السقوط الأمريكي في وحل “النتن ياهو”

بواسطة | فبراير 22, 2024

بواسطة | فبراير 22, 2024

السقوط الأمريكي في وحل “النتن ياهو”

كشفت حرب الإبادة في غزة حقائق مروعة عن القوى الداعمة والمشاركة. المقاومة الفلسطينية كشفت هشاشة جيش الاحتلال، بينما أظهرت القيادة الأمريكية تأزما وانحيازا لإسرائيل، مما يطرح تساؤلات عن دور الغرب في المنطقة.

كشف حقائق حرب الإبادة في غزة – الغرب ودوره المعاون

مقالي الأول هنا في “مدونة العرب” بعيدا عن الرياضة كان بعنوان طوفان الأقصى أسقط ورقة التوت وكشف العورات“؛ ونحن إذ ندنو من نهاية الشهر الخامس على حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على غزة، يتكشف لنا المزيد من الحقائق التي تحدثنا عنها سابقا.

كشفت المقاومة الفلسطينية هشاشة جيش الاحتلال الذي روج أنه لا يُقهر؛ فخلال ساعات اخترقت حصونَه، ودمرت فرقة غزة وأسرت المئات من الجنود والضباط، وعلى مدار ما يزيد عن أربعة أشهر لم يفلح جيش الاحتلال إلا في التدمير فقط، خلال حرب الإبادة التي يرتكب فيها كل جرائم الحرب، فهو لا يعرف غير تلك اللغة، ولا يجيد إلا استخدام القذائف والقنابل لقتل الحجر والشجر والبشر، واغتيال الأبرياء في حرب خالف فيها كل الأعراف والمواثيق؛ وقد اغتال الأطفال والنساء والأبرياء، ودمر المساجد والكنائس، واستباح المستشفيات ونكَّل بالمدنيين، وقطع الماء والوقود والكهرباء عن قطاع يحاصره منذ سنوات.. ومع كل هذا لم يفلح في تحقيق هدف واحد من أهدافه المعلنة، وهو يتجرع يوميا خسائر فادحة بفضل قوة إيمان وعزيمة وروح المقاومة التي تدافع عن الحق، ومازال جيش الاحتلال يتكبد الكثير والكثير من الخسائر في العتاد والأفراد، ومازالت قيادته تكذب وتروج للأكاذيب، وتراوغ كعادة الصهاينة دائما في كل زمان ومكان.

والأهم من كل ذلك أن طوفان الأقصى كشف الوجه القبيح للغرب الذي ادّعى المثالية، وانكشفت أمريكا وباتت في معزل عن كل العالم لإصرارها على مشاركة الكيان في جريمة الحرب، ومعها بعض الحلفاء مثل بريطانيا وألمانيا، وعلى استحياء فرنسا والاتحاد الأوربي.

لكن الجديد والمهم أننا اكتشفنا واكتشف العالم حقيقة أولاد العم سام، بفضل طفلهم المدلل “إسرائيل” وبسبب حكومة “النتن ياهو”، الأكثر تطرفا عبر التاريخ. وكانت الأيام الماضية كفيلة أن تكشف كذب القيادة الأمريكية، التي كانت تخرج علينا بتصريحات عرف العالم أجمع أنها بعيدة تماما عن الواقع، وتخالف ما يحدث في الغرف المغلقة؛ والأدهى أن “النتن ياهو” هو أكثر من كشفهم، خصوصا في تلك الأمور المتعلقة بالمفاوضات حول تطبيق هدنة تمهيدا لمرحلة وقف إطلاق النار.

فقد خرج علينا الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير خارجيته أنطوني بلينكن، والمتحدث باسم البيت الأبيض، يؤكدون الرغبة في التوجه الأمريكي نحو مرحلة وقف إطلاق النار، في تحول مثير أدهش المتابعين والمراقبين السياسيين، ويؤكدون مطالبتهم القيادة في إسرائيل التريث في شن حملة عسكرية على رفح.. فإذا بـ”النتن ياهو” يخرج هو ورفاقه ليؤكدوا عزمهم على مواصلة الحرب وعدم الرضوخ للضغوط الدولية.

بل إن صحيفة “معاريف” الإسرائيلية كشفت أن الولايات المتحدة وضعت شرطا على إسرائيل، مقابل الموافقة على تزويدها بذخائر دقيقة التوجيه، وقالت إن أمريكا اشترطت تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.. لكن الرد كان حاسما من جانب وزير المالية الإسرائيلي “المتطرف” بتسلئيل سموتريتش، الذي نفى ذلك تماما.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل إن المسؤولين في الحكومة الأمريكية ربطوا كل تصريحاتهم في الأيام القليلة الماضية بالتأكيد على حل الدولتين، والاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة؛ فجاء الرد صاعقا وقويا من “النتن ياهو” نفسه، الذي أعلن رفضه لأي مشروع للاعتراف بدولة فلسطين، ولم يكتفِ بذلك، بل طرح مشروعا في هذا الاتجاه على الكنيست، وكل تصريحاته الأسبوع الماضي تأتي مخالفة تماما لكل ما يصدر عن البيت الأبيض.

ورويدا رويدا، يكتشف الجميع حقيقة أن الحكومة الأمريكية ليست أكثر من أداة يتلاعب بها “النتن ياهو” كيفما شاء، ولا يعطيها أية اعتبارات، وينفذ ما يحلو له دون خوف، ودون أي ردع أو ضغط أمريكي.. وعلى العكس من ذلك، فقد تابعنا أن الولايات المتحدة لا تتأخر في تقديم كل أنواع الدعم لإسرائيل، عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا، وتستخدم كل نفوذها لخدمتها. ولن ننسى كلمات بلينكن في زيارته الأولى للكيان الصهيوني عندما قال “لقد حضرت بصفتي يهوديا”، ولا كلمات بايدن نفسه عندما اعترف بأنه “صهيوني” ولا يخجل من ذلك، بل طالب مجلس الشيوخ بتجريم محاربة الصهيونية مثل معاداة السامية، ولن ننسى أنه استغل سلطته لتقديم دعم عسكري لإسرائيل دون مراجعة الكونغرس، وتأمين صفقات أسلحة جديدة لها.

أمريكا سقطت بجدارة في الوحل بفضل “النتن ياهو”، وستعاني طويلا لتلميع صورتها مجددا أمام العالم.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...