بالتعارف فيما بيننا وبالتعليم نعالج التحيز والعنصرية والعداء

بواسطة | أغسطس 28, 2023

بواسطة | أغسطس 28, 2023

بالتعارف فيما بيننا وبالتعليم نعالج التحيز والعنصرية والعداء

تنطوي العلاقات بين تركيا وقطر على صداقة لا تقوم على التعاون بين البلدين فقط، وإنما على التاريخ أيضا؛ وإنك أثناء تجولك في شوارع الدوحة ستجد عند القطريين الترحيب والصداقة والنهج الدافئ عند معرفتهم بأنك تركي. ولسفير الجمهورية التركية، مصطفى كوكصو، دور مهم في تطوير العلاقات بين البلدين الصديقين.
وعلى الرغم من المناقشات السياسية الشرسة داخل تركيا من وقت لآخر، أعتقد أنَّه من المهم -من وجهة نظري كصحفي- أن يكون هناك حاليا تعاون متبادل في ميادين السياسة والاقتصاد والدفاع بين الطرفين، لا أن تقتصر العلاقة على البعد التاريخي.
بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه لأنشطة تركيا في المجال الاقتصادي، فإن مساعدة قطر الأولية والمستمرة، ودعمها في مواجهة الزلزال الذي ضرب 11 مدينة في 6 فبراير، والذي فقد فيه أكثر من 50 ألفا من أبناء شعبنا حياتهم، أمر مهم ليس فقط ماديا ولكن أيضا معنويا. ويُظهِر الاتفاق المُوقَّع بين البلدين الأسبوع الماضي أن العلاقات ستتطور أكثر.
فبموجب بروتوكول التعاون الذي وقعته مؤسسة معارف التركية مع جامعة قطر وجامعة لوسيل في عام 2021، يحق لـ 50 طالبا تلقي التعليم الجامعي في الدوحة، عاصمة قطر؛ ومن المقرر إرسال 30 طالبا آخر للعام الدراسي 2023-2024، حيث سيدرس الطلاب في أقسام عدة مثل القانون وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد، ويتضمن برنامج المنح الدراسية هذا توفير التعليم الجامعي والإقامة والخدمات الصحية مجانا؛ هذا بالإضافة إلى توفير تذاكر طيران وتقديم 500 ريال قطري شهريا، مع خدمة تأمين دعم المنح الدراسية مرة واحدة في السنة.
قد تبدو هذه الأرقام بمحتواها صغيرة، ولكن بالنظر إلى حقيقة أن شخصا واحدا يمكن أن يحدث تغييرا كبيرا، يمكنك أن تتخيل كيف سيشكل هؤلاء الطلاب جسرا مهما للصداقة بين البلدين. وإن مهمة سفير جمهورية تركيا، مصطفى كوكصو، يتجلى فيها السعي لتحقيق هذه الغاية كأفضل ما يمكن.
تعرفت على مصطفى كوكصو عندما كان مديرا لمؤسسة معارف التركية، حيث شغل ذلك المنصب قبل أن يصبح سفيرا؛ ومنذ ذلك الحين، أتيحت لنا الفرصة لنتعارف عن كثب. وهو بالإضافة إلى كونه رجل أعمال ناجحا للغاية، فإننا جميعا نشهد ما فعله كبيروقراطي قدير للغاية ودبلوماسي حسن العلاقات، ليس فقط مع تركيا وقطر ولكن أيضا مع دول الخليج.
تأسست معارف التركية في عام 2016 بموجب قانون خاص سنَّه البرلمان التركي، وهي تعتبر مؤسسة تعليمية غير ربحية، توفر خدمات التعليم النظامي وغير الرسمي على أساس القيم الإنسانية، وهذا يعني أنها نافذة تركيا على العالم في مجال التعليم؛ وتهدف المؤسسة إلى التوفيق بين ثقافة تركيا وحضارتها من جهة وثقافات العالم من جهة أخرى، وهدفها النهائي هو تربية “الناس الطيبين”.
وتسعى المؤسسة من خلال الأنشطة التعليمية العالمية لتحقيق مهمتها الرئيسة في التخلص من الأضرار التي سببتها منظمة فتح الله الإرهابية، التي قامت بتسميم علاقات تركيا مع العالم بأسره؛ وقد قدم مصطفى كوكصو في هذا الاتجاه مساهمات مهمة للغاية في الجهود المبذولة حاليا برئاسة بيرول أيدين؛ لذلك أود أن أشير في مقالتي هذه إلى مؤسسة معارف التركية، التي بدورها ستقدم الدعم للشباب القطري أيضا، ومن هنا فإنّهم بحاجة إلى معرفة أهمية جهود ومبادرات هذه المؤسسة.
في إطار الأولويات المحددة بما يتماشى مع الخطة الإستراتيجية، أقامت مؤسسة معارف التركية صلات رسمية مع 106 دول حول العالم، بالتشاور مع الوزارات المعنية ومؤسسات الدول الأخرى. وهي تمارس نشاطها من خلال المؤسسات التعليمية والمدارس التي تم الاستيلاء عليها من منظمة فتح الله الإرهابية في البلدان التي تتمتع فيها بنفوذ، وتعمل على فتح مؤسسات تركية جديدة.
اتخذت مؤسسة معارف التركية خطوة مهمة من خلال الاستيلاء على 228 مدرسة، كانت تديرها منظمة فتح الله الإرهابية في 20 دولة في العالم. وهذه البلدان هي: إثيوبيا، أفغانستان، باكستان، تشاد، توغو، تونس، جمهورية الكونغو الديمقراطية، السودان، الصومال، العراق، غابون، غينيا، فنزويلا، الكاميرون، مالي، الكونغو، موريتانيا، النيجر.
وإلى جانب المؤسسات التعليمية التابعة لمنظمة غولن الإرهابية والتي تم الاستيلاء عليها، تم افتتاح 195 مدرسة جديدة، وذلك من أجل إنشاء مدارس بديلة في بعض المناطق ذات الأولويات الإستراتيجية، ولتلبية الاحتياجات التعليمية للشتات التركي. والبلدان التي تم افتتاح هذه المدارس فيها هي: أفغانستان، ألبانيا، أستراليا، أذربيجان، البوسنة والهرسك، بوروندي، جيبوتي، ساحل العاج، غامبيا، غانا، جنوب أفريقيا، جورجيا، العراق، قرغيزستان، جمهورية شمال قبرص التركية، الكونغو، كوسوفو، المجر، مدغشقر، مالي، مقدونيا، موريتانيا، النيجر، باكستان، رومانيا، السنغال، صربيا، سيراليون، الصومال، سوريا، تنزانيا، توغو، تونس، فنزويلا.
بالإضافة إلى ذلك تمتلك مؤسسة معارف التركية 22 مركزا تعليميا في أفغانستان وألمانيا والنمسا وبيلاروسيا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وإثيوبيا وفرنسا والكاميرون وجمهورية شمال قبرص التركية وكولومبيا ومالي وتونس، وجامعة واحدة في ألبانيا، ومركز دراسات تركي واحد في بيلاروسيا، و36 مهجع (سكن طلابي) في جميع أنحاء العالم.
في 51 دولة تتابع 423 مدرسة وجامعة واحدة ومركز أبحاث واحد و22 مركزا تعليميا، أنشطتها المقدَّمة لـ 50 ألفا و851 طالبا؛ ويعمل لدى مؤسسة معارف التركية 7960 موظفا في الخارج، 451 منهم من مواطني الجمهورية التركية، لتنفيذ أنشطتها. وبالإضافة إلى الأنشطة التعليمية المنفذة، تم التوقيع على 94 بروتوكولا مختلفا في 47 بلدا، لنقل المدارس المرتبطة بمنظمة فتح الله الإرهابية وفتح مدارس جديدة.
يدفعني لإعطاء هذا الوصف، وتقديم هذه التفاصيل عن مؤسسة معارف التركية، أن تركيا ستُحسِّن علاقاتها في المستقبل ليس مع قطر فقط، ولكن أيضا مع الدول الأخرى، فلا شيء أقوى من الصداقة التي يقيمها الناس فيما بينهم؛ ويتطلب هذا أن يعرف بعضنا بعضاً عن كثب، وأفضل طريق يتحقق به ذلك يأتي من خلال علاقة تعليمية شفافة وجيدة. كما أن علاج مرض مثل العنصرية المنتشرة في جميع أنحاء العالم اليوم لا يمكن أن يتم إلا بأن تتعارف الثقافات عن كثب وأن تُزالَ الأحكام المسبقة.
باختصار، تقوم تركيا من خلال مؤسسة معارف التركية ببناء جسور من الصداقة، وليس التعليم فقط.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...