تصفير الخلافات يؤسس للتهدئة والتنمية المستدامة الخليجية؟
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 28 سبتمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 28 سبتمبر, 2023
تصفير الخلافات يؤسس للتهدئة والتنمية المستدامة الخليجية؟
شهدت منطقة الخليج منذ يناير 2021 حالة من التهدئة، واتجاها لتصفير المشكلات وخفض التوتر والتصعيد، ذلك الجو الذي كان قد صبغ العلاقات بين القوى المتصارعة في المنطقة.
الاتجاه إلى التهدئة جاء بدءا بحل الأزمة الخليجية في قمة العلا في السعودية في يناير 2021، بشكل أنهى ثلاثة أعوام ونصف من المواجهة والحصار ضد قطر من نصف الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما كان قد أضعف وأنهك واستنزف دول المجلس وكيانه ككل، بعدما تحققت له قيادة النظام العربي في مرحلة الربيع العربي، التي أسقطت أنظمة الحكم في تونس وليبيا ومصر واليمن، وسقطت فيها أنظمة عربية دامت لعقود.
لكننا بشأن المصالحة الخليجية وإعادة العلاقات الخليجية شهدنا مسارين؛ فقد قادت السعودية مسار تسريع المصالحة و تبادل السفراء والعلاقات الدبلوماسية مع قطر، وقابل ذلك مسار بطيء لم يكتمل بتبادل السفراء وإعادة العلاقات بين الإمارات وقطر حتى الصيف الحالي، وحال حتى اليوم دون إتمام تبادل السفراء بين البحرين وقطر.. وهكذا عادت المياه إلى مجاريها إلى حد كبير.
وانصرفت السعودية لأداء دور قيادي مهم وملفت في قيادة النظام الشرق- أوسطي بما تمتلكه من قدرات على أكثر من صعيد، خاصة في العلاقة الندِّية مع الولايات المتحدة؛ فقد شهدنا زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية في صيف 2022 لإقناع السعودية بزيادة إنتاج النفط في ذروة موسم انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر 2022؛ وردت السعودية ومجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا بخفض الإنتاج وليس برفعه؛ لكن العلاقة السعودية- الأميركية تمر بمرحلة مميزة كما أكد ولي العهد السعودي.
وأعادت السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية ضمن خطوات لتصفير الخلافات بوساطة الصين، بعد سبع سنوات عجاف من قطع العلاقات والحرب الباردة الإقليمية، التي امتدت على رقعة المنطقة من اليمن إلى سوريا ومن العراق إلى لبنان؛ وتسارعت خطوات المصالحة بزيارات متبادلة لمسؤولين وإعادة افتتاح السفارتين. وانعكست التهدئة السعودية-الإيرانية على تهدئة بهدنة غير رسمية بين السعودية والحوثيين منذ أكتوبر 2022، وتُوّجت لأول مرة منذ اندلاع حرب عاصفة الحزم وإعادة الأمل في مارس 2015، بزيارة وفد من جماعة أنصار الله الحوثيين إلى الرياض، برفقة وفد من سلطنة عمان، تضمنت عقد لقاء رسمي لمناقشة إبرام هدنة ووقف لإطلاق النار، في اختراق مهم يخفض التوتر ويوقف القتال.
كما مارست السعودية دورا قياديا لاستعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية في القمة العربية في جدة في مايو 2023، برغم عدم توفر إجماع عربي لمعارضة دولتي قطر والكويت؛ وفي تلك القمة كان الرئيس الأوكراني زيلنسكي ضيف شرف فيها. وفي اتجاه آخر التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وزير الخارجية الروسي في إطار الحوار الإستراتيجي الخليجي- الروسي في موسكو في يوليو الماضي.
وفي الوقت الذي استمر فيه التباين بين دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية، وتنويع السعودية ودولة الإمارات ودول المجلس لخياراتهم، شهدنا تقاربا مع روسيا والصين في القضايا التجارية والشراكة الاقتصادية والطاقة، حيث باتت الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في مجالات التجارة والاستثمارات وتصدير وأمن الطاقة (نفط وغاز) ومشروع الحزام والطريق الواحد؛ بينما تبقى الولايات المتحدة الأميركية الحليف الأمني والدفاعي الوحيد، وبلا منازع في مستوى القدرات والحضور العسكري وانتشار القواعد في منطقة الخليج، كما أن الأنظمة الدفاعية والعسكرية والتسلح أميركي بالدرجة الأولى؛ والمعلوم لكل من دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وروسيا والصين، أنه لا وجود لقدرة عسكرية ولا لقرار سياسي يجعلان من روسيا والصين بديلا عن الحليف الأمني الأميركي.
لكنْ برغم ذلك انضمت السعودية والإمارات ومصر، من بين حلفاء الولايات المتحدة، ومعهم إيران من دول الشرق الأوسط، إلى مجموعة بريكس في أغسطس الماضي، ضمن توسعة جاءت بانضمام ست دول دفعة واحدة بدءا من عام 2024 إلى المجموعة، المكونة حاليا من البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا؛ وهي رسالة تحدّ للغرب بتوفر بديل ومنافس للنظام السياسي والاقتصادي والمالي الغربي. بالتأكيد لم تنظر الولايات المتحدة لانضمام حلفائها بارتياح، خاصة بعدما طمأنت حلفاءها في دول المجلس بعد الانسحاب العسكري المرتبك من الصين في أغسطس 2021، بإرسال ثلاثة آلاف عسكري وفرقاطات بحرية ومقاتلات إلى منطقة الخليج لمواجهة القرصنة الإيرانية، ولبناء الثقة.
على صعيد آخر تُولي إدارة بايدن أهمية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وتترجم ذلك بزيارات مكوكية للمسؤولين الأميركيين إلى السعودية، شملت وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني والمسؤول عن ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني الأميركي، لمناقشة الشروط السعودية للتطبيع، وتشمل تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين بوقف الاستيطان والعمل على حل الدولتين وضمان حياة أفضل للفلسطينيين، وهذا ما أكده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلته المهمة مع فوكس نيوز الأسبوع الماضي؛ ومعه جاء تأكيده “كل يوم نقترب أكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل”. وتوافَق هذا مع تأكيد رئيس الوزراء نتنياهو لاقتراب التطبيع مع السعودية، وذلك في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي عرض فيها خريطة “الشرق الأوسط الجديد” للدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وفيها جاء قوله: “ويمكننا أن نحقق السلام مع المملكة العربية السعودية بقيادة الرئيس بايدن”.. لكن دون ذلك عقبات وتحديات باستحالة تقديم حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً وعنصرية لتقديم أية تنازلات للفلسطينيين، ومخاطر سقوط حكومة نتنياهو بانسحاب الأحزاب الدينية المتطرفة من التحالف الحكومي الهش.
وساهمت وساطة دولة قطر الناجحة بتحقيق صفقة معقدة لتبادل سجناء بإشراف قطري، بين أميركيين من أصل إيراني في إيران مقابل إيرانيين في سجون أمريكا، إضافة إلى الإفراج عن ستة مليارات دولار من أرصدة إيران المجمدة في كوريا الجنوبية؛ وهذا ما ساهم بخفض التصعيد وبالتوصل لتفاهمات واختراقات في أزمات المنطقة، بل حتى بإحياء مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني.
ماسبق كله يعزز التهدئة لتحقيق الرؤى الاقتصادية لدول المجلس فرادى وجماعات، وينعكس إيجابا على الأمن والاستقرار، ويحقق التنمية المستدامة لدولنا.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق