
التطبيع إذ يوسع دائرة التأييد لليمين في إسرائيل
بقلم: الدكتور صالح النعامي
| 26 سبتمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: الدكتور صالح النعامي
| 26 سبتمبر, 2023
التطبيع إذ يوسع دائرة التأييد لليمين في إسرائيل
لا خلاف في أن هناك علاقة طردية بين تعاظم مستويات التأييد لليمين المتطرف في إسرائيل، وبين توجه نظم الحكم العربية لعقد اتفاقات تطبيع معها؛ وتحديدا عندما يتم التوصل لهذه الاتفاقات في ظل حكومات تل أبيب الأكثر تطرفا.
فالتوصل لاتفاقات التطبيع، تحديدا في ظل حكم اليمين الإسرائيلي، يضفي مصداقية على خطاب قوى التطرف في تل أبيب، التي تحاجج بأنه كلما تشبثت إسرائيل بمواقفها من الصراع، فرفضت الانسحاب من الأراضي المحتلة وواصلت اندفاعها إلى خيار القوة في التعاطي مع العرب، مال العرب إلى التوافق معها والقبول بالأمر الواقع الذي يتم تكريسه على الأرض؛ لذا لا يتردد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اعتبار “القوة” الأداة الأهم التي أسهمت في إقناع نظم الحكم العربية بالتطبيع مع إسرائيل؛ حيث عبر عن ذلك بمقولته المشهورة: “سلام من منطلق القوة”.
من هنا، ليس من المستهجن أن يتباهى نتنياهو بأن اتفاقات التطبيع التي توصلت إليها إسرائيل تحت قيادته مع بعض الدول العربية منذ 2020، جاءت في إطار معادلة “السلام مقابل السلام”؛ بحيث إن تل أبيب لن تلتزم في إطار هذه الاتفاقات بالانسحاب من أية مساحة من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة. لذا، فقد خلت اتفاقات التطبيع من أية إشارة إلى قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو “المبادرة العربية” التي طرحها الزعماء العرب في قمة بيروت 2002.. ليس هذا فحسب، بل إن القيادات الإسرائيلية تتبجح بإعلان نيتها توظيف اتفاقات التطبيع في محاصرة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الوطنية، كما عبر عن ذلك ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة الليكودي جلعاد أردان.
ومن المفارقة أن تواصل نظم الحكم العربية التعبير عن ميلها للتطبيع مع إسرائيل تحديدا في ظل حكومة نتنياهو الحالية، التي تعد الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، والتي تعد الأحزاب والحركات المشاركة فيها الأوضح في تبنيها المواقف العنصرية إزاء العرب والفلسطينيين. فاتفاقات “السلام” والتطبيع التي توقعها نظم الحكم العربية، تحديدا مع الحكومات التي يسيطر عليها اليمين الإسرائيلي، تبعث رسالة واضحة إلى الجمهور الإسرائيلي أنه بالإمكان الرهان فقط على قوى اليمين في تحقيق المصالح الإستراتيجية للكيان الصهيوني؛ فعندما لا تدفع حكومات إسرائيل ثمنا باهظا في أعقاب إصرارها على مواقفها المتطرفة، بل تُكافأ من قبل الدول العربية بالتطبيع والشراكات الاقتصادية والأمنية، فإن هذا يبعث رسالة إلى المستوطن اليهودي مفادها أن الرهان على التطرف يؤتي أكله.
ويمكن للمواطن العربي أن يضع نفسه مكان المستوطن اليهودي، الذي يلمس حماس نظم الحكم العربية للتطبيع مع حكومات اليمين المتطرف في تل أبيب وبناء شراكات أمنية واقتصادية معها، ليس فقط في ظل رفضها تسوية الصراع، بل أيضا مع انكبابها على حسم مصير هذا الصراع عبر سلب الأرض والاستيطان والتهويد، ومواصلة العدوان الهادف إلى تقليص قدرة أصحاب الأرض على البقاء والصمود.. إن هذا الواقع سيعزز بكل تأكيد من شعبية قوى اليمين المتطرف ويمكّنها من إحكام سيطرتها على حكم إسرائيل، فضلا عن أن سلوك نظم الحكم العربية قد أسهم في توفير بيئة تسمح بانتقال قوى اليمين المتطرف من هامش الحياة السياسية والحزبية في إسرائيل إلى قلب تيارها العام.
وإن كانت نظم الحكم العربية لا تجد غضاضة في التطبيع مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم حركة “القوة اليهودية” التي تدعو علنا إلى طرد الفلسطينيين إلى الدول العربية، وحركة “الصهيونية الدينية” التي يخيِّر زعيمها، وزير المالية بتسلال سموتريتش، الفلسطينيين بين المغادرة، أو البقاء بدون أية حقوق، أو القتل؛ فإن هذا لن يسهم فقط في تعزيز حضور مثل هذه الحركات، بل إنه سيسمح بصعود حركات يهودية دينية أكثر تطرفا.
من هنا، ليس من المستهجن أن يعلن الإرهابي باروخ مرزيل، الذي كان زميلا لبن غفير في حركة “كاخ” الإرهابية، واشتهر بشكل خاص بالاعتداء على الباعة المتجولين في مدينة الخليل وقلب بسطاتهم، عن نيته المنافسة في الانتخابات الإسرائيلية القادمة. وبالفعل، فإن كثيرا من وسائل الإعلام في إسرائيل باتت لا تتردد في استضافة مرزيل وإجراء مقابلات معه، وطلب رأيه في قضايا سياسية تتعلق بالصراع والعلاقة مع الفلسطينيين والعرب.
وفي المقابل، فإن اتفاقات التطبيع تسدد ضربة نجلاء إلى القوى السياسية الإسرائيلية التي تتبنى موقف نقديا من تواصل احتلال الأراضي العربية، وتطالب بتسوية الصراع؛ فهذه الاتفاقات تمس بمصداقية هذه القوى، وستعمل على تآكل حضورها في الفضاء العام.
لكن مما لا شك فيه أن أحد أخطر تداعيات اتفاقات التطبيع يتمثل في أنها تضعف إلى حد كبير من مصداقية الخطاب التي تتبناه حركة المقاطعة الدولية”BDS” ، التي تطالب دول العالم بفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل ووقف التعاون معها، وإنهاء الشراكات معها لإجبارها على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية. وهذا يمثل إنجازا إستراتيجيا لإسرائيل، التي رأت في حركة المقاطعة تهديدا وجوديا لها، كما عبرت عن ذلك وزارة الشؤون الإستراتيجية في تل أبيب، على اعتبار أن هذه الحركة تعمل على نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني في أرجاء العالم؛ فلسان حال إسرائيل ومن يدعمها في مواجهة حملات حركة المقاطعة: “لا يمكنكم أن تكونوا ملكيين أكثر من الملك، فإن كانت الدول العربية تسارع إلى التطبيع مع إسرائيل وبناء الشراكات معها، فإنه ليس من الإنصاف أن تقاطعها الدول الأخرى”.
مع كل ما تقدم، فإن دور التطبيع في تعزيز حضور اليمين المتطرف في إسرائيل لا يعني بحال من الأحوال تحقق رهاناتهم على دور التطبيع في تصفية القضية الفلسطينية.. فطالما تواصلت مقاومة الشعب الفلسطيني، وتواصل صموده وإصراره على حقه في تحرير أرضه وتحقيق مصيره، فإن مسار التطبيع سيزيد من تمسك هذا الشعب بحقوقه وقضيته، وسيضمن أيضا اتساع التفاف جماهير الأمة خلاف هذه القضية العادلة.

مؤلف عدة كتب حول الصراع.. دكتوراة في العلوم السياسية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق