انتصار الطلبة على إسرائيل؟

بواسطة | مايو 16, 2024

بواسطة | مايو 16, 2024

انتصار الطلبة على إسرائيل؟

أُصيبت الحركة الصهيونية وقادتها في أنحاء العالم بالصدمة والذهول، بعد اندلاع التظاهرات المطالِبة بوقف الحرب في غزة، والتي كانت بدايتها في جامعة كولومبيا في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في ١٨ إبريل الماضي.

وقبل أن يفيق الصهاينة من صدمتهم كانت التظاهرات قد امتدت خلال أيام إلى أكثر من ٧٠ جامعة أمريكية، على رأسها جامعات النخبة “هارفارد” و”ييل” و”براون” و”ماساشوستس” و”كاليفورنيا” وغيرها، ثم تجاوزت التظاهرات الولايات المتحدة إلى جامعات أوروبا، وحتى اليابان وكوريا ودول أخرى عديدة.

وكانت مطالب الطلبة المتظاهرين واضحة ومحددة، وهي وقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وسحب استثمارات الجامعات من إسرائيل؛ وقد كشفت هذه المطالب حجم التعاون الهائل بين الجامعات الغربية وإسرائيل، ليس في المجال العلمي والأبحاث التي تخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي وتطوير آلته العسكرية فحسب، وإنما من خلال حجم الاستثمارات الهائلة التي تقوم بها هذه الجامعات من خلال أوقافها في الشركات الإسرائيلية.

ومع رفض الطلبة فض اعتصامهم في كثير من الجامعات، لاسيما التي لم تستدع الشرطة لفض اعتصام الطلبة بالقوة، وكذلك حجم المعلومات الهائلة والدقيقة التي سرَّبها الطلبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن حجم الاستثمارات التي تقوم بها الجامعات في إسرائيل، ومع صمود الطلاب وقوة احتجاجهم – وهو الأهم-، أعلنت جامعات عديدة أنها ستدرس مطالب الطلبة، لاسيما ما يتعلق بسحب استثماراتها من إسرائيل، بينما أعلنت جامعات أخرى استجابتها لمطالب الطلبة، وأنها ستقوم بسحب استثماراتها وتعاونها مع الجامعات الإسرائيلية.

 ومن أهم الجامعات الأمريكية التي تجاوبت مع مطالب الطلبة جامعة إيفر جرين، التي أعلنت إدارتها  في ٣٠ إبريل الماضي عن التوصل إلى اتفاقية مع الطلاب المعتصمين تضمنت عدة بنود.

وفي الأول من مايو أعلنت جامعة  براون عن توصلها لاتفاق مع الطلبة المعتصمين تقوم بموجبه بالتصويت على سحب الاستثمارات من الشركات التي تدعم إسرائيل خلال ستة أشهر، وقد أصدر طلبة الجامعة بيانا اعتبروا فيه هذا الاتفاق انتصارا و”فوزا غير مسبوق”.

ويوم الخميس ٢ مايو، أعلنت جامعة ميني سوتا الأمريكية عن توصلها لاتفاق مبدئي مع الطلبة المحتجين المؤيدين لفلسطين، لإنهاء اعتصامهم في حرم الجامعة مقابل مناقشة سحب استثمارات الجامعة من الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

أما جامعة كاليفورنيا، فقد أعلنت في ٤ مايو عن توصل مستشار جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، كيم ويلكوكس، إلى اتفاق رسمي بين الجامعة و”طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، يتضمن تنازلات أدت إلى وعد بنهاية سلمية لـ”مخيم التضامن” احتجاجًا على تصرفات إسرائيل في قطاع غزة.

وفي اليوم نفسه (٤ مايو)، أعلنت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية أن جامعة كاليفورنيا ريفر سايد توصلت لاتفاق مع الطلبة المحتجين، لإنهاء اعتصامهم مقابل تعهد إدارة الجامعة بالإفصاح بشفافية عن استثمارات الجامعة والتعاون الأكاديمي مع الخارج.

وفي ٩ مايو، أعلنت كلية الاتحاد اللاهوتية التابعة لجامعة كولومبيا الأمريكية، التي سحب الاستثمارات من جميع الشركات المستفيدة من الحرب على قطاع غزة.

أما مجلس هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم بجامعة إيموري الأمريكية، فقد صوت يوم الجمعة ١٠ مايو بأغلبية ساحقة على حجب الثقة عن رئيس الجامعة جريجوري إل فينفيس، الذي استدعى الشرطة لفض اعتصام الطلبة وهيئة التدريس، حيث ظهرت رئيسة قسم الفلسفة في الجامعة، البروفيسور نويل مكافي، وهي مقيدة وتجرها الشرطة في مشهد لم تشهده الجامعات الأمريكية من قبل.

وفي ١٢ مايو، أعلنت جامعة جونز هوبكنز، إحدى أكبر الجامعات الأمريكية، أنها تمكنت من الوصول إلى اتفاق مع الطلبة المعتصمين في الجامعة بعد ١٤ يوما من التفاوض، تقوم الجامعة بموجبه بمراجعة استثماراتها في إسرائيل، مقابل أن يقوم الطلبة بفض اعتصامهم، ورغم أن الطلبة لم يعتبروا هذا انتصارا كاملا فإنه خطوة أولى جيدة.

كما أعلنت  جامعة روتجرز في ولاية نيوجيرسي الأميركية موافقتها على 8 من أصل 10 مطالب، وضعها المتظاهرون الذين أقاموا اعتصاما في قلب الجامعة؛ واختارت الجامعة الجلوس مع فريق من الطلبة للتفاوض بدلا من استدعاء شرطة نيوجيرسي إلى حرم الجامعة، كما حدث في جامعة كولومبيا بنيويورك.

 وفي بريطانيا أعلنت كلية ترينتي، أغنى كلية تأسيسية تابعة لجامعة كامبريدج في بريطانيا، يوم الأحد١٢ مايو، عن سحب استثماراتها من جميع شركات الأسلحة التي تستفيد منها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، حيث كانت الجامعة تستثمر ملايين الدولارات في شركات تصنيع المسيّرات والأسلحة الإسرائيلية. وقال العميد الأول، البروفيسور إيوين أوسوليفان الذي قاد المحادثات في ترينيتي: “نحن سعداء بالتوصل إلى هذا الاتفاق، ونحن ملتزمون بمزيد من المشاركة البناءة بشأن القضايا المطروحة، ونشكر الطلاب على مشاركتهم”.

أما جامعة جولد سميث البريطانية، فقد وافقت على سياسة استثمار أخلاقية جديدة، وسمحت للطلبة المحتجين بفرصة تقديم الأدلة على تورط الجامعة أو تواطئها مع إسرائيل.

 أما في إسبانيا، فقد أعلنت ٥٠ جامعة حكومية و ٢٦ جامعة خاصة عن قطع علاقات التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية، وربطت عودة التعاون بتنديد الجامعات الإسرائيلية باجتياح إسرائيل قطاع غزة.

وفي بلجيكا، أعلنت جامعة بروكسيل عن انسحابها من مشروع علمي بشأن الذكاء الاصطناعي تشارك فيه مؤسسات إسرائيلية، بسبب حرب إسرائيل على قطاع غزة، وقالت الجامعة في بيان يوم الأربعاء 8 مايو/ أيار 2024، إن قرار الانسحاب من المشروع العلمي اتُّخذ بعد تقييم جرى خلال اجتماع عقدته لجنة الأخلاقيات.

لقد نجح الطلبة في تحقيق انتصارات غير مسبوقة ضد إسرائيل والحركة الصهيونية، من خلال الاحتجاجات السلمية التي قاموا بها، حيث ما زال كثيرون منهم يواصلون الاحتجاج والإصرار على مطالبهم التي ستقود إسرائيل في النهاية إلى عزلة دولية، وربما تكون بداية النهاية للحركة الصهيونية ومشروعها المصطنع على أرض فلسطين.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...