

أيمن العتوم
شاعر وروائي أردني
مع المتنبي في يومياته
إنها النهايات.. كيف يمكن أن يكون شكل هذه النهايات؟ أتمنى لو أنني أدري.. مضت سنون طويلة، طويلة جدا، مذ سمعتُ جدتي تقول لي ذات مساء بارد في غرفة مقرورة بلهجةٍ نافذة حارة: لا تنسَ ثأرك. اليوم يا جدتي لم أنسَ ثأري، ربما أموت على ذلك، ولكن كل شيء ينتهي على غير ما أردتُ أو أردتِ؛
الانتظار
كان ذلك شتاء يوم ماطر، تفتحت فيه السحُب كأنها لم تبكِ منذ قرون، فانهملت انهمالا جعل صوت الماء المتدفق مرعبا أكثر من صوت الرعد؛ وكنت لا أزال طالبا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية في كلية الهندسة، وقد ألهمني حَدْسي -الذي قليلا ما يخطئ- أنني اليوم سأظفر بما أريد على أحسن وجه ممكن.. كنت أتأبط كتاب
هل اللغة العربية صعبة؟
ليست صعبة ولكنها عزيزة، ليست سهلة ولكنها قريبة.. ربما هذا أحسن ما يمكن أن أصف به العربية، لغة تنفرد بميزات ليست لأي لغة في العالم ولن تكون؛ تقف اللغات في سهل فسيح ممتد، كل لغة تأخذ لها ناحية في ذلك السهل، ووحدها العربية تتربع على القمة مشرفة على ذلك السهل مهيمنة عليه، تبتسم وهي ترى
التدفُّق في الكتابة (3)
حسنا، دعوني بعد فيض الأمثلة هذه، أُمارس اللعبة إيّاها فأقف على الضفة التي يقف عليها المندهشون؛ أكاد أسمعهم يتهامسون: إن زهيراً بن أبي سُلمى كانت القصيدة تمكث عنده حولا كاملا ينقحها ويدققها، حتى سُمّيت القصائد من هذا النوع بالحَوليّات.. صحيح، لكن ذلك جزء من الحقيقة وليس الحقيقة كاملة، إن القصائد التي تمكث عند الشاعر حولا
التّدفّق في الكتابة (2)
استكمالا لما تم تذكره في المقال الأول بعض الأمثلة للكُتّاب غزيري الإنتاج من غير ترتيب ولا اتفاق: 4. كتب ابن سينا الطبيب والفيلسوف والشاعر والموسيقي، الذي عاش أكثر من ثلثي حياته مريضا ومطاردا ومنفيا ومسافرا، ومات وعمره (57) سنة، أقول: كتب (276) كتابا، أحدها – على سبيل المثال – كتاب (القانون في الطب)؛ الكتاب الذي كان الغرب يعده كتاب
التّدفّق في الكتابة (1)
لطالما سُئلتُ هذا السؤال: “كيف يمكن لكاتب مثلك أن يكتب رواية أو روايتين في السنة الواحدة؟ إننا نعتقد أن كتابة رواية تحتاج بعد سنة كتابتها إلى سنة أخرى للتّخلص من شخوصها، لكي يبدأ المرء التفكير بعمل روائي جديد!!”. طبعا من يقول ذلك لم يجرب أن يكتب رواية ولا كيف تُكتَب الرواية، وهي بالطبع أعقد وأصعب
الحبُّ ومَجانينُه
ليس للحب تعريف واحد، لا عند العرب وآدابهم، ولا عند غيرهم؛ لا في الكيمياء ولا في الطب، لا في الحال ولا في المقال؛ إنه واحد في كثير، إنه معنىً يمكن أن يُقال بألف طريقة وطريقة، ويُعبَّر عنه بعدد لا ينتهي منها. هذه المقالة لا تدّعي أنها تحيط به وصفا ولا قولا، لكنها وسيلة إلى معرفة
نسيان الموتى
أتذْكُر ذلك الشاب الذي التقيناه في رحلة جماعية الصيف الماضي؟ كنا أكثر من ثلاثين، ولكنني رأيته مختلفا، كان لعينيه بريق يخبئ حكايات غامضة، وكان قليل الكلام كثير التبسم، كنا نشعر جميعا نحوه بالود، شيء ما يدخل القلب فيملؤه بالدفء، شعور لا نجد له تفسيرا حين نلتقي بمثل هؤلاء الأشخاص!. – أتذكّره جيدا، ماذا تريد أن
تخابث الشعراء!
الشعراء أرباب الكلام وآباؤه، يلين في أيديهم كأن ما جعل من حروفه لهم لم يجعل لأحد سواهم. وأكثرهم حاضر البديهة، سريع الإجابة، إذا حصر جعل القول بابه للخروج، وإن جبه ناور من جبهه حتى يقلب له ظهر المجن، ينسل من الخطيئة إذا لحقته انسلال الشعرة من العجين. ورد في كتاب (آداب الشافعي ومناقبه)؛ لابن أبي
التذوق الأدبي
يقول بعضنا: نقرأ، كأننا نقرأ حُجُبا، أو كأننا نقرأ طلاسم.. ويقرأ آخرون كأنهم يقرؤون خبرا في صحيفة أو إعلانا في زاوية!. كلاهما يقرأ بلسانه، وعقلُه غائب، ووجدانُه ذائب؛ وقراءة النص الأدبي، شعرا أو نثرا، إن فقدت التذوق الأدبي تحولت إلى طلاسم كما قال الفريق الأول، وإلى حروف جامدة كما قال الفريق الثاني؛ فإذا أردت أيها