انتصرنا!

بواسطة | نوفمبر 26, 2023

بواسطة | نوفمبر 26, 2023

انتصرنا!

يقدم المقال تحليلاً لمواجهة المقاومة وإسرائيل، مركزًا على الانتصارات الميدانية ومحاولات تضليل الحقائق من قبل إسرائيل. يستعرض التصريحات المثيرة والردود العربية، مع تحليل لتأثير وسائل الإعلام والتسويق الإعلامي على صورة النزاع على

انتصار المقاومة: مقارنة بين الواقع والتسويق الإسرائيلي

“أعمى من لا يرى من الغربال”، وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!
فقد تحققت أكثر أحلامنا جنونا بهذا الانتصار الذي حققته المقاومة على الكيان، ومسحت بكرامة جيشه البلاط في يوم عاصف، وهم الذين عادوا وزادوا، في أنه الجيش الذي لا يقهر، فما رئي الصهاينة العرب أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ، من هذه الأيام، وهم الذين انبعثوا يتحدثون عن ما يعتقدون أنه مسلمات، وهو انتصار إسرائيل، كما هي العادة!

وليس على القوم حرج، كما أنه ليس على المريض حرج، فهؤلاء رتبوا أحوالهم على أن إسرائيل أقوى من أن تهزم، وأن المقاومة ومعها الجيوش العربية أقل من أن تنتصر، فمن يقدر على جيش الدفاع، الذي ضمنت له الولايات المتحدة الأمريكية التفوق، حتى بدت شرعية كثير من الحكام يستمدونها من الرضا الإسرائيلي السامي، وشاهدنا طلائع المهرولين الى تل أبيب محلقين ومقصرين!
شاهدت مقطع فيديو من مقابلة تلفزيونية للفنان عادل إمام، وفيه يتحدث عن أن العرب لن يستطيعوا مواجهة إسرائيل، فهو بلد مرتب جداً، ومنظم جداً، وهي الحالة التي دفعت بعض المثقفين العرب، أن يذهبوا بعيداً في الترويج للتطبيع، فمنهم من سافر الى هناك، ومنهم من فكر في السفر، فهل لو كان الكاتب علي سالم، والمخرج حسام الدين مصطفى، والمفكر لطفي الخولي، بين ظهرانينا اليوم كان يمكنهم أن يواصلوا طريق الانبطاح، وهم يرون جيشاً غير نظامي، يوقع بإسرائيل هزيمة كبرى؟!
أدرك أن (لو) وإن كانت تفتح عمل الشيطان، إلا أنها في الوقت ذاته لا تعني تسليماً كاملاً بأنهم ل يمكن أن يعودوا من هذه “السكة البطالة” لو كانوا على قيد الحياة، وحولنا من اخذتهم العزة بالإثم، فمثلوا أبواقاً لنتنياهو، يرجفون في المدينة، ولا يعترفون بالهزيمة، فإذا أعيتهم الحيلة ذهبوا لكي يعدوا ما فعله العدو من جرائم، طالت البشر والحجر، والحروب لا تقيم بالاستعانة بالألة الحاسبة، أو بحفظ جدول الضرب!
وأدرك في الوقت نفسه، أن الخولي، وسالم، وحسام، هم أكثر استقامة سياسية من الأبواق السياسية والأذرع الإعلامية لنتنياهو، لأنهم وإن استقر في وجدانهم أن إسرائيل لا تهزم، وعليه انقلبوا على أعقابهم من دعاة للمواجهة الى الانبطاح للعدو السابق فلحسابات وطنية، أما من نراهم الآن من المرجفين في المنطقة، فدافعهم لهذا الموقف ليس وطنتيهم ولكنها الانتهازية بشحمها ولحمها.

يقول المخلفون من الأعراب كم أسير خرج بالمقارنة بأعداد القتلى والمصابين والتدمير الذي طال القطاع؟، وهو معيار لو أخذ به الأولون لما تحررت الأوطان، ولما واجهت الشعوب مستعمري بلادها، ولما كان هناك مبرر لانتصارات لو قيمت على قواعد تجار البقالة حيث “النوتة الزفرة”، لحسبت هزائم!
إن الشرطة المصرية التي واجهت قوات الانجليز في الإسماعيلية تنفيذاً لقرار وزير الداخلية المدني فؤاد سراج الدين، خسرت الكثير من الضباط في هذه المواجهة غير المتكافئة، لكن صار هذا اليوم عيداً الى الآن، لهذه المواجهة غير المتكافئة، وهذه الشجاعة التي جعلتهم يستبسلون دفاعاً عن أرضهم ورفض الإذعان لأوامر قوات الاحتلال!

إن الحروب تقيم بأهدافها، وإذا كان الانتصار العظيم يوم السابع من أكتوبر مسلما به، فهو انتصار لا يشكك فيه أحد، فإن ما ترتب عليه، كان انتصاراً مضافاً للمقاومة، حتى بالنسبة لحرب الإبادة التي خاضها العدو، فلأول مرة يشاهده العالم بهذا الجنون، ومن هنا خسرت إسرائيل سمعتها في العالم، وخرجت المظاهرات في عواصم كثيرة منددة بهذا الإجرام، وباكية غزة وأطفالها، وهي تشاهد الجيش الحضاري، كما تقول الدعاية، يستهدف المستشفيات، ويقصف المرضى، وحتى في هذه فشل في أن يثبت دعايته من أن المقاومة تعمل أسفل المجمعات الطبية، وبعد أيام من احتلال مجمع الشفاء الطبي، لم يجدوا من يلقون القبض عليه الا مدير المجمع، فأين غرفة العمليات التي تحدثوا عنها؟!

لقد نجحت المقاومة في أن تعيد قضية الفلسطينية إلى الصدارة، ليؤمن من يؤمن على بينة، ويكفر من يكفر على بينة، وقد شاهدنا أحرار العالم أكثر عدداً وأعز نفرا من الذين انحازوا لهذا الاجرام في العواصم الغربية، لتنخفض شعبية الرئيس بوش نفسه، فيبدو متراجعا بعد أن جهر بالمعصية وتبرير جرائم إسرائيل ضد المواطنين العزل!
أهداف الحرب كما حددها نتنياهو هي القضاء على حماس، ثم تواضع كثيراً وهو يقرر أن أهداف حملته العسكرية هو تحرير الأسرى بدون قيد أو شرط، وها هو يرضخ في النهاية فيقبل الهدنة التي رفضها من قبل، ويدخل في مفاوضات أعلت من قدر حماس، وجعلت يد المقاومة هي العليا، وهي تملي شروطها التي حددتها من قبل، ورفضها نتنياهو، فها هو الآن يرضخ!

وبعد الهدنة شاهدنا فصلا جديداً في كتاب الهزيمة الإسرائيلية، فقد تجرع رئيس الوزراء الإسرائيلي السم، ووافق على الهدنة، فأخذوا تعهدا على أهالي الأسيرات الفلسطينيات بأن يمتنعوا عن اعلان الفرح، بخروج بناتهم، فلما خرجن كانت ليلة انتصار مضافة إلى الليالي السابقة، وكانت الاحتفالات بل والهتافات باسم المقاومة، ورمزها محمد ضيف، تهز الأرض المحتلة، مع التحذير بأنهم سيقومون بإعادة اعتقالهن إذا احتفلن!
فلما كانت الليلة التالية، لم يجد العدو من سبيل سوى المنع القسري للاحتفالات، ومطاردة الصحفيين في مهزلة لا تكشف عن انتصار لإسرائيل، وانما عن اعتراف بالهزيمة!
إنني أعلم أن القصة لم تتم فصولاً، وأنه بانتهاء الهدنة ستبدأ الحرب من جديد، لكن ماذا في يد إسرائيل أن تفعله ولم تمارسه في ما قبل الهدنة؟!
لقد انتصرت المقاومة وهزم الجمع، ولا عزاء للصهاينة العرب، لأنه لا عزاء للسيدات!
“أعمى من لا يرى من الغربال”

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...