العلوّ الأخير في الأرض المقدسة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 22 أكتوبر, 2023
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 22 أكتوبر, 2023
العلوّ الأخير في الأرض المقدسة
عندما صلى النبي (ﷺ) بالأنبياء في المسجد الأقصى في رحلة الإسراء والمعراج المشهورة، تحققت الدلالة على أن الأنبياء قد سلموا له القيادة والريادة، وأن شريعة الإسلام نسخت جميع الشرائع السابقة، وأن هذا الدين هو دين العدالة وهو الدين الحق.
بناء عليه، فالذين يعقدون مؤتمرات التقارب والحوار بين الأديان والسلم بين الشعوب، يجب أن يدركوا حقيقة أن الدين المحمدي هو الدين الذي أتى بقوانين التعايش وأطر السلام ومحاور الإنسانية، وأن محاولاتهم لن تأتي إلا بالفشل في إرساء العدالة في الأرض، وما نحن عما يحصل من انتهاكات لحقوق البشرية في غزة وفلسطين ببعيدين.
وعَوْدا على حادثة الإسراء.. فكأنما أراد الله سبحانه وتعالى أن يؤكد على حق المسلمين في المسجد الأقصى وفي فلسطين؛ إذ كان بالإمكان أن يعرج الله سبحانه وتعالى برسوله (ﷺ) من المسجد الحرام إلى السماوات السبع وسدرة المنتهى مباشرة، دون المرور على المسجد الأقصى، ولكن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يؤكد على حق المسلمين في هذه البقعة المباركة.
بعد هذه الرحلة المباركة، أصبح المسجد الأقصى هو مَسرى الرسول (ﷺ)، ومعراجه إلى السماوات العليا، وكان قبل ذلك هو قبلة المسلمين الأولى طوال الفترة المكية وأوائل المدنية، قبل تحويل القبلة إلى المسجد الحرام في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وهذا توجيه ورسالة من الله سبحانه وتعالى إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتأكيد على قدسية المسجد الأقصى ورفعة الديار الفلسطينية، فإنها أرض مباركة .
ولقد أدرك الصحابة أهمية المسجد الأقصى والبقعة المباركة، وأدركوا مسؤوليتهم تجاهها، ولذلك فإنه عندما وقعت تلك الأرض أسيرة تحت حكم الرومان بادروا إلى تحريرها في عهد عمر بن الخطاب سنة 15هـ؛ وقد ظل بيت المقدس بعد ذلك ينعم بالأمن والأمان تحت يد المسلمين لمدة خمسة قرون، حتى جاء الصليبيون واستولوا عليه عام 1099م، وظل في أيدي الصليبيين لمدة 88عاما حتى حرره المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عام 1187م. وها هو الآن واقع تحت قبضة الاحتلال الصهيوني الغاشم.
والتهديد للمسجد الأقصى بوابة لتهديد المسجد الحرام، والتاريخ القديم فيه ما يؤكد هذا؛ ففي أثناء الحروب الصليبية على بلاد الشرق الإسلامي قام (أرناط) الصليبي صاحب إمارة الكرك، بإرسال بعثة إلى بلاد الحجاز للاعتداء على قبر الرسول (ﷺ)، وعلى جثمانه في المسجد النبوي؛ وفي بداية العصور الحديثة حاول البرتغاليون النصارى الوصول إلى المسجد الحرام والمدينة المنورة، ولكن المماليك والعثمانيين منعوهم من تنفيذ مخططهم.
وبعد حرب 1967م، وبعد أن احتل اليهود الضفة الغربية وسيطروا على القدس، وقف (دافيد بن غوريون) زعيم اليهود مخاطبًا الجنود والشباب بالقرب من المسجد الأقصى قائلًا لهم: “لقد استولينا على القدس، ونحنُ في طريقنا إلى يثرب”؛ وفي هذا الصدد نذكر أيضا وقوف (غولدا مائير) رئيسة وزراء اليهود على خليج العقبة بعد احتلال القدس لتقول: “إنني أشم رائحة أجدادي في المدينة والحجاز، وهي بلادنا التي سوف نسترجعها”. كذلك فإن اليهود بعد انتصارهم في حرب 5 يونيو 1967م، نشروا خريطتهم المزعومة في أوربا، وهذه الخريطة المزعومة تضم في نظرهم البلاد العربية من النيل إلى الفرات وتشمل: شبة الجزيرة العربية، وبلاد الخليج، واليمن، والعراق، وسوريا، والعراق، والأردن، ومصر؛ وقد قاموا بتوزيع هذه الخريطة في كل البلدان الأوربية.
لقد أشار القرآن الكريم في صدر سورة الإسراء إلى قصة الإسراء، ثم أشار بعد ذلك إلى فظائع وجرائم اليهود، ونفهم من ذلك أن اليهود بعد هذا الحدث الكبير سيُعزلون عن قيادة الإنسانية، وأنهم ليسوا أصحاب حق في هذا البيت المقدس، وذلك بسبب فسادهم في الأرض. ويحكي لنا القرآن أن لليهود عُلوَّين في الحياة الدنيا، فقال تعالى في سورة الإسراء: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرَّتين ولتعلنّ علواً كبيراً}.
هما إفسادان وعُلوَّان، ومفهوم العلوّ هو التمكين والسيطرة، أي أن تكون لهم دولة كاملة، فعلوُّهم الأول سقط بهجمات البابليين، وعلوهم الثاني الذي نفهمه من قوله تعالى: {فإذا جاء وعد الآخرة}، أي الدولة الثانية، لن تكون لهم بعده قائمة؛ ولعل الذي نراه الآن هو علوهم الثاني وعيثهم الفساد.. فهذه بشارة لنا بقرب النصر والتمكين، وطردهم من بلاد العرب .
أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق