أين السّنوار؟!
بقلم: أيمن العتوم
| 13 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ...
-
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق...
-
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر...
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 13 مايو, 2024
أين السّنوار؟!
إنّه في (خانيونس) على بعدِ ثماني كيلومترات من (رفح). لا بل هو في (مخيّم النّصيرات). بل هو في (رفح) كما قدّرْنا ونحنُ قريبون جِدًّا منه، كلا إنّه ما يزال في الشَّمال. لا، لا يُمكن تحديد مكانه على وجه الدّقّة ولكنّه من المُؤكّد أنّه لا يزال في غَزّة.
الرّجل الّذي سبّبَ رُعبًا لكِيانٍ يجثم بترسانته العسكريّة والنّوويّة على صدر فلسطين منذُ أكثر من ثلاثة أرباع قرنٍ يحتلّ السّؤالُ الأبرزُ عنه عقولَ الصّهاينة جميعًا قادتهم وشعوبهم: أينَ هو الآن؟ ماذا يفعل؟ ما هذا الرّجل أو من هو؟ ما خُطوته القادمة؟ هل ضَيّقْنا عليه الخِناق؟ كيفَ يتحوّل رجلٍ من مكانٍ إلى مكانٍ دون أنْ تلتقطَه أجهزةُ استخباراتنا وراداراتنا الّتي تحلّق فوقَ سماء غزّة من أكثر من ستّة عشرً عامًا؟
أسئلةٌ تطول في أذهان الصّهاينة، بدأتْ تخرج من تلك الأذهان إلى كلّ ذهن. كيفَ لا تستطيع دولةٌ بكلّ مُقدّراتها ومُسيّراتها ألاّ تعرفَ أين يعيش؟ مع أنّها تفعل ذلك على مدى عشراتِ الآلاف من السّاعات المُتواصلة. الأجهزة القادرة على أنْ ترصدَ دبيب النّملة السّوداء في اللّيلة الظّلماء على الصّخرة الصّمّاء لم تستطعْ أنْ تُحدّد مكان هذا الرّجل اللّغز.
إنّه لُغزٌ بالفعل، لُغزٌ عَصِيّ على الحلّ، لُغزٌ جعلَ ما فعله يوم السّابع من أكتوبر يطرحُ أسئلة غيرة منطقيّة حولَه، مُغرِقةً في الخيال، وذلك لأنّ ما أتى به كان فوقَ الخَيال، أسئلة من نوع: ما هو شكلُ عينَيه؟ إذا تحدَّثَ مع أحدٍ فهل ينظر في عينَيه مُباشرة أم لا؟ ما الّذي يعرفُه عنّا؟ هل ما يعرفهُ عنّا أكثرُ مِمّا نعرفهُ عنه؟ ما طريقةُ تفكيره؟ هل يخرجُ عقله الواعي بهذه الأفكار أم هي ثمرة عقله اللاواعي؟ هل يُفكّر بما يُقدِمُ عليه أمْ أنّه يفعل ذلك دون تفكير؟ هل هو صاحبُ القرار الأوّل أم أنّ هناكَ جِنًّا يُملُون عليه قراراتِه؟ إذا مشى هل يمشي كما يمشي النّاس، أم أنّه يُسرعُ في خُطُواته أم يُبطِئ؟ وهل يُعطي للنّاس ظهره أمْ وجهه؟ وهل ينامُ في بيتٍ كبقيّة النّاس أم في كهف؟ وهل يعرفُ ما يقول أمْ أنّ رَئِيًّا يُوحي إليه بذلك؟ كيفَ يأكل ويشرب ويلبس؟ هل يأكل مِمّا نأكل ويشربُ مِمّا نشرب ويلبسُ مِمّا نلبس؟ أمْ أنّ في طعامه يدًا مباركة، وأنّ في شرابه نَفَسَ ملاكٍ وأنّ في لِباسه خيطَ جنون. ما الّذي يجعله لا يكترث بأكبر قوّة عسكريّة على وجه الأرض؟ ما الّذي يدعوه إلى تحدّي هذه التّرسانة من الأسلحة الفتّاكة الّتي لا تُقدِمُ على تَحَدِّيها دُولُ العرب مُجتِمعة وهو يختفي تحتَ الأرض في أنفاقٍ عميقة؟ ألم يُؤثّر العيش في باطن الأرض بلا هواء على رِئَتَي هذا الرّجل الّذي تجاوز السّتين؟ كيفَ يكونُ هناك هواءٌ لتعيش على ذلك العُمق من الأرض عِوَضَ أنْ تُفكّر وتُخطّط وتُنفِّذ؟
مِئات الأسئلة بل الآلاف منها ما يزال يطرقُ عقول الصّهاينة حول هذه الشّخصيّة الغامِضة، ولكنّهم رغم هذه التّساؤلات الطّويلة مع هذا الزّمن الأطول والرّصد المُتلاحق والتّحليلات المُتعدّدة، لم يستطيعوا أنْ يظفروا بإجابةٍ واحدة، وجُلّ ما قدروا عليه أنْ يقيسوا نُمرة حذائه في ذلك الفيديو اليتيم الّذي ظهرَ فيه بعدَ السّابع من أكتوبر وهو يُعطي العالَم كلّه ظهرَه، وحجمَ الهالة الّتي تحيط بجمجمته، وسعةَ الحقيبة الّتي يحملها بيُمناه، والّتي تتّسع ربما لبيجامة واحدة فقط، وفكرةٍ عبقريّة لا يُمكن حلّ شيفرتها ولو اجتمعَ لها عباقرةُ العالَمِ كلُّهم!
صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
مع الهمجية ضد التمدن
يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...
صدقت.. ربما بعد ٨ أشهر حرب يستطيعوا الوصول الفردة الثانية من حذائه.. من يعلم فلكل مجتهد نصيب..!