من يحاكم الكيان الصهيوني؟

بواسطة | ديسمبر 13, 2023

بواسطة | ديسمبر 13, 2023

من يحاكم الكيان الصهيوني؟

تناقش هذه المقالة تجاوز إسرائيل للقوانين والأعراف الدولية وغياب العقوبات، مع التركيز على دور محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية.

لماذا ترتكب إسرائيل كل هذه الجرائم، ولا تكترث للقوانين والأعراف الدولية، ولا تخشى أن تتعرض للمحاكمة؟
الإجابة: من أمن العقاب أساء الأدب.. فالمجرم الذي يعرف أنه في مأمن من العقاب لن يتورع عن ارتكاب الجرائم بكل بجاحة ووقاحة، وسيمعن في التنكيل بضحيته، ولن يتردد في السرقة أو القتل. فما بالك إذا كان القاضي مع ذلك صديقًا مقربًا للمجرم؟.
العالم كله بات على يقين أن الكيان الصهيوني يحظى بدعم شامل من حكومات الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي قال رئيسها جو بايدن إنه “صهيوني”، وسنَّ مجلس نوابها قانونًا يجرّم معاداة الصهيونية كمعاداة السامية، والكل يعرف أنها شريك رئيس في حرب الإبادة على غزة، وهي تقف -ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا واليابان والاتحاد الأوروبي- ضد أي محاولة تدين إسرائيل، وحتى لو خرجت الجمعية العمومية للأمم المتحدة أو حتى مجلس الأمن بعقوبات ضد الكيان المحتل، فالكل يعلم أنها لن تُطبَّق عليه.


لكن السؤال الأهم اليوم: لماذا لا تبدأ محكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية، إجراءات محاسبة إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها منذ عقود، وبلغت ذروة وحشيتها في حرب الإبادة على قطاع غزة حاليا؟
محكمة العدل الدولية يتمثل دورها في تسوية النزاعات الدولية التي تُعرض عليها من طرف الدول، في إطار ما يسمى بـ”القضايا الخلافية” وفقا للقانون الدولي، مع إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية التي تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة، والوكالات الدولية المخولة.. وتبُتّ أيضا في النزاعات بين البلدان على أساس المشاركة الطوعية للدول المعنية، وإذا وافقت دولة ما على أن تكون طرفا أمام المحكمة، فهي ملزمة بالامتثال لقراراتها.


السؤال هنا: لماذا لم تتقدم الدول العربية بعد بطلب إلى المحكمة العالمية بتحميل دولة إسرائيل المسؤولية عن خرق التزاماتها التعاهدية الناشئة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية؛ حتى في الوقت الذي أعلنت فيه وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، أن بلادها بصدد تقديم التماس إلى محكمة العدل الدولية تطالب فيه بتصنيف إسرائيل دولة فصل عنصري؟ الحال هنا عموما.. محكمة العدل الدولية كونها منبثقة عن الأمم المتحدة فلا جديد عندها يُذكر، ولا قديم يُعاد.
نذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي أول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء.. حتى تدرك أن المسؤولين في الكيان الصهيوني بعيدون عن أي خطر تشكله المحكمة الجنائية الدولية، عليك أن تعرف أن كريم أسعد أحمد خان، المحامي البريطاني، هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والذي تولى المنصب في العام 2021، ورفض كل طلبات زيارة الأراضي المحتلة سواء في الضفة الغربية أو غزة، للتحقيق في جرائم حرب يرتكبها الكيان المحتل المغتصب بحق الفلسطينين العزل الأبرياء.


وعندما اشتعلت وتيرة حرب الكيان الصهيوني على غزة ظهر كريم خان من أمام معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن مكتبه يجري تحقيقات نشطة حول “الجرائم التي يُدَّعى ارتكابها في إسرائيل في السابع من أكتوبر”، وأيضا في ما يتعلق بالوضع في غزة والضفة الغربية؛ ووصف الفترة الحالية بأنها أكثر الأيام مأساوية.
لكن الأسبوع الماضي شهد زيارة تاريخية للرجل إلى الكيان الصهيوني وتعاملت معه مؤسسات الكيان المحتل كونه سائحا مرحَّبًا به، وبعدها قام بزيارة رام الله؛ وقال خان في بيان مكتوب صدر بعد زيارته إنه رأى “مشاهد من القسوة المحسوبة” في مواقع هجوم 7 أكتوبر؛ وتحدث خلال الزيارة إلى أفراد عائلات الضحايا الإسرائيليين، ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن المحتجَزين من قِبل حماس والمسلحين الآخرين.


وقال خان في بيانه المكتوب: “إن الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين الأبرياء في 7 أكتوبر تمثل بعضًا من أخطر الجرائم الدولية التي تهز ضمير الإنسانية، وهي جرائم أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية للتصدي لها”، مضيفًا أنه والمدعين العامين التابعين له يعملون لمحاسبة “المسؤولين عن تلك الجرائم”.
وفي رسالته بالفيديو، قال خان أيضًا إنه يجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة؛ وقال: “في غزة، من غير المقبول – ولا يوجد أي مبرر– أن يقوم الأطباء بإجراء العمليات من دون ضوء، وأن يتم إجراء العمليات الجراحية للأطفال دون تخدير (…)، تخيلوا آلام العمليات الجراحية التي يتعرض لها الأطفال، أو أيُّ شخص أو أيٌّ منا، دون تخدير. وشددت أيضا على أنه يجب على حماس ألا تقوم بتحويل أي مساعدات مقدمة إلى أغراضها”.


كما أعرب خان عن “قلقه العميق إزاء الزيادة الكبيرة في حوادث هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية”، وقال في مقطع الفيديو الخاص به: “أؤكد أن عنف المستوطنين غير مقبول”، مضيفا “إنه شيء نحقق فيه.. لقد قمنا بالتحقيق ونقوم بتسريع التحقيقات.. لا يمكن لأي مستوطن إسرائيلي مسلح بأيديولوجية وبندقية أن يعتقد أن هذا موسم مفتوح على الفلسطينيين”.


وقال خان إنه سيسعى إلى العمل مع جميع الأطراف الفاعلة في الصراع “لضمان أنه عندما يتخذ مكتبي إجراءً، فإنه يتم على أساس أدلة موضوعية يمكن التحقق منها، والتي يمكن أن تخضع للتدقيق في قاعة المحكمة والتأكد من أننا عندما نمضي قدما في ذلك، لدينا احتمال واقعي للإدانة”. ورفض كريم خان كل الدعوات لزيارة قطاع غزة مؤكدا أن الوضع الأمني لا يسمح له بذلك.
دققوا في كلمات وتصرفات كريم خان، لتعرفوا أن نتيناهو وشركاءه في جرائم الحرب بعيدون كل البعد عن الوقوع تحت طائلة القانون الجنائي الدولي، وعن أن يشكل لهم كريم خان أي مصدر قلق.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...