في حُبّ مصر

في حُبّ مصر

قبل ما يقرب من أربعين عاما، في صباح آذاريٍّ دافئ، كانت أمي تُعدّ لي الفَطور، وتغلي الحليب مع شيء من الكعك، قبل أن تُهيّئني تماما للذهاب إلى المدرسة، وكانت: “مدرسة عبد العزيز جاويش”؛ كان ذلك في القاهرة في مدينة نصر، في حي رابعة العدوية، في الطابق الحادي عشر من عمارة قديمة تستقر في أسفلها (أم

تطبيع العلم الاجتماعي وأنسنة العلم الطبيعي

تطبيع العلم الاجتماعي وأنسنة العلم الطبيعي

يدين محلّلو السياسة، ومتنبّئو الظواهر، ومستشرفو المصائر إلى غيب الأمور. إذ خلق الغدُ المجهول لهم فرصَ عمل، وسّعت أمامهم المضائق، وألانت لهم العرائك، وأسبلت عليهم خيرا كثيرا. والغيب نفسه، ولاسيما الغيب القريب، قد أعضلَ الأشياءَ عند علماء الاجتماع والإنسانيات، فنراهم يفتقرون وبشدة إلى إمكان التثبّت، ويعجزون عن كشف مآل الأحوال، ولاسيما الأحوال التي يكون في

على وسائل التواصل.. إغراء المتابعين بالتحدث في أحكام الدين

على وسائل التواصل.. إغراء المتابعين بالتحدث في أحكام الدين

عندك صفحة على الفيسبوك، أو حساب على تويتر أو إنستجرام، أو قناة على التليجرام أو اليوتيوب؛ وبلغتَ عشرات آلاف المتابعين، أو مئات الآلاف أو الملايين، ويستمع إليك جمهور مقدر، يرجع إليك ويتناقل أقوالك ومرئياتك وصوتياتك، وقد أحدثت حالةً أو شبه حالة بين متابعيك ما بين مؤيد ومعارض؛ وأنت مع ذلك غير دارس لعلوم الشريعة، وقد

عندما ضحى الوزير بنفسه

عندما ضحى الوزير بنفسه

من يقرأ تاريخ الحضارة العربية الإسلامية يرى أنها قامت على مجموعة من الأسس والمبادئ، التي جعلتها من أعظم الحضارات الإنسانية؛ ومن هذه الأسس اهتمامها بالعلم النظري والتجريبي، واستنادها إلى الفكر والمعتقد القائم على الأدلة النقلية والعقلية، واللغة، والقواعد الأخلاقية والسلوكية، وانفتاحها على الحضارات الأخرى. لقد اهتمت الحضارة الإسلامية منذ الوهلة الأولى بالعلم؛ فقد كانت أول

قلق الكمال المعرفي.. الغزالي معترفاً

قلق الكمال المعرفي.. الغزالي معترفاً

“الدوار الميتافيزيقي” عبارة صكها المفكر وحاكم البوسنة الأسبق، المناضل علي عزت بيجوفيتش، في كتابه “الإسلام بين الشرق والغرب” لبيان تفرد الإنسان عن بقية الأحياء، من حيث إنه الكائن الوحيد الذي شغلته الأسئلة الوجودية الكبرى حول أصل الحياة، والغاية منها، وعلة الوجود، وإلى أين المسير؟ وماذا عن المصير؟ وما هي الذات؟. وهذه التساؤلات لم تميز الإنسان

نكبة المعرفة في محاربة النكبة

نكبة المعرفة في محاربة النكبة

لا أعتقد، شخصيا، وجود حدث فارق في حياة المنطقة العربية والعالم الإسلامي، يماثل نكبة فلسطين يوم 15 مايو 1948م؛ إنها الحدث الذي جسد الصدمة الحضارية للأمة العربية الإسلامية في مواجهة المشروع الاستعماري، وامتداداته، ثم مواجهة تداعياته الماثلة؛ ولم ينفرد الفلسطينيون وحدهم بدفع الثمن، بل دفعته شعوب المنطقة بكاملها، لأسباب شتى، ومختلفة. ثم بعد هذا يأتي

الفكرة الإسلامية والحصار التكنولوجي الحداثي

الفكرة الإسلامية والحصار التكنولوجي الحداثي

إن قراءة المشهد العام لحاضر العالم المسلم، تعطي صورة مؤلمة لواقع دوله، من حيث العبور إلى أوطان الاستقرار والتقدم، المقترن بالقيم الإسلامية وبالبعث الأخلاقي للرسالة الإسلامية؛ فهناك ما يكفي من عناصر إحباط تنقص فرص الخروج من ثنائية الفساد والصراع السياسي، بل الحروب الأهلية. كما أن الهجرة بشكليها: النظامية، والتائهة التي تعتمد طرقاً غير شرعية فراراً

الأيام

الأيام

هي أيام ليست كالأيام! الأيام العادية نسميها أياما، لكن هذه ليست أبدا كذلك. إنها رحلة طويلة من الصبر والمعاناة، من قرية صغيرة وكُتَّاب في أقاصي الصعيد جنوب مصر إلى وزير التعليم ورائد الثقافة والفكر، وبينهم جامعة السوربون، وسعي دائم إلى اكتساب المعرفة والاجتهاد فيها. إنها سيرة رجل أعمى، كفيف البصر، لكنه كما قال نزار قباني

الشباب العربي وبوابة التاريخ

الشباب العربي وبوابة التاريخ

يقال: “من لا تاريخ له لا حاضر له”، فالتاريخ دوما هو الحافز الدافع والمحرك للوجود الإنساني ليتقدم ويُحرز شيئا، ولا أدل على ذلك التحرك مما نراه من تلهف الشباب العربي المسلم في زماننا إلى التعرف على حكاية الحضارة العربية الإسلامية، التي ما زال العرب والمسلمين حتى اليوم يطمحون لإعادة أمجادها التي سطرها أجدادهم في شتى

عدم القراءة والأمية المعرفية

عدم القراءة والأمية المعرفية

كلما استنجدت بأحد عيالي كي يعالج ما أحسبه عطلا في هاتفي، لمحت في وجهه نظرات الشماتة والرثاء، وقد يقول وقد انفرج فمه بابتسامة بلاستيكية: ليزول العطل، اشحنه بالكهرباء. والشاهد هو أن جيل الشباب الحالي مزهو بثقافته الإلكترونية، وقد يكون الواحد منهم عاجزا عن الحصول على أكثر من خمسة من عشرين في اختبار التعبير (الإنشاء)، ولكنه

Loading...