استفتاء على فلسطين

بواسطة | يناير 2, 2024

بواسطة | يناير 2, 2024

استفتاء على فلسطين

تاريخ العلاقة مع إسرائيل

لا يقاس عمر الدول بالأيام ولا بالساعات، لكنه يقاس بمراحل نمو الأمم وتطورها أو تأخرها، بعصور النور أو حتى عصور الظلام فيها.. لذا ظلت قضية فلسطين قضيةَ العرب جميعا – ومن ضمنهم المملكة العربية السعودية- ردحا طويلا من الزمن، ثم جاءت حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وشاركت السعودية فيها بالدعم وحرب البترول.

تأثير الحروب والدعم الأمريكي

وبعد اتفاقية السلام عام ١٩٧٩، خالفت مواقف الدول العربية – ومنها المملكة- منحى الاتفاقية، ورأت هذه الدول أن الرئيس السادات وقّع الاتفاقية منفردا، وأنه خان قضية العرب، فلسطين.. ومع نمو إسرائيل والدعم الأمريكي اللامحدود لها بدأت السياسة العربية تتغير، ومن ثم بدأت الشعوب تتعامل بنمط مختلف، لكن إسرائيل ظلت بالنسبة للعرب من المحيط إلى الخليج هي العدو، لذا لم تدهشني نتائج الاستطلاع الذي قام به معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى على عينة من الشعب السعودي، في الفترة من ١٤ نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى ٦ كانون الأول/ ديسمبر، وعنوانه الحرب بين إسرائيل وحماس؛ حيث اتفق ٩١٪ من السعوديين على أن هذه الحرب في غزة تعد انتصارا للفلسطينيين والعرب والمسلمين، “على الرغم من الدمار والخسائر في الأرواح”، وفي سؤال حول دور العالم العربي، قال ٩٦٪ “يجب على الدول العربية أن تقطع فورا جميع الاتصالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وأي اتصالات أخرى مع إسرائيل، احتجاجا على عملها العسكري في غزة”.

مواقف السعوديين تجاه النزاع الفلسطيني

من المعروف أن حركة حماس ليست لديها الشعبية الكبيرة داخل المملكة العربية السعودية كما لها خارجها، لكن الغريب أن ١٦٪ فقط من السعوديين قالوا إنه يجب على حركة حماس التوقف عن الدعوة إلى تدمير إسرائيل والموافقة على حل الدولتين، وأن ٩٦٪ عندما سئلوا: هل قتلت حماس مدنيين في طوفان الأقصى يوم ٧ أكتوبر؟ أجابوا بـ “لا”.

لا أستطيع الجزم بأن استطلاعات الرأي حاسمة تماما، صحيح أن هناك تزايدا لشعبية حماس داخل المملكة في الفترة الحالية، لكنها لم تصل إلى الحد الذي أظهره استطلاع الرأي الذي أجري عام ٢٠١٤، حيث كانت شعبية حماس وقتذاك أعلى مما هي عليه الآن داخل المملكة. أما عن نظرة المواطن السعودي إلى دعاية إسرائيل بشأن (الجيش الذي لا يقهر) وقدرتها على تحقيق الغلبة، فقد أظهر استطلاع معهد واشنطن ضَعف هذه الدعاية، حيث أقر ٨٧٪ من المشاركين بأن ما حدث في غزة مؤخرا يكشف أن إسرائيل دولة ضعيفة ومنقسمة من الداخل.. ولم يوافق سوى ٥٪ من السعوديين على إظهار المزيد من الاحترام لليهود على المستوى الشعبي.

الرؤى نحو السلام والتحولات الداخلية

أما بالنسبة للسلام مع إسرائيل، فقد أعلن ٧٥٪ من السعوديين -في الاستطلاع- عن تأييدهم للسلام، ودعم الدبلوماسية العربية في عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، وأكثر ما يقولون إنه حفزهم على ذلك هو تقديم الدعم الإنساني للسكان في غزة.. ومما أظهرته نتائج الاستطلاع أيضاً أن ٨٦٪ يرون أنه لا يوجد حل عسكري ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن هنا يجب التفاوض بين إسرائيل وفلسطين، و٨٨٪ أكدوا أن الإصلاح السياسي والاقتصادي الداخلي هو الأهم من أي قضية خارجية، وأنهم يجب أن يبتعدوا عن الحروب، وأن ٩٠٪ من السعوديين لديهم وجهة نظر سلبية تجاه حزب الله، وكذلك تجاه الحوثيين وإيران.

تحولات الرأي السعودي

في النهاية، هذا الاستطلاع شمل ألف سعودي عبر عينة وطنية تمثيلية، وهو لا يعبر تماما عن رأي كل الشعب السعودي، لكن الواضح أن هناك تغيرات عديدة تشهدها المملكة العربية، ليس من ضمنها محاربة الشعب الفلسطيني أو حصاره وتجويعه، حتى وإن كانت لها وجهة نظر سلبية مع حركة حماس أو مع الحركة الأم، جماعة الإخوان المسلمين، ليظل لمكة الرابط الروحي مع المسجد الأقصى وفلسطين، الذي من الصعب قطع وشائجه.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...