مجموعة بريكس وتحديات تغيير النظام العالمي
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 31 أغسطس, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 31 أغسطس, 2023
مجموعة بريكس وتحديات تغيير النظام العالمي
تأسست مجموعة بريكس عام 2009، لتضم البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا عام 2010. ومن الأحرف الأولى لأسماء هذه الدول باللغة الإنكليزية أخذت المجموعة اسمها(BRICS) ، فكان ذلك اختصارا أطلقه الاقتصادي الإنكليزي جيم أونيل من بنك غولدمان ساكس الأميركي.. فحتى مصطلح (بريكس) غربي، وهدفهم تحدي ومواجهة الغرب!.
هدف المجموعة، برغم التحديات وتراجع جاذبيتها بعد سنوات، وتوقف عقد قممها إبان جائحة كورونا، هو تقديم نفسها بديلا أكثر عدالة وديمقراطية وتمثيلا للاقتصادات الناشئة في قارات العالم؛ ففي آسيا تشكل الصين والهند أكبر دولتين بعدد السكان في العالم، والصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وأول دولة مصدرة للبضائع، والهند لها الترتيب الخامس في الاقتصاد العالمي بعد إزاحة بريطانيا، وهي الأولى عالميا بعدد السكان؛ أما البرازيل ففيها أضخم اقتصاد وأكبر عدد سكان في أمريكا اللاتينية، وروسيا هي صاحبة أكبر ترسانة سلاح نووي واقتصادها هو الثاني عشر عالميا؛ ومن بين الأعضاء الخمسة تحل جنوب أفريقيا كصاحبة أصغر اقتصاد .
في التفاصيل تتباين الأهداف في المجموعة، فالصين وروسيا تريدان توظيف المجموعة لمواجهة النظام الغربي بقيادة أمريكا، وتسريع التحول إلى نظام متعدد الأقطاب على حساب الغرب بقيادة الولايات المتحدة، والتبرير هو أن تشكيل نظام متعدد الأقطاب سيكون أكثر عدالة وتمثيلا فعليّا للدول واقتصادات الدول النامية، بينما هدف الدول الأخرى تحسين أوضاع اقتصاداتها، وهذا التباين يُضعف المجموعة برغم توسعها؛ كما تسعى مجموعة دول بريكس إلى تقليص اعتماد التجارة العالمية والتبادل التجاري على الدولار الأميركي كمرجعية عالمية، بدءا بين أعضاء بريكس وفي تجارة النفط والغاز واحتياطي العملات.
أصبحت الصين الشريك التجاري والإستراتيجي الأول مع الدول الخليجية وغيرها من الدول العربية، بمجمل تبادل تجاري بين الجانبين بلغ 430 مليار دولار عام 2022، ربعه مع السعودية، ما يجعل الصين شريكا رئيسا في التنمية في المنطقة العربية، حسب ما أعلن وزير الاستثمار السعودي. واستجابة لطلب الرئيس الصيني في القمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية في ديسمبر 2022 في السعودية بتسعير النفط والطاقة مع السعودية ودول الخليج باليوان الصيني، أعلن وزير المالية السعودي في يناير 2022 انفتاح السعودية على التجارة بعملات غير الدولار، وسعّرت دولة الإمارات أول صفقة لبيع الغاز المسال للصين باليوان للمرة الأولى في مارس 2022. لكن أمام تحول التجارة العالمية لعملات غير الدولار تحديات كبيرة.
وسددت الأرجنتين مؤخرا دفعات من الديون باليوان الصيني، كجزء من دينها لصندوق النقد الدولي؛ وكذلك سددت بنغلاديش في أبريل الماضي دفعات مستحقة لروسيا مقابل بناء المفاعل النووي بالعملة الصينية بسبب العقوبات على روسيا، التي تحظر التحويل بالدولار، ما يؤدي إلى تراجع التبادل التجاري بالدولار الأميركي؛ وهذا هدف رئيس لمجموعة بريكس، للتحول إلى نهج اعتماد النظام المصرفي والتجاري العالمي واحتياطات عملات الدول على عملات غير الدولار، لكن ذلك لن يُضعف بقاء اعتماد التجارة العالمية واحتياطات العملات على الدولار.
تُعد قمة بريكس الخامسة عشرة، التي استضافتها جوهانسبورغ (من 22 إلى 24 أغسطس)، الأهم في تاريخ المجموعة، لوضعها أسس دعم وتعاون وخططا وتوجهات، ولقبولها انضمام ست دول جديدة دفعة واحدة، في أكبر توسيع للمجموعة. وقبول ست دول من بين ثلاث وعشرين دولة تقدمت بطلبات عضوية أثار تساؤلات عن المعايير والشروط المعتمدة، وأثيرت أسئلة من قبيل: لماذا قُبلت عضوية ست دول، هي السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، وأربع من تلك الدول ليست أعضاء في مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم؟!.
ورُفضت أو أُجلت طلبات انضمام 17 دولة من 23 دولة، لكن لم تُوضح المعايير القياسية والجيو-إستراتيجية لقبول أو رفض قبول عضوية الدول، وتم تأجيل عضوية دول لقمة بريكس القادمة في روسيا العام القادم. واللافت بشكل خاص، أنه تم رفض وتأجيل قبول دول صاحبة اقتصادات قوية ولها ثقل في أقاليمها، مقابل قبول عضوية دول أقل أهمية وأوضاعها الاقتصادية متعثرة ومأزومة!.
لماذا لم تُقبل إندونيسيا، عضو مجموعة الـ 20 وباقتصاد يبلغ 1.3 تريليون دولار، وهي أكبر دولة مسلمة في العالم وفي جنوب شرق آسيا؟ ولماذا لم تُقبل عضوية نيجيريا صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا، وأكبر دخل بلغ 491 مليار دولار؟ وماذا عن الجزائر والمغرب والكويت؟ وماذا عن كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى؟. ومع قبول عضوية ست دول من 23 دولة يأتي السؤال: لماذا قُبلت مصر وإثيوبيا والأرجنتين برغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة لهذه الدول، ومحدودية تأثيرها ونفوذها؟.. اقتصاد نيجيريا أكبر من اقتصاد مصر وإثيوبيا والأرجنتين المفلسة.
واضح وجود التسييس والترضيات والرسائل من روسيا والصين، والأولوية لدول تتمتع بثقل ونفوذ ومال ومصادر طبيعية ووضع اقتصادي مستقر، ولديها نفوذ وتوازنات وسمعة عالمية للاصطفاف بوجه الغرب، وضم حلفاء وخصوم أمريكا والغرب.
تستحق كل من السعودية والإمارات العضوية، لاقتصادهما ونفوذهما ودورهما الإقليمي وتأثيرهما بالاقتصاد العالمي؛ وقد دعمتهما الصين، وروسيا قائد مجموعة أوبك بلس مع السعودية، وساعد في ذلك نجاح وساطة الصين بين السعودية وإيران، وكون السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط تجاوز تريليون دولار، وأنها وإيران تتمتعان بثقل إقليمي ودولي، ولديهما مخزون عالٍ من مصادر الطاقة. وتتمتع دولة الإمارات بحضور إقليمي، وبرز موقفها من حرب أوكرانيا باستضافة آلاف الروس الأغنياء، ولديها ثروتها النفطية والاستثمارات، وقد تطورت علاقتها مع الصين، وهي عضو في مجموعة I2U2-مع الهند وإسرائيل وأمريكا؛ وعندها برنامجها الفضائي وتقنية المعلومات. بينما لم تُقبل عضوية الكويت الغنية بالنفط، وصاحبة خامس أكبر صندوق سيادي واستثمارات في العالم، ومجمل ناتجها القومي يبلغ 184.5 مليار دولار، وبذلك تتقدم على اقتصاد إثيوبيا (156 مليار دولار).
واضح أن هدف تحالف (بريكس بلس) بعد التوسع مواجهة أمريكا والغرب، وتوفير خيار ونموذج بديل وناجح لدول الجنوب والاقتصادات النامية، يتحدى ويناطح النظام الدولي، وصولاً إلى إضعاف هيمنة الغرب وإضعاف هيمنة الدولار في التجارة العالمية، لتوصل بريكس رسالة أن زمن هيمنة الغرب على النظام العالمي تراجع.. لكن أمام ذلك تحديات كبيرة!.
والسؤال: كيف سيكون التعامل والرد من أمريكا والغرب على خطط الصين وروسيا، وعلى انضمام حلفاء أمريكا إلى بريكس؟ بشكل خاص، تحذر الدراسات الأمنية والدفاعية وتقارير الاستخبارات ومراكز الدراسات منذ عقد، من أن تشكل الصين وروسيا (قيادة بريكس) أكبر تهديد لأمن ومصالح وزعامة أمريكا العالمية؟!.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق