التشكيك في وساطة قطر.. هل تدفع الدوحة ثمن مواقفها الإنسانية؟!

بواسطة | أبريل 21, 2024

بواسطة | أبريل 21, 2024

التشكيك في وساطة قطر.. هل تدفع الدوحة ثمن مواقفها الإنسانية؟!

“الدوحة ترفض إساءة استخدام وساطتها لخدمة أهداف سياسية ضيقة من قبل البعض، وأكدت منذ البداية أنها ستسهم بشكل إيجابي في المفاوضات وجسر الهوة بين الأطراف”.. لم يكن معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ليخرج بهذا التصريح إلا بسبب تشويه صارخ، تقع الدوحة تحت نيرانه للتشكيك في قدرتها على إتمام اتفاق ينهي الحرب الشعواء على قطاع غزة، ويدفعها للإعلان عن إعادة تقييم وساطتها.

لم تقف قطر عاجزة عن إيجاد الحل بين الفلسطينيين من جهة، وإسرائيل ومن خلفها أمريكا من جهة أخرى، فهي تسعى وعلى مدار سبعة أشهر لإيقاف هذا النزيف، لكنها تغرد منفردة دون أي تجاوب مثمر من الطرف الإسرائيلي.. هي قادرة على حلحلة الأزمة بما تملكه من إمكانات في الوساطة، فقطر يدها بيضاء، أثبتت وعلى مدار سنوات طويلة – ولاتزال- أنها الوسيط الأنسب، تتمتع بعلاقات وثيقة مع كل الأطراف، تمكِّنها من التوسط في مفاوضات شديدة التعقيد، وتقديم حلول تنعكس على واقع المنطقة بأكملها.

تتعرض الدوحة لانتقاد على ما يبدو لسبب أبعد عما يمكن تسميته بـ “الوساطة”، فهي تقدم مساعدات طبية وإنسانية في محاولات حثيثة لكسر الحصار عن الفلسطينيين منذ اليوم الأول من الحرب، وهو ما لا يروق لطرف يطبق على الغزيين حصاراً لا يريد لهم منه خلاصاً؛ لكن قطر لم تغلق أبوابها في وجه المصابين، فمئات الأطفال والشباب الخارجين من تحت الركام اليوم تجدهم في مشافي الدوحة يعالَجون ويحظون برعاية بالغة، وعشرات الصحفيين الذين اتخذوا قطر وجهة أو محطة لهم، هؤلاء أخرجتهم قطر وسيكونون شهوداً على الجرائم الإسرائيلية بما وثقوا وشاهدوا وسجلوا، ناهيك عن رفضها كل الضغوط لإخراج قادة حماس من أراضيها.

كل هذا وأكثر يجعل القوى الفاعلة تبذل ما في وسعها لعرقلة الجهود القطرية، وإلقاء اللوم عليها كطرف متورط في منع إتمام صفقة تحل الأزمة، ما جعلها ترفض الألاعيب الإسرائيلية، و ترفض استخدام وساطتها للتغطية عما تقوم به إسرائيل ورئيس وزرائها.

تستطيع واشنطن تحجيم الغطرسة الإسرائيلية، والوقوف في وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يحاول إطالة أمد الحرب لتحقيق مصلحته الشخصية، لكنها لم تفعل ولن تفعل، وهي تصرح في العلن بخلاف ما يدور في الغرف المغلقة، حتى تبدو قطر هي المقصرة في التوصل إلى حل؛ حتى إن عرقلة عملية التبادل تحدَّث عن كواليسها مسؤولون في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقالوا إن التراجع الأمريكي المستمر والانحياز الدائم لإسرائيل يعرقلان مسار التفاوض.

أثبتت قطر دائماً أنها وسيط يمكن الاعتماد عليه، بداية من إنهاء أزمة الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات في ليبيا عام 2007، وانتقالاً إلى استضافة جولات وساطة لتخفيف حدة التصعيد ووقف التوتر بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وكذلك توقيع الأطراف اللبنانية في الدوحة اتفاقا توصلت إليه بوساطة قطرية، بعد 18 شهراً من أزمة سياسية عصفت بلبنان.

كان لقطر دور بارز في التوصل إلى هدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، خلال الحروب التي شنتها الأخيرة على قطاع غزة في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021.

وفي العام 2011، استضافت الدوحة مراسم توقيع ممثلي كل من الحكومة السودانية وحركة “التحرير والعدالة” الوثيقة النهائية للسلام في دارفور، ونجحت بعد فترة طويلة من مساعيها التصالحية في إبرام اتفاقية سلام بين حكومتي جيبوتي وإريتريا، لتسوية النزاع الحدودي القائم بينهما.

نجحت قطر في المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وإتمام اتفاق دارفور لوقف إطلاق النار، وفي الإفراج عن راهبات محتجزات في شمال سوريا، وصولاً إلى صفقة تبادل محتجزين بين أميركا وإيران.. فهل تعجز اليوم عن الوصول إلى حل لولا هذا التعنت الإسرائيلي؟!!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...