مسارات الكواري

بواسطة | فبراير 12, 2024

بواسطة | فبراير 12, 2024

مسارات الكواري

الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير ودبلوماسي متميز، يروي في حواره مع منصة نبراس مغامراته في عالم الدبلوماسية، ويبرز دور الأدب والسرد في توثيق تجاربه.
حكاية تجسدت في مواقف دبلوماسية محورية من بيروت إلى واشنطن، مع استحضار لدور الأسرة في نجاحاته.

الدبلوماسي حمد الكواري – بين صروف السياسة وجمال الأدب

بعض الساسة والدبلوماسيين إذا تحدثوا وجدتهم مثل الأدباء في صياغة القصة بتمكنهم من السرد والإبهار.. الوزير والدبلوماسي الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري أحد هؤلاء، وقد شاهدت له مؤخرا عبر برنامج مسارات، الذي تذيعه منصة نبراس، الجزء الأول من حديثه الممتد، استعرض فيه تجربة حياته الإنسانية والدبلوماسية عبر عمر من العمل الدبلوماسي.

استطاعت منصة نبراس في فترة بسيطة تحقيق نجاح وانتشار كبيرين على السوشيال ميديا، كما أن عبد الرحمن الشمري استطاع إجراء أحاديث مع شخصيات لها قدرها، مثل علي أكبر صالحي، سعد الرميحي، حمد الكواري؛ ويصح فيه قول محمد حسنين هيكل “صاحب الحوار الحقيقي هو صاحب السؤال وليس صاحب الجواب”.

تناول د. الكواري في حديثه طفولته في الغارية في قطر ودراسته فيها، ثم انتقاله إلى الرميلة في الدوحة عام 1956، وتعلمه القرآن الكريم، والتحاقه بعد ذلك بالمعهد الديني عند تأسيسه، وقد أكمل فيه المرحلتين الإعدادية والثانوية، ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة الأزهر لكنه لم يكمل فيها العام، حيث التحق بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة، وتخرج منها عام 1970، ثم عمل لعام في مدرسة، وانتقل للعمل في سفارة دولة قطر في بيروت مع الشيخ محمد بن حمد بترشيح من الشيخ سحيم بن حمد، أول وزير خارجية لدولة قطر.

كان حمد الكواري شابا في الحادية والعشرين من عمره، وإذا بمسارات الحياة تنفتح أمامه لترسم أولى عتباتها، ويتدرج في السلك الدبلوماسي بدءا من رحلة عمل أولى إلى بيروت، حيث الطبيعة الساحرة مع العراك السياسي الدائم وثعالب الدبلوماسية التي تتحرك في غابات السياسة والحروب، حتى أنه شهد اغتيال “أبو يوسف النجار” و”كمال عدوان“، وهما من كبار قادة حركة فتح، بعد إنزال إسرائيلي تبعه تفجير منزليهما، كان الكواري يسكن قريبا منهما على مسافة ربما لا تتجاوز الخمسمائة متر.

بعد ذلك انتقل إلى دمشق، عتبته الدبلوماسية الثانية بطبيعتها الساحرة الغناء أيضا وتموجاتها السياسية، كانت قد خرجت من حرب أكتوبر 1973 قبل ذلك بعام، وبدأ الخلاف بين الرئيس حافظ الأسد والرئيس أنور السادات. في ذلك الوقت التقى د. الكواري الرئيس حافظ الأسد مع الشيخ سحيم بن محمد وزير الخارجية القطري، وقرر برغبة من نفسه كتابة محضر جلسة رئيس الدولة معهما.. يقول الكواري إن الأسد يميل إلى السرد والاستطراد وربط الأحداث الآنية بوقائع تاريخية، لذا يظل يتحدث لوقت طويل فيمتد اللقاء لساعات، وهذا ما حكاه لي أيضا الطيب تيزيني، المفكر السوري الذي التقى الأسد في اجتماع خُطِّط له أن يكون قصيرا فامتد لثماني ساعات.

كما أتاح له الحظ أن يسكن في منطقة يسكن فيها الرئيس حافظ الأسد، وأنا أعرف هذه المنطقة جيدا، وقد بقي فيها الرئيس بشار الأسد أيضا، وهي غرب المالكي، حيث كنت أزور الدكتور صباح قباني كثيرا في بيته هناك، وفي المرة الأولى وجدت حراسة مشددة، فسألته عن الأسباب التي تستدعي توفير حراسة له،  فقال لي إن الرئيس يسكن بالقرب من هنا، قلت له ضاحكا: ولماذا يسكن الرئيس بجوارك!

بعد ذلك عُيِّن د. الكواري سفيرا في باريس، ويبدو أنه كُتب للكواري في القدر أن يعمل في مدن البهجة والجمال، بيروت ودمشق وباريس؛ ثم طلب من سمو الأمير الوالد، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أن يعمل في نيويورك في الأمم المتحدة، وبعد عدة سنوات (عام 1990) طلب منه العمل سفيرا لقطر في واشنطن في عهد الرئيس بوش، وقد استطاع مع قيادات الدولة إنهاء المقاطعة الأمريكية لقطر بعد زيارة ديك تشيني لها أثناء حرب الخليج الثانية.

من اللافت للرائي في حديث د. الكواري صدقه مع نفسه واتساقه مع فكره، وأنه استطاع في كل مرحلة من مراحل عمله أن يحقق نجاحات كبيرة، سواء على مستوى العمل الدبلوماسي أو على المستوى الشخصي، مثل تعلمه اللغة الفرنسية في فترة قصيرة ودراسته الدكتوراه في أميركا.

اللافت للرائي أكثر جرأته في الحديث عن دور المرأة في مجتمع محافظ، لقد رد الفضل لأهله وللمرأة بحديثه في العلن عن دور زوجته السيدة أم تميم في نجاحاته المتواصلة وتعليم أولاده تميم، عمران، إيمان، ومساندتها له في القيام بالدور الأساس في حياته، حيث نجحت أم تميم في أن تخلق له استقرارا كبيرا في عمله، حقق به نجاحاته المتواصلة؛ فانشغلت هي بدورها الكبير في تنشئة الأطفال وتعليمهم ومتابعة دراستهم كاملة، وقد صدق حافظ إبراهيم في قوله:

الأم مـدرسـة إذا أعــددتـهـا   أعددت شعبا طيب الأعراق

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...