الخطوط الحمراء في رفح

بواسطة | مايو 30, 2024

بواسطة | مايو 30, 2024

الخطوط الحمراء في رفح

ساعات قليلة كانت الفاصل بين صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي يطالب إسرائيل بإيقاف عملياتها العسكرية في رفح، وبين بداية سلسلة من المجازر البشعة يرتكبها السفاح الجزار “النتن ياهو” في القطاع، سيما في الأماكن التي وصفها جيشه بالآمنة.

وواصل جيش الاحتلال حرب الإبادة الحيوانية الوحشية في رفح، فلم يتوقف عند قصف المباني والمستشفيات، بل إن صواريخه وقنابله المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية طالت خيام النازحين، لتشعل النيران فيها، وتسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين. ثم يخرج علينا المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال ليعتذر عن الخطأ في استهداف مدنيين في مناطق صنفها جيش الاحتلال أنها مناطق آمنة، وطلب من المواطنين التوجه إليها.

هكذا تتعامل عصابة الصهاينة مع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، تضرب بها عرض الحائط، وتنفذ ما يحلو لها، دون خوف من محاسبة أو عقاب، طالما كان الراعي الرسمي لهم – الولايات المتحدة الأمريكية- حاضرا لتقديم كل أنواع الحماية والدعم.. وهذا بالضبط ما حدث مؤخراً.

تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء، وتصر على تحدي العالم بأكمله، وترفض الانصياع لقرارات محكمة العدل الدولية، بل تتطاول عليها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى تهديدات علنية ضد المحكمة الجنائية الدولية، لمجرد أن المدعي العام للمحكمة، البريطاني كريم خان، طلب من المحكمة إصدار مذكرات توقيف بحق بنيامين نتياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويوآف غالانت وزير دفاعه، بسبب جرائم الحرب التي تُرتكب على مدار ما يقرب من ثمانية أشهر في قطاع غزة.

ومع بشاعة وقساوة المشاهد التي يراها العالم على الهواء لمجازر “النتن ياهو” في رفح، يخرج علينا المسؤولون في الإدارة الأمريكية ليؤكدوا أنهم مازالوا يرفضون أي عملية عسكرية موسعة في رفح، ويصفوا المشاهد في استهداف خيام النازحين بأنها مروعة، لكنهم في الوقت ذاته يقولون إن إسرائيل لم تتجاوز الخطوط الحمراء في رفح بعد.. تخيلوا!

نعم جاء هذا على لسان جون كيربي، مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي تمت خلاله محاصرته بأسئلة من العيار الثقيل من جانب وسائل الإعلام الأمريكية، حول خط بايدن الأحمر في عملية رفح؛ وكعادته راوغ كيربي للهروب من الإجابة على الأسئلة المحرجة، تماما كما حدث في كل الوقائع السابقة، ومنها اغتيال عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي، التي توقف الجميع عن الحديث حولها رغم أن الكل طالب بتحقيق مستقل، بما في ذلك الدول التي ينتمى لها عمال الإغاثة، وفي مقدمتها أمريكا والمجر وأستراليا وبولندا.. ومرت الواقعة مرور الكرام، كغيرها من الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بدم بارد، ثم يقدم اعتذارا عنها دون أن يقدم المجرم للمحاكمة.

تثبت إسرائيل وبفضل الحماية والدعم الأمريكيين أنها فوق القانون والمحاسبة الدولية، لهذا ترتكب كل الجرائم بدماء بادرة، خصوصا مع استمرار فشلها العسكري، وغرقها في رمال غزة بفعل بسالة المقاومة الفلسطينية، ونجاحها في اصطياد أهدافها من جيش الاحتلال، وبنك أهدافها واضح وصريح يتمثل في العسكريين ومعداتهم ومركباته المدرعة؛ بينما تواصل العصابة الصهيونية تحقيق أهدافها فقط في القضاء على البشر والحجر والشجر في قطاع غزة، وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين، حتى زاد عدد الشهداء عن 46 ألف شهيد مع اقتراب شهر الحرب الثامن من نهايته، بخلاف تشريد مئات الآلاف، والقضاء على كل مقومات الحياة في القطاع، ومواصلة حرب التجويع التي بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة.

حرب الإبادة مازالت تُسقط أوراق التوت، وتكشف عورات كثيرين، فلا تصدقوا الصهاينة ومن يدعمهم ويعاونهم، فمن كذبوا على الله، وكذّبوا الأنبياء وقتلوهم، لا عهد لهم ولا ميثاق.

1 تعليق

  1. احمد ابوجناح

    لا يوجد خطوط حمراء للصهاينه الخطوط الحمراء رسمت لدول أفريقيا والشرق الأوسط فقط
    بالمختصر كل ماهو من منظمات دوليه تعمل لصالح الصهاينه وفي خدمتهم فقط لا غير .
    اين امه الي ٢مليار أين المسلمين من ما يدور نكتفي بالتنديد والاستنكار فقط لاغير

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...