لا تُصلح شريك حياتك.. غيِّره في “التوكيل”!
بقلم: كريم الشاذلي
| 15 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
مقالات منوعة
بقلم: كريم الشاذلي
| 15 مارس, 2024
لا تُصلح شريك حياتك.. غيِّره في “التوكيل”!
جمعتنا مناسبة عائلية فأعدنا تعريف أنفسنا من جديد ..!
في زمن مواقع التواصل الاجتماعي صرنا أبعد بكثير، ونظن بأننا قرباء باللايك، وأننا أدينا ضرائب الصداقة وصِلة الرحم نظراً لأننا كنا إيجابيين وشاركنا بالكومنت!.
سنوات مرت قبل آخر مناسبة جمعتنا، لعب الزمن فيها لعبته على كل واحد منا، هذا بتجعيدة على جبينه، وذاك ببعض الشعرات البيضاء في منتصف رأسه، وآخر أقعدته السمنة فصار يلهث مع كل حركة يقوم بها.
دعانا هذا إلى أن يسأل كل منا صاحبه عما فعلت به الدنيا، ونتحدث عما وصل إليه حالنا.. وعندما وجه أحد أقاربي كلامه لي، مشدداً على متابعته لما أكتب، وتطرق إلى عملي في مجال العلاقات الأسرية؛ ارتسمت ابتسامة هادئة على شفة رجل مسن وهو يسأل: وهل وصل الحال بكم إلى تقديم محاضرات وكتابة كتب عن العلاقات الزوجية؟ يبدو أنكم تعانون كثيراً!
ابتسمت بدوري وأنا أشرح له ما تغير، وأجتهد في تأكيد قيمة ما أفعله، موضحاً أن الجيل الحالي يواجه تحديات كبيرة تستدعي منا طرح حلول خلاقة، ذلك أن كثيراً مما كان يصلح في الماضي لم يعد ذا جدوى في زمننا الحالي، وأننا بحاجة إلى تخطي فكرة التعلق بالزمن الجميل، وتقديم خطاب اللوم والتقريع لأبناء هذا الزمان، الذي لا يرضيه شيء، ولا يعرف قيمة النعمة التي بين يديه.
اعتدل الرجل في جلسته قائلاً بجدية: ليكن، ولكن جزءاً أصيلاً من مشكلة جيلكم يمكن تلخيصها في موضة “التوكيل”!.
أخذ نفساً قصيراً ملأ به رئته المتعبة قبل أن يقول بعدما اطمأن إلى انتباهنا لكلماته: في زمننا كنا نؤمن بقيمة الإصلاح، إصلاح الكرسي ذي القدم المتهالكة، التلفاز الذي لا يعمل إلا بالطرق، الحذاء الذي يتمرد على المجهود، السيارة التي تتعطل بشكل دوري ثابت، كنا نقول بألسنتنا فقط “اللي اتكسر ميتصلحش”، لكن الحقيقة أننا كنا نحاول إصلاح كل شيء، وعلى رأس ما كنا نعمل على إصلاحه هو علاقتنا التي يطالها السأم والبرود وتحوم حولها الضغوط والمشكلات.
وتابع قائلاً: مشكلة جيلكم الحقيقية أنه جيل تربى على راحة البال، يرى بأن الجديد أقل كلفة من إصلاح القديم، وبمجرد أن يتعطل شيء لديه يلقيه في سلة المهملات ويأتي بالجديد.. كما قلت، “التوكيل” يحل له المشكلة ويعيد كل شيء إلى حالته الأولى، وإن قبلنا – للأسف الشديد- هذا في “تيل الفرامل”، فكيف نقبله في علاقة إنسانية، يلقيها الواحد منكم خلف ظهره، باحثاً عن جديد يخلو من عيوب القديم؟
صمت الرجل لبرهة غامت فيها عيناه، يبدو أنه يعيد استحضار مشاهد ما من ذاكرته قبل أن يضيف باللهجة الجادة ذاتها: نعم كنا نُصلح ما انكسر، وفي مدة تقارب نصف القرن عشتها مع زوجتي، لا أذكر مرةً تم استحضار لفظ الطلاق فيها بيننا، لم يفكر واحد فينا أن يلقي صاحبه في سلة المهملات، كنا نُعالج دائماً مشاكلنا وفي أذهاننا فرضية واحدة.. أن لا بديل آخر سوى الإصلاح، فنصبر، ونتغافل، ونحاول أن نوطن أنفسنا على التعايش مع بعض مما نكره، لا يوجد شيء ينكسر يصعب إصلاحه.. جزء من سعادتنا الحقيقية كان في إيماننا الشديد “إن اللي انكسر لازم يتصلح”!
كعادتنا، حالما انتهى الرجل من كلماته أخذ كل واحد من الحضور يحاول تأكيد وجهة نظر مغايرة، انشغلوا في معركة الأجيال، وكيف أننا مظاليم رغم أنوفنا! غير أن صمتي طال كثيراً، ثمة تساؤلات ظلت تتردد في ذهني: هل اتساع الخيارات أمامنا كان حقا وبالاً علينا؟. هل أعجزنا حبل صبرنا القصير والمتهالك عن إعطاء الفرصة لصديق تغابى لبعض الوقت فأخرجناه من حياتنا لأن الجديد ينتظر؟! هل صرنا أكثر نزقاً وتوتراً وضيقاً، فلم نعد نبذل جهداً في الحفاظ على ما نملك، متحججين بأن الحياة أقصر من أن نقضيها في الإصلاح والمعالجة؟.
هل صارت عبارة “ريح نفسك وهات واحد جديد” لم تعد تشمل فقط الهاتف والسيارة والحاسوب الشخصي، وتغولت لتشمل حياتنا بكل جوانبها، الوظيفية منها والإنسانية؟. جزء من طمأنينة البال مرتبط بالرضا، وجزء من هذا الرضا نابع من التسليم بكثير مما وصلنا إليه، فهل نهش فينا غول “الطموح” حتى شوَّهَنا؟ هل “أفعل التفضيل” التي تطاردنا في كل مكان عوَّدتنا على التضحية السريعة بكثير مما نملك في طريق الوصول إلى شيء ما نطمع إليه؟.
لم يقطع حبل أسئلتي سوى ضحكة الرجل العجوز، التي رد بها على مناقشات الأقارب والأصدقاء، قبل أن يتوكأ على عصاه منصرفاً وهو ينظر إلي قائلاً: علموا الناس أن الحياة لا تعطي شيئاً بالمجان، وعليه لا يجب أبداً أن نبيع بسهولة، علموهم قبل أن يفكروا خارج الصندوق ـ كما تقولون ـ أن يفكروا داخله أولاً.. ربما وقتها تجدون شيئاً مما تبحثون عنه!
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
اييييه والف آه مما قيل
هذه هي الحقيقة لنتوقف قليلا وننظر إلى الحال الذي وصلنا إليه قبل أن يخطف منا العمر..
علموهم ان يفكرو داخل الصندوق قبل ان يفكرو خارجة
جمله عميقه جداً