
حقيقة جوهر جورج صليبا
بقلم: مهنا الحبيل
| 25 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: مهنا الحبيل
| 25 يوليو, 2024
حقيقة جوهر جورج صليبا
أحياناً تقفز بك عشوائية وفوضى اليوتيوب إلى مواد مهمة، لم تسمع عنها ولم يَعبُر إليك حديث حولها، ولم يقترحها عليك صديق. وهذه المرة حملتني جولة اليوتيوب العشوائية إلى قناة الجوهر (الكويتية).
هل هي كويتية كما يظهر؟ أعتقد ذلك. لأنها بدأت بشباب لبناني يحاور مفكرين أو مثقفين في جلسات عصف ذهني، ثم انتقلت إلى شباب كويتي يحاور في المجال ذاته، وكلا الصالونين جميل كمادة حوار فكري أو ثقافي أو صحافي.
عموماً، برزت لدي جلسة حوارية نفذتها القناة مع د. جورج صليبا، وفي التعريف العام للدكتور جورج صليبا، أنه من أبرز المفكرين العرب، الذين عَنوا بجدل الحضارات، وبالخصوص قصة التاريخ والعلوم، بين أوروبا وبين الحضارة الإسلامية.
ومرة أخرى يعود المسيحيون العرب، وعلى مقاعد جامعة كولومبيا المهمة، إلى زخم الحوار العالمي في مسألة الشرعية الأخلاقية في تاريخ الحضارات، وجورج صليبا ليس طارئاً جديداً على هذه الساحة وجدلها الساخن، فمهمته نضجت منذ 1996، ببروز اسمه كباحث في تاريخ الفلك بين الضفة الإسلامية والعالم الغربي الحديث، وجذوره في أوروبا القديمة. وهو يأتي بين إدوارد سعيد ووائل حلاق، وإن كنت أحسب أن لكل منهم سلاحه الخاص في التحرير الفكري والفلسفي.
فمن زاوية كولونيالية ثقافية سياسية عني بها إدوارد سعيد في معركته، ومن منطلق أخلاقي فلسفي أبحر فيها وائل حلاق، في حين تنزع رحلة صليبا في سياق العلوم الكونية، وتاريخ نشأتها وبالذات الفلك، وفلسفته الروحية بين الغرب والمسلمين.
وهنا اتحفظ شخصياً على رأيي في د. صليبا، لكوني لم اتفرغ لقراءة منظومته الرئيسية، وهو اليوم قد تجاوز الثمانين.. ندعو له بالصحة والعمر المديد. ولكننا نشعر بتقدير بالغ أمام هذه النخبة من المسيحيين العرب، الذين رفضوا مسألة الدمج القهري في ثقافة العالم الحديث، وتحرروا من فكر الهزيمة لتبعية المنجز العلمي والغرق الحضاري في الغرب، والتي تاجرت عبرها- ومع الأسف الشديد- شخصيات مسلمة، قررت العبور الى منطقة الضوء بمناسخة الغرب، وبتحقير العلوم والمنتج الحضاري الإسلامي، للحصول على رخصة الشهرة في الرواق الأكاديمي الغربي، ثم تصدير منتجها المقلّد من جديد إلى المشرق.
وجورج صليبا سدّد أيضاً ضريبة التحرر الفكري، وناوشته القوة الإسرائيلية المتطرفة، التي تتخذ من المنظومة الأكاديمية ساحة حرب، لمنع المعرفة الحرة، وخاصة حين يقارب جدلها ثنائية التفوق العرقي وعلاقته بالفكرة الصهيونية، والجذور (التقدمية) للشعوب الغربية، فاتُّهم بالعداء للسامية.. فكرة كنا نظن أننا في زمن محاسبتها الفلسفي، فاتضح أنها مشروع شراكة حيوية لا تزال تصب في حرب إبادة غزة اليوم، ثم كشفت لنا ملحمة غزة قضية المصالح الاقتصادية الكبرى، وتنمية مجالات البحوث في الأسلحة، والمواد العلمية ذات العلاقة، وحجم تورط الجامعات الغربية- وخاصة في أمريكا الشمالية- فيها.
كان الحوار بسيطاً وعفوياً، وكان الشباب- وهم قلة- من أديان واتجاهات لبنانية مختلفة خارج الإسلام، من الأسرة العربية اللبنانية، مع زميل مسلم معهم.. وجيد أن تكون الطاولة صريحة وعفوية، يطرح فيها الشباب المسيحي من لبنان أسئلته عن تاريخ المسلمين، وعالم الفكرة فيه.
وأود هنا أن أعلق على مسألة مهمة، وهي ضرورة أن نتعامل مع مساحة البحث والاختلاف، سواء كانت من الشباب العربي المسيحي، أو من الشباب المسلم المتشكك، بروح هادئة منفتحة، تدرك أن قناعات الأنفس وقرارات العقل هي أمور تقوم على الإيمان الطوعي وليس على المشاحنة والتحريض، وأن الله عز وجل أعطى بنصه المقدس في القرآن حرية القرار فيها، وأن أصول طاولة الحوار الفلسفي والفكري لها شروط، تسمح للآخر بعرض فكره دون انتقاص منه، ما دام يُطرح بصورة علمية لا تحريضية، وليس بشكل تجديف سلوكي قبيح. وهذه مسؤولية أخلاقية وأمانة من قِبل المفكر المحاور، فإما أن يكون أهلاً لها، أو ألا يتقدم لمنصتها.
في حالة قناة الجوهر، الضيف مسيحي، وبدأ حديثه بمقولة ساخرة متواضعة من ذاته، وبلهجة لبنانية بسيطة، (أنا آخر واحد بيحق له يتكلم عن الإسلام في هيك مواضيع، اسمي جورج وصليبا كمان).. وخلافاً لما قد يعتقده البعض، عبر جورج صليبا إلى كل مساحات الفراغ المتخيلة عن تاريخ الحضارة الإسلامية، وقدّم لها قراءة معرفية بديعة، ولم يكن مضطراً أبداً لهذا النزوع لولا أنها قناعته الشخصية، التي تقرؤها بين عينيه قبل أن تسمع حديثه السهل الممتع.
والقراءة التي قدمها عن منتج الإمام الغزالي، وكونه إماما متقدما في الفلسفة، والتعريج على جوهر الروح في فلسفة الغزالي، لم تكن لتصدر إلا من شخصية متمكنة من البحث وبعمق في سر فلسفة الغزالي، وأن فلسفة الروح التي أغرق فيها الإمام، كانت لنزعة أخلاقية ذاتية، انطلقت من ركن معيب وجده في ميراث الفلسفة الغربية، وكهنوتية اللاهوت المضطربة، والتي هاجم عبرها الفلاسفة المسلمون الذين خاضوا في مسار هذه الفلسفة اليونانية، وميراث سقراط الكبير ومدرسته.
وهذا المدار لي شخصيا رؤية خاصة فيه، لا يسعني عرضها هنا، وهي من مطولات البحوث الفكرية في كيفية فهم روح الإمام الغزالي بإنصاف، لكنه فهم لا يُسقط ضرورة نقده رحمه الله.. ولكن هذا الجانب الأخلاقي الروحي الذي سيطر على حديث د. صليبا، أظهر لنا منهجا يكشف جوهره، وياله من جوهر!. فشكراً له بحجم حبنا للبنان وأَرزه.

رئيس المركز الكندي للاستشارات الفكرية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق