الجزيرة تُسقط وتفضح زيف ديمقراطية إسرائيل.. ونتنياهو المأزوم!!
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 11 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية!
في روايته البديعة "انفجار جمجمة"، رسم الأديب...
-
نموذج البطل
بعضُ الحوادث لا يُمكن أنْ تجتازَها بسهولة، تظلّ...
-
العالم الفكري للروائي عبد الرحمن منيف
الرمز في الشخصيات والزمان والمكان توثيق تاريخي...
-
فرية “النامي” وعملية غليلوت
الفرية التي جاء بها مشعل النامي على نساء غزة،...
-
هاريس ضدّ ترمب: ماذا أرى في الكرة البلورية؟
يتذكّر بوب وودورد Bob Woodword، الكاتب الصحفي...
-
مع مذكرات وزير إعلام عبد الناصر
تذكرت أنني اشتريت نسخة من مذكرات محمد فايق، وزير...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 11 مايو, 2024
الجزيرة تُسقط وتفضح زيف ديمقراطية إسرائيل.. ونتنياهو المأزوم!!
شكّل إطلاق شبكة قناة الجزيرة قبل 28 نقلة نوعية في الإعلام العربي، لم تكسر فقط رتابة الإعلام الخشبي الرسمي الذي كان يحتكر الأخبار وخاصة الرسمية، بل كسرت أيضاً كثيراً من المحرمات، وكان أبرز ذلك منح منبر لعرض وجهات النظر المعارضة للأنظمة الحاكمة.
تنتشتر الجزيرة في 95 دولة حول العالم، ولديها 70 مكتباً وثلاثة آلاف موظف، وتتعدى تغطيتها العالم العربي بحجم جمهور ومتابعين يصل إلى نصف مليار منزل حول العالم. والملفت سرعة فرض شبكة الجزيرة نفسها لجرأتها وتميز تغطيتها بصفتها “أول قناة إخبارية مستقلة في العالم العربي”، ومنافساً قويّاً لوسائل الإعلام العربية والدولية.
ومن الملفت كذلك نجاح شبكة الجزيرة بجميع قنواتها العربية والإنكليزية ومنابرها، بما فيها الإلكترونية – وآخرها “برودكاست أثير”- بشكل مبهر، لتصبح عن جدارة وثقة المنابر الأكثر مشاهدة ومتابعة في العالم العربي، والشبكة الوحيدة واسعة الانتشار على مستوى العالم، التي لديها مراسلين على الأرض في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وفي القدس والضفة الغربية وجنوب لبنان، يغطون جرائم حرب الصهاينة على مدار الساعة، ويستقي الإعلام العربي والدولي من تغطيتها. وآخر هؤلاء جون كيربي، منسق الاتصالات في مجلس الأمن الوطني الأمريكي، وذلك بعد يوم من قرار نتنياهو إغلاق قناة الجزيرة، بقوله إنهم في البيت الأبيض علموا عن طريق الجزيرة قرار موافقة حماس على مقترح وقف إطلاق النار بناء على شروط محددة وعلى مراحل ثلاثة.. وتمنع حكومة نتنياهو المتطرفة التغطية الإعلامية المستقلة لحرب الإبادة على غزة دون موافقة مسبقة للجيش.
أثارت الجرأة في تغطية شبكة الجزيرة، وخاصة قناة الجزيرة العربية، من خلال مناقشة ملفات وقضايا، واستضافة شخصيات معارضة للأنظمة العربية الحاكمة، انتقادات علنية لتغطية الجزيرة؛ لذلك تقاطر وزراء خارجية وإعلام عرب إلى الدوحة ليشتكوا من تغطية الجزيرة، كما أُغلقت مكاتب شبكة الجزيرة في عدة عواصم، وبعضها أكثر من مرة! كما حصل في الكويت والسعودية والإمارات والبحرين ومصر وسوريا والجزائر والمغرب والسودان ودول أخرى غيرها!
وكان ملفتاً أن من الشروط (المطالب الـ 13) لدول حصار قطر (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) إغلاق قناة الجزيرة، وإغلاق كافة وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر؛ ورد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بأن قناة الجزيرة لن تُغلق، ما يؤكد أهمية نفوذ قوة تأثير شبكة الجزيرة وقوتها الناعمة لدولة قطر. وكان الجيش الأمريكي قد قصف مقر قناة الجزيرة في كابول في الحرب على أفغانستان، وهدد بوش بقصف مكتب الجزيرة في بغداد بسبب فضح تغطيتها لجرائم الحرب التي ترتكبها قواته في الفلوجة خارج بغداد في العراق!
وقد انضمت إلى تلك القائمة دولة الاحتلال (إسرائيل) بإصدار نتنياهو قراراً بإجماع وزراء حكومته المتطرفة بإيقاف عمل شبكة الجزيرة وإغلاق مكاتبها ومصادرة معداتها. وفي انقلاب على مفاهيم الديمقراطية وتقبل الرأي الآخر في كيان يفاخر بأنه الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، يسقط نتنياهو ويضيف إنجازاً آخر إلى جرائم حربه في غزة، التي تضمنت رفضه وقف الحرب، واتباعه لسياسة التجويع والعقاب الجماعي والتطهير العرقي، فجاء مع ذلك السقوط المدوي بتكميم الأفواه وإطفاء أضواء الإعلام.
