آخر فصول بايدن.. ومعارك ترامب الأخيرة!
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 26 يوليو, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 26 يوليو, 2024
آخر فصول بايدن.. ومعارك ترامب الأخيرة!
شكّلت التطورات الدرامية المتسارعة في الولايات المتحدة في الأسبوعين الماضيين تحولات خطيرة وغير مسبوقة في التاريخ السياسي الأمريكي، على الأقل منذ محاولة اغتيال الرئيس رونالد ريغان عام 1981 في واشنطن.
وضمن ذلك جاء قرار الرئيس بايدن الصادم والمفاجئ بتوقيته وطريقته وأسلوبه! وقد وصفتُه في مداخلتي ليلة تنحي بايدن وانسحابه من سباق الرئاسة على قناة الجزيرة بـ”الزلزال”! لكونها المرة الأولى التي ينسحب فيها رئيس حالي ومرشح لحزبه (بايدن من الحزب الديمقراطي)، وقبل 105 أيام من الانتخابات في 5 نوفمبر القادم، بإعلان تنحيه عن تمثيل حزبه لفترة رئاسية ثانية وأخيرة.
وقبل إعلانه المفاجئ بالانسحاب، لطالما دأب بايدن على تكرار رفضه الفكرة بشكل صارم وغير قابل للنقاش، وحتى قبل 24 ساعة، وعلق بالقول: “الله فقط من سيقنعني بالانسحاب وترْك سباق الرئاسة”! ليقرر بعدها الانسحاب دون مخاطبة الشعب الأمريكي، ودون عقد مؤتمر صحفي، بل بإصدار بيان فقط، وذلك بعد الضغط المتصاعد من قيادات حزبه والممولين الأثرياء لمرشحي الحزب الديمقراطي.
كما ساهم في ذلك استمرار تراجع التأييد له في استطلاعات الرأي، مقابل تقدم منافسه ترامب، خاصة في الولايات المتأرجحة والحاسمة، برغم القضايا الجنائية المرفوعة ضده، وإدانة ترامب بـ 34 تهمة جنائية في ولاية نيويورك، ليصبح أول رئيس سابق ومرشح عن حزبه يحاكم ويُدان في المحاكم الأمريكية.
وساهمت محاولة اغتيال ترامب الفاشلة برفع أسهمه وشعبيته بين أنصاره داخل الحزب الجمهوري، الذي هيمن عليه في السنوات الماضية، وحوّله إلى طائفة موالية، وزاد من سياسته الإقصائية بمحاربة المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين، وتوجيه سهام الانتقادات لنظام الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
رافق ذلك استمرار تراجع قدرات بايدن الإدراكية والذهنية وانعزاله في منزله في ولاية ديلاوير القريبة من واشنطن، بعد إعلان البيت الأبيض إصابته بفيروس كورونا؛ بينما كان الرئيس ترامب يبدو مع عائلته وأنصاره منتشيا بترشيح حزبه له، وقبوله الترشيح وإلقائه واحداً من أطول الخطب في المؤتمر الحزبي، ما شكل تناقضا بين حيوية وقوة ونشاط ترامب، مقابل صورة تراجع وضعف بايدن المعزول، والذي تفاقم مأزقه بالإضافة إلى ضغوط قيادات حزبه الديمقراطي، والخشية من خسارته انتخابات الرئاسة شبه المؤكدة أمام دونالد ترامب.
ومع إعلان بايدن تنحيه وانسحابه، جاء طلبه من الحزب الديمقراطي تقديم كامل الدعم لنائبته التي حلت مكانه لقيادة الحزب الديمقراطي في مواجهة دونالد ترامب، والمرشح فانس على قائمته لمنصب نائب الرئيس، ونجاحها بالحصول على دعم قيادات الحزب الديمقراطي، ونجاح حملتها بجمع أكثر من 80 مليون دولار في يوم واحد، لكن لم يظهر بايدن واقفا مع نائبته في صورة الداعم، لا في البيت الأبيض ولا في مؤتمر صحفي.
واليوم، نجد الولايات المتحدة الأمريكية في حالة انقسام حزبي، حتى داخل الحزب الديمقراطي نفسه، وداخل الحزب الجمهوري أيضا، بين أجنحتهما المحافظة والمعتدلة واليسارية والتقدمية. وكذلك تشهد الولايات المتحدة انقسامات سياسية ومجتمعية وصراعا عرقيّا متفاقما، كاد يتسبب بانفجار الأوضاع فيما لو تم اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب في 13 يوليو الماضي في اختراق أمني، أثناء مهرجان خطابي في ولاية بنسلفانيا.. ما يذكر بمحاولة اغتيال الرئيس السابق ريغان في واشنطن.
من الواضح أن قرار الرئيس بايدن إنهاء ترشحه لرئاسة ثانية وتنحيه، يعني نهاية حياته السياسية الحافلة على مدى خمسة عقود من العمل السياسي، مر فيها بمناصب عديدة، فكان أصغر سيناتور في مجلس الشيوخ، وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية، ورئيس اللجنة القضائية، وكان نائب الرئيس باراك أوباما لثمانية أعوام، إلى أن صار أكبر رئيس يترشح للرئاسة ويخدم في البيت الأبيض. ما يجعل بايدن الرئيس الديمقراطي الثاني منذ جيمي كارتر عام 1981، الذي تقتصر رئاسته على فترة رئاسة واحدة. وفي المقابل، مع انسحاب الرئيس بايدن من سباق الرئاسة صار دونالد ترامب (78 عاماً) أكبر الرؤساء سنا بالترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
بذلك يختم بايدن حياته السياسية بإرث دموي ثقيل، مدافعا عن مجرم حرب الإبادة نتنياهو، الذي يجتمع معه في واشنطن، وشريكا له ولحكومته الأكثر تطرفا في تاريخ كيان الاحتلال بجرائم الحرب على غزة! وفي الوقت نفسه يعيش ترامب آخر إرهاصات معاركه السياسية بترشحه للمرة الثالثة منذ عام 2016 لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية!
يبدو المشهد السياسي والانتخابي الأمريكي معقداً ومتشابكاً، يعكس عمق الانقسام السياسي والمجتمعي. وكان مسؤولون أمنيون قد عبّروا عن خشيتهم، وحذروا منذ شهور من مخاطر وقوع أعمال عنف تعكر صفو انتخابات الرئاسة في نوفمبر القادم، كما حدث في ستينيات القرن الماضي، وهذا ما حدث فعلاً بمحاولة اغتيال دونالد ترامب.
يُضاف إلى ذلك تحذيرات ترامب بأنه يسعى للفوز بانتخابات الرئاسة، وسيعود إلى البيت الأبيض لينتقم من الدولة العميقة وممن حاكموه وتآمروا ضده، ولا مانع عنده من التصرف كديكتاتور ولو ليوم واحد. وفي ذلك انتكاسة وإدانة لحال الديمقراطية، ولما وصلت إليه المشاركة السياسية في الولايات المتحدة التي لطالما قدمت نفسها مثالا ونموذجا مشعا وملهما للشعوب حول العالم.
في آخر استطلاعات للرأي رأى حوالي ثلثي شعوب كندا وبريطانيا وألمانيا أن الديمقراطية الأمريكية لم تعد نموذجا مقنعا ومثار إعجاب! وذلك بسبب الانقسامات والصراعات الحادة والعنيفة، التي وصلت إلى محاولة اغتيال رئيس سابق، ومرشحٍ حاليٍّ لحزبه (ترامب).
وحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، لم تعد الديمقراطية الأمريكية مصدر إعجاب وإلهام مقنع للشعوب ولدعاة نشر الحريات، ولا الخيار المفضل للشعوب.. لتتراجع مكانة نموذج الديمقراطية الأمريكية، حتى صارت تشبه ديمقراطيات العالم الثالث، وواحدة منها، كما ادّعى ترامب بعد خسارته، ورفضه الاعتراف بهزيمته للرئيس بايدن عام 2020، وقوله إن الانتخابات سُرقت منه.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق