نتنياهو وإسرائيل.. عندما تتعارض المصالح!
بقلم: سليم عزوز
| 16 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ...
-
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق...
-
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر...
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 16 نوفمبر, 2023
نتنياهو وإسرائيل.. عندما تتعارض المصالح!
تستعرض المقالة التحولات الراهنة في إسرائيل وتأثير الهزيمة الفلسطينية، مع التركيز على حقيقة التحديات المستقبلية والتغيرات المتوقعة.
إسرائيل بعد نتنياهو: تحدّيات مستقبلية وآثار الهزيمة الفلسطينية
وكما في الأفلام العربية القديمة، يخرج الطبيب من غرفة العمليات، وهو في حالة حزن أو افتعال للحالة، ليقول: “لقد ضحينا بالجنين من أجل حياة الأم”.. ولتكرار العبارة في أكثر من عمل درامي، وكأنها مقرر دراسي، صارت محفوظة يسبق المشاهد الفنان في ذكرها، وقد أثارت لتكرارها روح الدعابة عند البعض، فأنتجوا على منوالها عبارة: “لقد ضحينا بالجنين والأم من أجل راحة الأب”!.
إسرائيل الآن بحاجة إلى أن تتخلص من نتنياهو من أجل جزء من راحتها، وليس راحتها التامة، لأن الراحة التي كانت من قبل مضى زمنها بعد هزيمة السابع من أكتوبر، وبالتالي فالمذكور لا يخوض حربا من أجل إسرائيل، ولكن من أجل نفسه وانتقاما لها، بما يقوم به هو من قصف مجنون على قطاع غزة واحتلال لمجمع الشفاء الطبي، لأن هزيمة الكيان قد وقعت، ولا سبيل لجبر ما تحطم -وهو عظيم- بشأن الدعاية الفارغة عن الجيش الذي لا يُقهر، وعن قوته التي ضمنت الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون متفوقا بها على عموم جيوش المنطقة، فإذا بآليات القوم وكأنها عهن منفوش!
ردة الفعل الإسرائيلية على ما جرى عنيفة وشرسة، وما تعرض له أهالي غزة سيظل في الذاكرة لا يُمحى، وهو مؤلم وموجع، لكنه أبدا لا يمثل على كثافته انتصارا أو ردا للاعتبار، بل إنه في جانب منه وإن كان قد أجج النفوس والمشاعر، جعل المواطنين في الغرب يقفون على وجه للكيان لم تألفه الأجيال الجديدة، فأفسد دعايتهم عن النقطة المضيئة في منطقة مظلمة، وبدد مفعول الفيلم الهندي الذي أخرجوه بصورة “عهد التميمي” وهي ترفع صوتها ويدها على نفر من الجيش الإسرائيلي، فيردون على غضبها بسماحة، وعندما تُعتقل تخرج من معتقلها وكأنها خرجت من بيت أبيها إلى بيت “عدلها”، وليس من السجن للشارع!
الصورة كانت مغايرة طيلة الوقت، لكنها لم تكن بهذا التكثيف، حيث شاهد العالم الاعتداء على المستشفيات، ورأى الأطفال الضحايا، والأسر المهجرة، والأهالي تحت الأنقاض، ولئن كان الرئيس الأمريكي بانحيازه يخاطب الناخب الأمريكي، فها هو يقف بنفسه على أن وقفته ليست في صالح شعبيته، إذ صار بيته وقصر حكمه مكانا يتجمع حوله المتظاهرون، وهم ينددون بموقفه وبانحيازه لقاتل الأطفال، لتسقط الصورة الذهنية للكيان لدى من كانوا لا ينظرون إليه على هذا النحو!
ومع تعذر النصر، كان أمام الكيان أن يخرج من المعركة بأقل الخسائر من سمعته، لكنه يستسلم لانتقام نتنياهو لنفسه، وهو منتهٍ وفي انتظاره تحقيق ومحاكمة، لتطوى صفحته تماما كنموذج للمتغطرس الفاشل، الذي ظن فعلا أنه لا قوة يمكنها أن تواجه إسرائيل، وكان بذلك ينظر للجيوش النظامية، ولم ينتبه أنهم هزموا الجيوش النظامية في أول الحشر، وقبل أن يشكلوا جيشهم النظامي، عندما كان يطلق عليهم “العصابات”!.
هم الآن لا يواجَهون بالجيوش النظامية حيث تكون الغلبة فيها للأقوى، ولكنهم يواجهون مقاومة، تتسم بخفة الحركة، والقدرة على إحداث الضرر بأقل الخسائر، وقد رأينا الآليات الإسرائيلية مدمَّرة جزئيا أو بالكامل، بعد أن كان يتحصن فيها الجنود الإسرائيليون، فأصابت المقاومة بعضهم في مقتل!
الكيان يستطيع أن يلملم جراحه، ويفكر بعقل لا بعاطفة، فيتأكد له أن فرض الحصار على سكان غزة لم يعد متاحا بعد اليوم، وأن قوته لها حدود، وقد سقطت تماما نظرية الجيش الذي لا يقهر، ولابد من سياسة جديدة، لاسيما وأن الدعوة لجلائهم عن كامل التراب الفلسطيني سقطت بهزيمة 1967، وصار المطلب العربي هو حل الدولتين، والعودة إلى حدود ما قبل سنة 1967، وكأن المواجهة التي جرت قبل هذا التاريخ كانت “رمي بلاء” من جانب العرب، وتحرش بالكيان بدون وجه حق!
لكن هذه هي ترتيبات الهزائم، فما بعد الهزيمة ليس كما قبلها، وإسرائيل الآن مهزومة، وليس أمامها من سبيل سوى أن تعترف ليس فقط بالهزيمة، ولكن بما تنتجه من آثار، لم تصل إلى حد دعوتها إلى الجلاء التام من كامل التراب الفلسطيني؛ وعليها أن تعلم أن مصالحها الآن تتعارض، لا تتقاطع، مع مصلحة نتنياهو الغاضب لنفسه، المنتقم لذاته، المؤخر لمحاسبته، كأرعن كان سببا في هذه الهزيمة غير المسبوقة للكيان الصهيوني في طول تاريخه!
لقد حدد نتنياهو أهدافه من حربه المجنونة، بإنهاء حركة حماس، والقضاء المبرم على المقاومة، وهو حلم بعيد المنال، ولن يتحقق له! ويبدو أن مشكلة نتنياهو في أنه لم يجد من يقول له: عندما ترى حلمة أذنك!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
مع الهمجية ضد التمدن
يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...
0 تعليق