فاخر نتيناهو الأسبوع الماضي بتصويت حكومته بالإجماع على إغلاق مكاتب شبكة الجزيرة في إسرائيل، ومصادرة معداتها، واتهامها بأنها صوت محرض لحماس، واعتبار أن تغطية مراسيلها تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، ما يُعرّض حياة مراسلي الجزيرة للخطر، بناء على قانون الطوارئ! لكن الصادم كان صدور القرار بالإجماع، وهذا يفضح نفاق دعاة ديمقراطية إسرائيل، ويدين هذا الشعار ويُسقطه.. الديمقراطيات الحقيقية لا تكمم الأفواه كي يبقى شعبها مغيباً عن حقيقة وبشاعة ما يجري من حرب إبادة على غزة، كما تفعل حكومة نتنياهو تحت قانون الطوارئ، بمنع عمل شبكات الأخبار الأجنبية، وفرض رقابة عسكرية على ما يُبثّ في وسائل الإعلام!
ويوجه إغلاق نشاط شبكة الجزيرة سهماً للوسيط القطري المصمم على ممارسة دور الوساطة، برغم كل الصعوبات والعراقيل التي يختلقها نتنياهو في رفضه جميع المبادرات لإطلاق النار. ولكن تبقى قطر الوسيط الأكثر أهلية لأخذ دور الوسيط للوصول إلى وقف لإطلاق النار وإتمام صفقة تبادل الأسرى، برغم محاولات نتنياهو عرقلة وساطة قطر!
وقد أتى قرار منع عمل شبكة الجزيرة متزامناً مع القصف الاستعراضي، الذي نفذه جيش الاحتلال فجر 7 مايو خلال عملية عسكرية برية على معبر رفح، نفذ فيها قصفاً مركّزاً وأحزمة نارية، وأحكم السيطرة على معبر رفح مع مصر ورفع العلم الإسرائيلي على المعبر؛ كما وصل الاقتحام إلى معبر صلاح الدين (فيلادلفيا)، المنطقة العازلة مع مصر حسب معاهدة كامب ديفيد عام 1979، في تحدٍّ واستفزاز وإساءة واستخفاف بمصر ودورها الوسيط، وكذلك بالولايات المتحدة وبايدن شخصياً، وبوزير الخارجية ووزير الدفاع والبنتاغون، الذين كرروا رفضهم لشن عملية عسكرية دون حماية وترحيل المدنيين.
لم يعبأ نتيناهو لجميع الحلفاء – وعلى رأسهم بايدن- ويصر على تنفيذ العملية العسكرية الفاشلة، والتي لن تحقق أي من أهداف حربه التي فشل بتحقيقها على مدى سبعة أشهر، برغم تكرير نتنياهو بمراوغة وتناقض مفضوحين أن هدف العملية العسكرية في رفح القضاء على حماس وإنقاذ الأسرى! وهو لم يقض على حماس في سبعة أشهر من الحرب المسعورة، بينما عملية اقتحام جيش الاحتلال رفح، ستقود كما يخشى أهالي الأسرى الذين يتظاهرون يومياً مطالبين بصفقة مع حماس إلى قتل أبنائهم، ممن لم يقتلهم القصف الإسرائيلي المجنون والعشوائي على مدى سبعة أشهر!!
أثبت قرار إغلاق عمل قناة الجزيرة بأنها مستهدفة بشكل ممنهج لفضح تغطيتها المستمرة جرائم الصهاينة.. قصفوا مكتبها في برج الجلاء في غزة عام 2021، واغتالوا مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة عام 2022، وقتلوا زوجة وأولاد مدير مكتب الجزيرة وائل الدحدوح، وتبع ذلك محاولة اغتياله واستشهاد زمليه سامر أبو دقة.
مهما تآمروا، ستبقى الجزيرة منبراً ينشر الحقيقة، وسيسقط نتنياهو ومكائده ويُرمى في مزبلة التاريخ!
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
معضلة الإعلام عن غزة بين الحياة والموت
منذ طوفان الأقصى، ومواقع التواصل تحتفي بأخبار إبداعات أهل غزة، ومبادراتهم التي تنهض وسط الإبادة والحصار، وتطرق جدران الخزان لتبعث برسائل التحدي، بهدف إظهار تمردهم على الواقع الصعب الذي فرضه الاحتلال، وإعطاء الأمل للعالم في أن هذه الثلة الصابرة المحاصَرة المرابطة قادرة...
“انفجار جمجمة” على الحدود المصرية الليبية!
في روايته البديعة "انفجار جمجمة"، رسم الأديب النوبي الراحل "إدريس علي" صورة قلمية مدهشة لبطل الرواية "بلال"، الذي تداخلت شخصيته واختلطت سيرته بشخصية وسيرة "إدريس" نفسه. "بلال" باختصار إنسان مر بظروف قاسية في حياته.. قادم من الجنوب إلى القاهرة بثقافة "التهميش"، أحب...
نموذج البطل
بعضُ الحوادث لا يُمكن أنْ تجتازَها بسهولة، تظلّ طعنةً في القلب، وحربةً نافِذةً في الرّوح، ومع أنّ الدّموع قد تجفّ، والأيّام قد تمرّ، والعهود تتقادَم، إلاّ أنّ جرحًا ما يظلّ طريًّا نديًّا مهما غَبَرَتْ عليه السّنون. كيفَ تُنسَى وتلك الصُّورة الأُسطوريّة لرحيلك عصيّةٌ...
0 تعليق