
الجزيرة التي صارت أرخبيلا
بقلم: جعفر عباس
| 1 نوفمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: جعفر عباس
| 1 نوفمبر, 2023
الجزيرة التي صارت أرخبيلا
تحتفل اليوم الجزيرة الفضائية بالذكرى السابعة والعشرين لانطلاقها، حيث أسهمت هذه القناة في تحديث المشهد الإعلامي العربي والعالمي. نستعرض في هذا المقال مسيرتها الرائدة وتأثيرها في تشكيل الرأي العام.
قناة الجزيرة الفضائية – رحلة طويلة من الأماني إلى الإعلام العالمي
يصادف اليوم (الأول من نوفمبر) الذكرى السابعة والعشرين لانطلاقة قناة الجزيرة الفضائية، التي جاءت حبلى بالأماني والآمال العراض، فكان أن أنجبت قنوات أخرى، ونطقت بأكثر من لغة، وصارت تتواصل مع الملايين عبر منصات رقمية، وهذا التناسل أنجب “شبكة الجزيرة الإعلامية”.
وكشخص شارك في مسيرة الجزيرة منذ ساعاتها الأولى، فقد كنت شاهدا على شهقة ميلادها، وكان مشهد كرة اللؤلؤ وهي تشق عباب الماء صاعدة كطائر الفينيق الخرافي، الذي يجدد نفسه ذاتيا المرة تلو المرة، تتويجا لأشهر من العمل الملحمي المتواصل، فقد كان الحلم بقناة عربية تكون مكرسة لخدمة الحقيقة، أقرب إلى الخرافة في أذهان معظم من عُرضت عليهم فكرة المشروع، لأن جميع قنوات التلفزة العربية كانت وقتها -ولا تزال- خاضعة لأهواء الحكومات هنا وهناك، وقامت على مجافاة قواعد العمل الإعلامي الاحترافي، ابتغاء مرضاة الحكام، كما كان هناك سوء ظن بالمشاهد العربي: هل يطيق قناة ليس فيها مسلسلات درامية أو رقص أو غناء أو مسابقات؟ وعليه كان الهاجس الصامت هو مقولة “المية تكذب الغطاس” لتثبت الجزيرة عند لحظة الحقيقة أنها جاءت لتكسر ذلك النمط المستكين، وتخرج عنه مستعصمة بالضوابط والقواعد المهنية والأخلاقية.
كانت فترة الإعداد لانطلاقة الجزيرة من أخصب الفترات في مسيرتها، فقد تولت كوادر محدودة العدد مهامَّ جسيمةً في مناخ من الود والزمالة، وكانت فرق الصحفيين والفنيين التي تقوم بالتحضير لإطلاق القناة متفرغة تماما لمهامها، لأن طواقم الإسناد الإداري والمالي تولت توفير كافة وسائل الراحة النفسية والجسدية للعاملين، بل إن أعضاء مجلس الإدارة بقيادة رئيسه الشيخ حمد بن ثامر كانوا يرابطون داخل القناة لمعظم ساعات اليوم، وعليه كانت كل مشكلة تعترض سير العمل تجد الحل الفوري، خاصة وأن الجميع كانوا يتطوعون للعمل خارج إطار توصيفاتهم الوظيفية.
كان أمير البلاد وقتها، صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة، وبحكم أنه صاحب فكرة القناة، يتابع التحضيرات لانطلاقتها عن كثب، وكان الفريق المشرف على المشروع قد اقترح أن تحمل القناة اسم “الصقر” أو “الصقر الذهبي”، ولكن الشيخ حمد جاء باسم “الجزيرة” الذي نال الاستحسان؛ وقبل بدء البث في الأول من نوفمبر عام 1996 بساعات، اجتمع الشيخ حمد بقيادات الجزيرة الصحفية وقال لهم: “العالم تغير الآن بوجود الأقمار الصناعية والكمبيوتر الذي يتيح البحث عن كل شيء خلال ثانية، فلا تحجبوا الحقيقة عن الناس.. قولوا الحقيقة حتى تكسبوا ثقتهم، فيشاهدوكم”، وكان ذلك تطمينا للكوادر الصحفية بأن استقلالية وحياد الجزيرة يحظى بسند من أعلى سلطة تنفيذية ودستورية في البلاد.
كانت الجزيرة أول مبادرة إعلامية تخاطب العالم الخارجي انطلاقا من نصف الكرة الجنوبي، الذي ظل عالة على شبكات إعلامية مثل “سي إن إن” و”بي بي سي”، وخلال أيام معدودة كانت قد نجحت في تحريك المياه الراكدة في العالم العربي، وصارت صوت من لا صوت له، بالتقيد المهني الصارم بشعار “الرأي والرأي الآخر”.
وجاء عام 1998 الذي شهد ضرب الولايات المتحدة وحلفائها للعراق بذريعة تجريده من أسلحة الدمار الشامل، في ما سُمي “عملية ثعلب الصحراء”، وكان للجزيرة وقتها مكتب في قلب بغداد، يضم فرقا فنية وصحفية نقلت إلى العالم الخارجي تفاصيل العمليات الحربية لحظة بلحظة، وصارت بذلك مصدرا رئيسا للأخبار والتقارير المتعلقة بالأوضاع في العراق خلال تلك الحرب، ولعل تغطية الجزيرة لمعارك ثعلب الصحراء هي التي أقنعت العالم الغربي بأن قناة جديدة وقوية العود المهني أثبتت أهليتها وجدارتها في سوح الإعلام.
وفي مواكبتها لأحداث 11 سبتمبر 2001 عند تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وجانب من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية، بثت الجزيرة أدلة قطعية بالصوت والصورة، مصدرها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، تؤكد أن أعضاء في التنظيم نفذوا عمليات التفجير تلك؛ ورغم أن جميع الوسائط الإعلامية في العالم، وعلى رأسها تلك الغربية، كانت تستقبل بكل ترحاب وتعيد بث ما تبثه الجزيرة عن خلفيات تلك العمليات، فإن غلاة اليمين الأمريكي الذين كانوا متحكمين في مفاصل السلطة في واشنطن في عهد جورج بوش الثاني، اعتبروا الجزيرة “مارقة” على بيت الطاعة الأمريكي، وظلوا وإلى يوم الناس هذا “يستهدفونها”.
عندما بدأ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كان مندوبو وموفدو الجزيرة موجودين في كل مدن العراق الكبرى، من البصرة جنوبا وحتى كركوك شمالا، وبذلك كانوا الطواقم الصحفية الوحيدة التي لا تثبت وقائع الحرب من المنظور الأمريكي وحده، كما كانت تفعل وسائل الإعلام الأخرى، التي ارتضت أن ترافق طواقمها قوافل الجيش الأمريكي، وتنقل فقط ما يقوله الناطقون باسم الجيش الأمريكي، ولم يغفر الأمريكان ذلك للجزيرة؛ ففي الثامن من أبريل من ذلك العام أصابت قذيفة شديدة الذكاء مكتب الجزيرة في بغداد، ما أسفر عن استشهاد طارق أيوب، ويكمن ذكاء القذيفة الفائق في كونها أصابت الهدف المنشود بدقة جراحية، فقد كان موقع المكتب معلوما لدى وزارة الدفاع الأمريكية وقيادة العمليات العسكرية في تلك الحرب، لأن الجزيرة كانت قد زودتهم بإحداثيات دقيقة للمكتب، كي يبعدوه عن الأماكن المستهدفة (وليس لقصفه)، ثم إنه بعد ذلك وفي ظرف نحو عام سرعان ما لحق المصور العراقي رشيد والي بالشهيد طارق أيوب.. وقبل ذلك، وفي العاصمة الأفغانية كابل، كان مكتب الجزيرة قد تعرض في نوفمبر من عام 2001 لسيل من القنابل الأمريكية.
وبتفجر ثورات الربيع العربي في وجه الأنظمة الديكتاتورية، ازداد طابور شهداء الجزيرة عددا بأن انضم إليه علي حسن الجابر ومحمد المسالمة وحسين عباس ومحمد القاسم وطارق نعيم ومهران الديري ومحمد الأصفر وزكريا إبراهيم ومبارك العبادي وإبراهيم عمر، عليهم رحمات الله، ثم وشيرين أبو عاقلة تمضي صوب جنين لتغطية أحداث فيها رماها قناص إسرائيلي برصاصة في مقتل، وسقطت ممسكة بالمايكروفون الذي ظل سلاحها على مدى ربع قرن، روت خلاله للعالم كيف يمارس الصهاينة العنف الأهوج بحق شعب أعزل.
لن تحتفل الجزيرة هذه السنة بذكرى انطلاقتها، ليس فقط لأن أحد أميز فرسان الكلمة فيها، وهو الأستاذ وائل الدحدوح، فقد رفيقة رحلة العمر وفلذات الأكباد بعد أن استهدفتهم آلة الحرب الصهيونية بقذيفة صاروخية وهم قابعون في بيتهم؛ بل لأنه لا يجوز لها ذلك، وقطاع غزة هدف لعدوان صهيوني شرس، يهدف لتدمير البشر والحجر والشجر في غزة، فالجزر التي تشكل أرخبيل الجزيرة الإعلامي، موجودة على الأرض في غزة شاهدة على شلالات الدماء.. فلا مكان للاحتفال، بل هذا مقام أن: نذكر الآن جميع الشهداء.. كل من خط على التاريخ سطرا بالدماء.. نذكر الآن جميع الشرفاء
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق