اتفاق الهدنة… صفقة أم خدعة؟

بواسطة | فبراير 3, 2024

بواسطة | فبراير 3, 2024

اتفاق الهدنة… صفقة أم خدعة؟

تساؤلات حول احتمالية التوصل إلى اتفاق هدنة جديد بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، حيث يتسع الحديث حول تفاصيل اقتراح الهدنة والتحفظات المحتملة.

تحليل مقترح الهدنة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية – بين التفاصيل والتحفظات

يتزايد الحديث حول إمكانية توقيع صفقة لعقد هدنة جديدة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية؛ ويتحدث البعض عن أن ذلك قد يحدث في غضون الأسبوع المقبل أو الذي يليه على أقصى تقدير، وذلك إذا ما اتفق الأطراف المنخرطون في مفاوضات هذه الصفقة على بنودها.

وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال“، التي نشرت المقترح الإطاري لهذه الصفقة والذي صاغة ويليام بيرنز، مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، فإنه من المتوقع أن تتم الصفقة على ثلاث مراحل دون أن تحدد المدى الزمني لهذه الهدنة، فالبعض يتحدث عن أسابيع، والبعض الأخر يعتقد أنها ستكون ما بين شهرين وثلاثة؛ لكن هذه المراحل تبدأ مع مرحلة أولى تمتد لستة أسابيع، يتم خلالها وقف القتال بشكل مؤقت من الطرفين، مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، ويتم الاقتصار خلال هذه المرحلة على إطلاق الشيوخ من الرجال والنساء، وكذلك الأطفال والمرضى.. في المقابل سوف تقوم إسرائيل بإطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجونها، والسماح بحرية الحركة للمدنيين في القطاع.

وإذا نجحت المرحلة الأولى من الاتفاق يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية منه، والتي من المفترض أن تشهد قيام المقاومة الفلسطينية بإطلاق سراح المجندات الإسرائيليات، وذلك مقابل سماح إسرائيل بدخول المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، وتشغيل محطات المياه والمخابز والمستشفيات، والإفراج عن عدد من السجناء والأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي. وإذا تمت هذه المرحلة بنجاح، يتم الانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الاتفاق، والتي تشمل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الذكور لدى المقاومة الفلسطينية،
وكذلك إعادة جثامين الرهائن الذين قتلوا في السابع من أكتوبر، مقابل إعادة جثث الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في اليوم نفسه أيضا.. هذا هو مقترح الاتفاق الإطاري، الذي ناقشه “بيرنز” الأسبوع الماضي في اجتماع باريس مع نظيريه، الإسرائيلي والمصري، وبحضور رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

ولا تزال هناك بعض النقاط العالقة التي لم يتم حسمها، وربما تُعطل الاتفاق لأيام، وأهمها عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وهل ستكون النسبة كما كانت في اتفاق الهدنة الماضي الذي حدث في شهر نوفمبر، بحيث يتم إطلاق سراح ثلاثة سجناء فلسطينيين مقابل كل رهينة من الإسرائيليين، أم أكثر من ذلك.
ما يُتردد في الأخبار هو أن المقاومة الفلسطينية تشترط أن يتم إطلاق ١٥٠ أسير فلسطيني مقابل كل مجندة إسرائيلية يتم إطلاق سراحها، وهو شرط ترفضه إسرائيل على ما يبدو، خاصة إذا تعلق الأمر بإطلاق سراح كبار قادة المقاومة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية، ممن يقضون فترات عقوبة طويلة تصل إلى مئات السنين.

وثمة ملاحظات عديدة حول بنود المقترح الإطاري، لعل أولها أنه مقترح إسرائيلي بالأساس، وقد جاء بعد أن تأكدت إسرائيل – ومن خلفها أميركا- أنه لا يمكن تحرير الرهائن لدى المقاومة عبر عملية عسكرية؛ أي أن المقاومة لم يكن لها يد في صياغة بنوده على نحو ما كان الأمر في اتفاق الهدنة السابق، الذي جري الاتفاق عليه وتنفيذه في نوفمبر الماضي.

 أما ثاني الملاحظات وأخطرها، فهي أن المقترح لا ينص صراحة على وقف كامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب، وإنما وقف مؤقت فقط مرتبط بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة، وهذه نقطة مهمة ومصيرية، لأنه لا توجد أية ضمانات بألا تستأنف إسرائيل حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بعد انتهاء الاتفاق المؤقت، سواء أكان لشهر أم اثنين أم ثلاثة أشهر. وستكون تلك نقطة ضعف وثغرة كبيرة لو وافقت المقاومة على أي اتفاق لا ينص صراحة على إنهاء الحرب.

ثالثا، لا ينص الاتفاق المقترح على انسحاب إسرائيل من كافة مناطق قطاع غزة؛ وهو الأمر الذي – على الأرجح- لن تفعله إسرائيل، خاصة في شمال القطاع الذي تسعى تل أبيب لإنشاء منطقة أمنية عازلة بينه وبين مستوطنات غلاف غزة، وذلك حتى يعود الإسرائيليون إليه مرة أخرى؛ وهو ما يعني عمليا اقتطاع مساحة من أراضي القطاع، وإعادة احتلالها مرة أخرى من قبل إسرائيل.

كذلك لا توجد أية ضمانات بأن إسرائيل سوف تطلق سراح كبار الأسرى الفلسطينيين في سجونها.. ولذلك لم يكن غريبا أن يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل أيام لاءاته الثلاثة: لا لوقف الحرب، لا للانسحاب الكامل من قطاع غزة، ولا للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين تعتبرهم إسرائيل خطراً عليها. لذلك، فإن الموافقة على مقترح كهذا يعني أن المقاومة تسلّم نفسها لتل أبيب مقابل مكاسب مؤقتة، من قبيل زيادة المساعدات الإنسانية أو إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين،
ولكن دون أية التزامات أو ضمانات حقيقية بإنهاء الحرب بشكل كامل؛ وهو ما يعني أن اتفاق الهدنة المؤقتة، والذي قد يتم التوصل إليه خلال الأيام المقبلة، ما هو سوى خدعة إسرائيلية دُبرت بليل، وذلك من أجل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، ولكن دون التزام بوقف فوري وشامل للحرب، ودون الانسحاب من قطاع غزة بشكل كامل.. وهو ما يعني أن تضحيات الشعب الفلسطيني على مدار الأشهر الأربعة الماضية قد تذهب 

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...