميقًا لدى شريحة من الشعب البريطاني ضد الأقليات والمسلمين، وهو الاستياء الذي نشأ على مدى عقود نتيجة لعدم الاطمئنان من المشروع متعدد الثقافات الذي تتبناه بريطانيا. ورغم أن استطلاعات الرأي تظهر أن الغالبية العظمى من البريطانيين يستنكرون العنف الذي يمارسه “مثيرو الشغب” التابعون لليمين المتطرف، فإن دوافعهم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمجموعة من السياسات المعتمدة من الحكومات البريطانية.
كتب دانييل تريلنج في مجلة لندن ريفيو قائلًا: “لقد كانت المشاعر المعادية للإسلام والمهاجرين واللاجئين عنصرًا أساسيًا في الصحافة اليمينية البريطانية لعقود من الزمن، وما يحدث الآن ناشئ من فترة كانت الشعبوية اليمينية فيها جزءًا أساسيًّا من البرامج الحكومية”. وأضاف تريلنج: “في كل نقطة انعطاف منذ عام 2019، اختار المحافظون ومؤيدوهم من الإعلاميين مضاعفة الخطاب الشعبوي، وتصوير خصومهم كأعداء يهددون سلامة الأمة”.
لقد تم التعامل مع احتجاجات (Black Lives Matter) في عام 2020 باعتبارها ظاهرة لثقافة “غريبة” احتلت مدن بريطانيا. كما وصفت سويلا برافيرمان، عندما كانت وزيرة للداخلية، المظاهرات المطالِبة بوقف إطلاق النار في غزة بأنها “مسيرات كراهية”. وتتحمل الحكومة المحافظة السابقة اللوم بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى أعمال الشغب اليمينية المتطرفة.
إن العديد من المدن التي شهدت أعمال العنف كانت ضمن المناطق الأكثر تضررًا من تراجع الصناعة وخفض الإنفاق في بريطانيا في العقد السابق؛ وقد أشار لاري إليوت، محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة الغارديان، إلى أن “هذه كلها حالة طبيعية لبريطانيا ما بعد الصناعة، وهي الأماكن التي تم تدمير اقتصاداتها في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، حيث حلت مراكز الاتصال ومستودعات التوزيع محل المصانع”. وأضاف إليوت: “لقد عانت هذه المدن أكثر من غيرها من التقشف الذي فرض بعد انتخابات عام 2010”.
في الوقت الحالي، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في تسريع الاحتجاجات والمعلومات المضللة. قالت يفيت كوبر، وزيرة الداخلية البريطانية، إن منصات التواصل الاجتماعي عملت بمثابة “محرك صاروخي” في تأجيج الاضطرابات.
وعلى الرغم من أن بعض المنصات مثل (Meta) و(Google) و(TikTok) استجابت بسرعة وأزالت المعلومات المضللة والمنشورات المحرضة للعنف، فإن منصة إكس، المملوكة للملياردير التكنولوجي اليميني المتطرف إيلون ماسك، كان خلافُها واضحًا مع الحكومة البريطانية .
وبدلًا من أن يقوم ماسك بحذف المعلومات المضللة التي نشرتها منصته، بدا وكأنه يشجعها، ما أدى إلى تعزيز هستيريا المتابعين اليمينيين المتطرفين، بل وأضاف هستيريا خاصة به أيضًا؛ فقد أشار إلى أن “الحرب الأهلية في بريطانيا حتمية”، واتهم رئيس وزراء حزب العمال بالتعامل بقسوة مفرطة مع المحتجين اليمينيين المتطرفين. والواقع أن موقف ماسك هنا ليس بالأمر الجديد، فقد سبق أن أعادت منصة X تنشيط مجموعة من الحسابات المحرضة والعنصرية في كثير من الأحيان، والتي لعب بعضها دورًا في تأجيج العنف الأسبوع الماضي.
وانتقدت هايدي ألكسندر، وزيرة المحاكم البريطانية، تدخلات ماسك في وقت سابق من هذا الأسبوع، ووصفتها بأنها “غير مبررة على الإطلاق”. وقالت لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): “أعتقد أنه في الوقت الحالي يجب على الجميع أن يدعوا إلى الهدوء. وماسك يتحمل مسؤولية كبيرة، لكونه مالكًا لهذه المنصة الضخمة، ولأكون صادقة.. أعتقد أن تعليقاته مؤسفة للغاية”.
ويبدو أن ماسك لم يلتفت إلى هذه الرسالة، ففي يوم الخميس، قام بتضخيم منشور لناشط بريطاني من اليمين المتطرف، نشر عنوان صحيفة مفبرك يشير إلى أن حكومة ستارمر تنشئ مراكز احتجاز للمحتجين اليمينيين المتطرفين في جزر فوكلاند، وهي مجموعة جزر نائية في جنوب المحيط الأطلسي، وقد شوهد المنشور ما يقرب من مليوني مرة قبل أن يحذفه .
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق