من قطر إلى المغرب مروراً بليبيا.. الدوحة التي لا تزال تُثمر
بقلم: جابر بن ناصر المري
| 17 سبتمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: جابر بن ناصر المري
| 17 سبتمبر, 2023
من قطر إلى المغرب مروراً بليبيا.. الدوحة التي لا تزال تُثمر
يجري العرف الإنساني، حين تنزل النوازل، وتقع الكوارث الطبيعية، أن تتضافر الجهود، لإغاثة الملهوف، وإعانة المنكوب، ومد يد العون لمن انقطعت بهم السبل، ودارت عليهم الأيام؛ والدول في ذلك بين سابقة ومقتصدة بالمساعدات.
وإذا ذُكرت قطر في هذا السياق، كانت هي السابقة، والمبادرة للقريب والبعيد، والقاصي والداني، دون تفرقة بين عرق ولون ودين، وكانت فزعتها لأشقائها العرب، الأقرب رَحِما ودارا، أسرع وأنجز وأسخى.
آخر ما سعت فيه قطر، كان قبل أيام في نكبة المغرب الأخيرة، مساء الجمعة الماضية 9 سبتمبر/أيلول 2023، إذ تعرضت البلاد لهزة أرضية عنيفة، بشدة 6.8 درجات، ضربت منطقة الحوز، جنوب غربي مراكش، كانت الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدول الواقعة في الشمال الأفريقي قاطبة، وقد بلغ -حتى كتابة هذه السطور- نحو 3000 قتيل، مع أكثر من 5000 جريح ومصاب، ودمار واسع، أصاب مراكش وما حولها من القرى.
وإزاء هذه الكارثة البشرية المروعة، يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن، للعثور على ناجين تحت الركام، وتقديم المساعدة لمئات العالقين، من الأسر التي فرّت من منازلها المهدمة وليس لها سوى الملابس التي ترتديها، واضطروا من ليلتها إلى افتراش الطرقات والأرصفة، حتى تتكشف الأزمة، أو تجد المساعدات المحلية، والدولية إليهم سبيلا.. اللافت أنه من بين حوالي 70 دولة، أعلنت استعدادها لمساعدة المغرب في محنتها، وافقت السلطات المغربية في البداية على عروض 4 دول فقط هي: قطر، والإمارات، وإسبانيا، وبريطانيا.
وفي غضون ساعات، كانت مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية قد حطت في الأراضي المغربية، ممثِّلةً اللجنة الدائمة لأعمال الإنقاذ والإغاثة والمساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة بالدول الشقيقة والصديقة، وجاءت معززة بآليات ومعدات متخصصة، وبمساعدات طبية وإنسانية عاجلة، وبدأت بالفعل عملها منذ صباح الثلاثاء الماضي في انتشال الجثث، وإنقاذ العالقين، والإمداد بمياه الشرب، والبطانيات، والوجبات الساخنة، وسلال غذائية تحتوي على مواد تموينية أساسية تم توزيعها على المتضررين.
وبموازاة التوجه الحكومي الرسمي، أعلنت “قطر الخيرية” تخصيص 5 ملايين ريال قطري (نحو 1.3 مليون دولار)، وخصص الهلال الأحمر القطري مليون ريال (نحو 274.6 ألف دولار) كاستجابة عاجلة، لتوفير الاحتياجات الضرورية، من خيام وبطانيات، ومواد غذائية، وصحية.
في دولة شقيقة أخرى، كانت كارثة هائلة قد نزلت بالأشقاء الليبيين، إذ عتا إعصار دانيال على مناطق الشرق الليبي، والجبل الأخضر، ليحيلها إلى منطقة منكوبة، بحسب ما أعلنه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية. ولم تكن الأعاصير على ليبيا، أرحم من الزلازل على المغرب، فقد اجتاح الإعصار دانيال مدينة درنة الساحلية، وعجز أول السدود الحاجزة للمياه عن كبح الطوفان، فتدفقت سريعا نحو السدّ الثاني المتهالك، ما أدى إلى انفجاره أيضاً، ليُغرِق المدينة بمن فيها، مبتلعا أحياء كاملة، ومحيلا المدينة إلى ركام متناثر، مساهما في قتل الآلاف – 3000 قتيل حتى الآن- كما تم الإبلاغ عن فقدان نحو 10 آلاف شخص، حسب تقديرات الهلال الأحمر.
على ذات النسق الإنساني العربي، فإن هزات المغرب لم تشغل قطرعن مأساة ليبيا، فقد بادرت الدوحة، مع عواصم خليجية أخرى بإرسال مساعدات عاجلة مختلفة على متن طائرات إلى ليبيا، بينها مستشفى ميداني قدمته دولة قطر، وتبعتها طائرة أخرى تحمل مواد طبية وغذائية، مقدمة من الهلال الأحمر القطري، واللجنة الدائمة لأعمال الإنقاذ والإغاثة والمساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة، كما سيَّرت عبر القوات الجوية الأميرية القطرية، شحنة من مواد الإغاثة العاجلة، للمتضررين من الكارثة، إضافة إلى إنفاذ فريق البحث والإنقاذ الدولي، بقوة لخويا القطرية، إلى الأماكن المنكوبة للمساهمة في إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة.
يعيد هذا للذاكرة القريبة، الزلزال الكارثي الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، في فبراير الماضي، إذ بلغ حجم مساعدات قطر الإنسانية للضحايا، نحو 253 مليون ريال (نحو 70 مليون دولار)، ومدّت الدولة جسراً جوياً بأكثر من 30 رحلة، محملة بأكثر من 600 طن، من المساعدات الغذائية، والطبية، والإنسانية، وشحنت نحو 10 آلاف وحدة سكنية جاهزة من المنازل المتنقلة.
وغير بعيد أيضا، وقوف الدوحة إلى جوار الأشقاء في لبنان، حين أعلن صندوق قطر للتنمية، في أغسطس الماضي، عن توقيع اتفاق يهدف إلى توفير الوقود للجيش اللبناني، لمدة تصل إلى 6 أشهر، بتكلفة إجمالية تبلغ 30 مليون دولار.
وإزاء الوضع الإنساني المتدهور في السودان، بسبب الاشتباكات الدائرة هناك، كانت قطر تسعى لنجدة المواطن السوداني، وتقديم يد العون له، وعملت بشكل دائم على مد الخرطوم بالمعونات الأساسية، وكان آخرها طائرتين محملتين بالمساعدات الطبية، من أدوية علاج السرطان، وغسيل الكلى، في إطار جسر جوي لنقل 62 طناً من الأدوية، وامتداداً لكثير من المساعدات التي قدمتها الدوحة.
هذا الموقف الإنساني الأخلاقي العروبي لم تبدأه قطر اليوم ولا الأمس، بل هو امتداد مستمر لنهج راسخ في إغاثة الملهوف، وعون المحتاج، تجاه الأشقاء العرب بصورة أولى، وتجاه كل المكروبين والمنكوبين. والتاريخ القديم والجديد، لا يزال يكتب ذلك في باب صنائع المعروف، لا في أبواب المن والفضل، ولا يزال النهر ينبع من الدوحة، مستمرا في هذا الرِفد، الذي يبقى في الأرض وينفع الناس.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق