من يطفئ “محرقة رفح” والنار التي تسري في قلوب المسلمين؟!

بواسطة | مايو 30, 2024

بواسطة | مايو 30, 2024

من يطفئ “محرقة رفح” والنار التي تسري في قلوب المسلمين؟!

ومضت قرابة ثمانية أشهر على حرب الصهاينة على أهل غزّة، واستُشهِد عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وعدد الجرحى يفوق ضعف عدد الشهداء، ودُمِّرت البيوت والمدارس والمستشفيات، وكل ما يذكّر بالحياة على قطعة الأرض الصغيرة التي تسمّى “غزّة”.

الصهاينة تجبّروا وطغوا في الأرض، وكل شبر من فلسطين الحبيبة خاضع لسيطرتهم، وبعد أن فقد أهل غزة كل سُبُل الحياة وخسروا أرواحهم وبيوتهم، نزح عشرات الآلاف منهم إلى رفح وعاشوا في الخيام، بلا أغطية تقيهم البرد الشديد، ولا طعام يسدّ جوعهم، ولا ماء يروي ظمأهم! والعالم يقف ساكنًا، بتصريحات واستنكارات وتهديدات، ولكن لا رادع للعدو، فهو مستمر بالبطش والظلم، فمَن ينصر أهلنا المسلمين المستضعفين؟!

في منتصف ليل 27 مايو، قام الصهاينة المجرمون بشنّ غارات جوية على خيام النازحين في رفح وهم نائمون، واشتعلت النيران واستُشهِد أكثر من 100 شخص، وجُرِح الكثيرون، ومعظمهم من النساء والأطفال!

أطلق الناشطون والسياسيون وسم “محرقة رفح” أو “الهولوكوست في رفح” في منصات التواصل الاجتماعي، فما فعله النازيّون مع اليهود في الحرب العالمية الثانية يتكرّر من جديد بشكل أبشع وأشنع! “النازيّون الجدد” في عصرنا الحالي هم الصهاينة ومن عاونهم وأيّدهم في هذه المجزرة الشنيعة دون أي رادع.

هناك من يقول إنّ المحرقة هي قصة ملفّقة ولم تحدث، وأن من سردوا تلك القصص عبر كتب التاريخ، وصوّروها في آلاف الأفلام والمسلسلات في هوليوود وأوروبا، كانوا يريدون من خلال ذلك فقط جعل العالم يتعاطف مع اليهود، ويشعر بمظلوميتهم ومعاناتهم، وإيجاد مبرّر لاحتلالهم أرض فلسطين لتؤويهم بعد أن أصبحوا منبوذين بلا وطن.

سواء حدثت المحرقة حقًّا أم لم تحدث، بالنسبة لي هذا الأمر لا يغيّر شيئًا بشأن ما يحدث الآن.. ما “يُمكن أن يكون قد حدث” قبل 80 عامًا ليس مبرّرًا للانتقام ممّن لا علاقة له بالأمر، لا من قريب ولا من بعيد. الشعور بالظلم والاضطهاد والأحقاد والضغائن القديمة لا يسوّغ لهم احتلال أرض المسلمين والسيطرة عليها، وقتل وتشريد سكّانها.

ليس اليهود فقط من يلعبون على وتر المظلومية، فهناك كثير من الأقلّيّات، الدينية أو العرقية أو السياسية، أو الذين انتشروا الآن من الشواذ المرضى والمتحوّلين ومضطربي الهوية الجنسية، وهم على استعداد أن يفعلوا أي شيء لتحقيق غاياتهم وإبعاد شعورهم بالنقص، حتى وإنْ كان الثمن إبادة العالم بأسره، وكأننا محكومون بقانون الغاب.

أنا كقارئ لكتب التاريخ والقصص والروايات، ومُشاهد لأفلام هوليوود وأوروبا والعالم، أعرف تمامًا كيف يمكن تلقين الإنسان المتلقّي فكرةً ما، والاستحواذ على عقله بشكل يحقّق أهداف كاتب القصص وصانع الأفلام، وقد شاهدت عشرات الأفلام والمسلسلات التي تدور حول “الهولوكوست” أو “محرقة اليهود”، ومعظمها إنتاجات متقنة ونالت العديد من الجوائز المهمة، وبالطبع تكوّنت لدي فكرة عن مظلومية اليهود في الحرب العالمية الثانية، وبطش النازية والقائد النازي “أدولف هتلر”، وبكل تأكيد عقلي الباطن تعاطف مع القتلى الأبرياء، فأنا إنسان في نهاية المطاف، ولا أريد أن أرى القتل والدمار.

ولكن، هناك فيلم استثنائي بدأ كإنتاج غربي منذ عام 1948، ثم شاركت في إنتاجه دول عديدة، وعرضه مستمر إلى الآن فمُدّته لم تنتهِ، ويروي قصة غريبة وعجيبة عن أرض آمنة، احتلّها الغرباء وبطشوا بأهلها واستحلّوا الدماء، ودمّروا كل بصيص أمل بالحياة فيها، حيث القتل والتعذيب والسجن، والعالم بأجمعه يشاهد الفيلم، والكل يأمل أن يرى النهاية التي يتصوّرها أو التي يحلم بها في مخيّلته.

أنا أتصوّر في النهاية أنني سأرى تلك الأرض المقدّسة، وشمس الأمان والحرية والعزة والكرامة ساطعة عليها، وأهلها يصلّون ويشكرون الله قائلين: {قد جعلها ربّي حقّا}.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...