مشاهد تسليم الأسرى.. نصر إعلامي جديد للمقاومة
بقلم: احسان الفقيه
| 28 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: احسان الفقيه
| 28 نوفمبر, 2023
مشاهد تسليم الأسرى.. نصر إعلامي جديد للمقاومة
تعكس معركة طوفان الأقصى تباينًا واضحًا في أداء الإعلام الإسرائيلي والإعلام التابع لكتائب القسام، حيث اعتمد الأول على نشر الأكاذيب وتضليل الرأي العام، بينما تميز الأخير بالكفاءة والاحترافية في التعامل مع الحدث.
تحليل إعلامي: تباين أداء الإعلام الإسرائيلي والإعلام التابع لكتائب القسام خلال معركة طوفان الأقصى
منذ أن انطلقت معركة طوفان الأقصى، ظهر التباين الواضح بين أداء الإعلام الإسرائيلي والإعلام التابع لكتائب القسام.
فإضافة إلى الأداء المضطرب المهزوز في تصريحات الاحتلال، اعتمد الإعلام الصهيوني منذ البداية على بث الأكاذيب التي تم فضحها على مرأى ومسمع العالم، ابتداءً من اتهام المقاومة بقطع رؤوس الأطفال الإسرائيليين، مرورا بتحميل صواريخ المقاومة مسؤولية الدمار الذي لحق بمستشفى المعمداني، وانتهاءً بالادعاءات التي صاحبت حصار واقتحام مجمع الشفاء الطبي من وجود مقر قيادي لحركة حماس وأنفاق وأسرى إسرائيليين، وكل هذه الأكاذيب كما أسلفنا قد تم كشفها بما يمكن اعتباره فضيحة جديدة تضاف إلى سلسلة من الفضائح التي اشتهر بها الإعلام الإسرائيلي.
وفي المقابل أدار الإعلام العسكري للمقاومة المعركة بكفاءة عالية واحترافية لا تكون إلا لدول متقدمة، جعلت العالم بأسره ينتظر تصريحات الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة”، والذي يظهر في كل مرة رابط الجأش، متزن الطرح، يدلي بمعلومات عجز الإعلام الإسرائيلي نفسه عن الرد عليها أو تكذيبها، يتلاعب بنفسية الاحتلال وشعبه بمهارة خاصة في ملف الأسرى، والأهم من ذلك أن إعلام المقاومة اعتمد نهج التوثيق بالصوت والصورة في عملياته، حتى في تلك العمليات التي نفذت من مسافة صفر.
هدنة الأيام الأربعة التي تم الاتفاق فيها على تحرير 50 من الأسرى في غزة، مقابل تحرير 150 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، كشفت عن انتصار جديد للمقاومة في الظهور الإعلامي الرائع خلال تسليم الأسرى الإسرائيليين في غزة.
ففي الوقت الذي يقتحم الاحتلال منازل المحررين الفلسطينيين لمنع الإدلاء بأقوالهم للإعلاميين، وفي الوقت الذي تحدثت المحررات الفلسطينيات عن المعاملة البشعة التي يتعرضن لها في سجون الاحتلال، تابع العالم بأسره باهتمام وشغف وتأثر، مشاهد الوداع ونظرات الامتنان والتلويح الحار من قبل الإسرائيليين المفرج عنهم تجاه جنود المقاومة الذين يشرفون على عملية التسليم، وهو ما عكس حجم الرعاية وحسن المعاملة وكرم الضيافة الذي حصل عليه الأسرى فترة إقامتهم في غزة.
قطعًا من المحال ومن الحماقة والسذاجة أيضا، القول بأن الأسرى المحررين تعرضوا للضغط لإظهار هذا الامتنان والوداعة والبشاشة مع جنود المقاومة، لأن هذه المظاهر لاحت أثناء وبعد استلامهم من قبل الصليب الأحمر على مرأى وسائل الإعلام، وليس داخل مقرات الاحتجاز في غزة.
مفارقة عجيبة في نظر متابعي العالم، أن هؤلاء الأشاوس الذين يواجهون عدوهم من مسافة صفر غير عابئين بالموت، الذين يحاربون بشراسة أسطورية، يتمتعون بهذا القدر من الأخلاق والسمت الطيب والرحمة والرأفة.
هذه المشاهد تمثل هزيمة للاحتلال، الذي يُفاجَأ بذلك التعاطف من الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم تجاه المقاومة، خاصة وأن تصريحاتهم لوسائل الإعلام تنفي عن المقاومة أي شبهة معاملة سيئة، وتحدثوا كثيرا عن الرعاية الصحية التي تلقوها في مقار الاحتجاز، وعن الاهتمام البالغ إلى حد أن مقاتلي القسام كانوا ينظفون الحمامات بأنفسهم لهؤلاء الأسرى، ويطعمونهم من طعامهم، وهذا بلا شك أمر غريب على هذا العالم الذي يفتك فيه الغالب بأسراه ويسومهم سوء العذاب.
هناك مصطلح يعرف بـ “متلازمة ستوكهولم”، هو استجابة نفسية يبدأ فيها الرهينة أو المختطَف بالتعاطف مع خاطفه وإقامة علاقات إيجابية معه بسبب المعاملة الحسنة.
جاء اسم هذه المتلازمة من عملية سطو فاشلة على أحد البنوك في ستكهولهم بالسويد عام 1973، عندما تم احتجاز أربعة موظفين كرهائن لمدة ستة أيام، وخلال هذه الفترة ذكرت إحدى الرهائن خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي أنها تثق تماما بخاطفيها لكنها تخشى أن تموت في اعتداء الشرطة على المبنى.
ثم كانت الحالة الأكثر شهرة المعبرة عن هذه المتلازمة، عندما تم احتجاز باتريشيا هيرست عام 1974 من قبل جيش التحرير السيمبيوني، ثم شوهدت الفتاة بعد شهرين ونصف وهي تساعد خاطفيها على سرقة بنك في كاليفورنيا.
هذه المتلازمة من الطبيعي أن يتم استدعاؤها في مشاهد إطلاق الأسرى الإسرائيليين، إلا أن متلازمة ستكهولم ليست تشخيصا نفسيا، بل طريقة لفهم الاستجابة العاطفية لبعض الأشخاص تجاه خاطفيهم، وهي لا تمثل حالة عامة، بل النسبة الشائعة الأكبر لا يحدث فيها هذا التعاطف من قبل الرهينة مع خاطفيه، وبالنظر إلى حالة تسليم الرهائن الإسرائيليين، نجد أمارات هذا التعاطف واضحة لدى الجميع تقريبا، ما بين ابتسامات، أو تلويحات بالوداع الحار، أو نظرات الامتنان، أو التصريحات بالمعاملة الحسنة.
ما يهمنا هنا هو ذلك الإطار الأخلاقي والقيمي الذي يحكم سلوكيات المقاومة وأدهش العالم، والذي لا يمكن أن يكون تفسيره إلا بأنه التزام جنود المقاومة بتعاليم الدين الإسلامي، وحرصهم على إظهار عظمته ومداه ومجاله الإنساني، ذلك الدين الذي جاء في نصه القرآني في معرض وصف عباد الله من أهل الجنة: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 8، 9].
يدل على هذا، تصريحات المفرج عنهم، الذين تحدثوا عن بدايات أسرهم بينما كان جنود المقاومة يطمئنونهم بأن القرآن الذي يؤمنون به ويلتزمون بتعاليمه يأمرهم بحسن المعاملة للأسرى.
هذه المشاهد لا ترفع أسهم المقاومة لدى شعوب العالم فحسب، بل تصحح لهذه الشعوب نظرتهم المشوهة تجاه الإسلام، بفعل ما صورته لهم النخب، أو الجماعات المتطرفة التي نأت عن تعاليم الإسلام، ولذلك تتوالى الأنباء عن وجود حالة غير مسبوقة في الغرب في اهتمامه بالبحث في تعاليم هذا الدين الذي ظهر معتنقوه على هذا النحو من العدل والرحمة والتسامح إضافة إلى الصبر والثبات والصمود.
بصرف النظر عن استمرار المعركة أو توقفها، فإن هذه الأيام التي شهدت الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة، سوف تسجل كنصر يضاف إلى انتصاراتها على العدو الصهيوني، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق