طالبان وحماس: تعظيم سلام!

بواسطة | فبراير 10, 2024

بواسطة | فبراير 10, 2024

طالبان وحماس: تعظيم سلام!

أعلنت أفغانستان تسديد قرضها الأخير لتكون دولة بلا ديون، بينما يُطرح تساؤل حول قدرة الإسلام على الحكم.
تجارب طالبان وحماس تُظهر أن الإسلام يمكن أن يبتكر في الحكم والاقتصاد.

الإسلام والحكم – دروس من أفغانستان وغزة

منذ يومين، أعلنت أفغانستان تسديد آخر قرض دوليّ عليها لتصبح دولةً بلا ديون خارجية؛ لقد استغرق الأمرُ فقط سنتين ونصف السنة بعد عودة طالبان إلى الحكم!

طوال عقود صوّرتهم لنا آلة الإعلام الرأسمالية الغربية وكذلك العربية على أنهم همج ورُعاع، يسكنون في الكهوف ولا دراية لهم بالسياسة والاقتصاد والتعليم؛ صوَّروهم لنا حتى على أنهم لا يملكون عقولاً، ولا يُفكِّرون إلا من خلال بنادقهم! وأنتَ عليك أن تصدّق رواياتهم، وإلا كنت من أنصار الإرهاب، حتى وإن كانت روايتهم أكثر هشاشةً من قطعة بسكويت في كوب شاي! فهُم ببساطة متحضِّرون وأصحاب رسالة، يمكنهم أن يحتلُّوا بلداً ويطيحوا بحكومته، ويقتلوا شعبه، ويشرّدوا أهله، ويسرقوا ثرواته، ويُنصِّبوا حكومة مسخاً تُعينهم على هذا! أما الذي يحمل بندقية ويقاتل دفاعاً عن أرضه وعرضه ودينه فهو إرهابيّ ومتخلّف!

الغرب ببساطة لا تُرعبه المساجد وإن أُقيم على كل سطح منزلٍ مسجد! الغربُ يرعبه أن يكون للإسلام حكمٌ ودولة، لأنه وقتذاك سيتحوّل المسلمون من ذيل إلى رأس، ومن قطعان أليفة تُساق بالعصا إلى ذئاب لها أسنان ومخالب قادرة أن تخمشَ وتنهش!

الإسلام متى أُتيح له أن يحكم بعدالته ووسطيّته وفهمه فهماً صحيحاً يُبدع! ولكَ أن تقارن بين اقتصاد أفغانستان اليوم، التي ألقت عن كاهلها نير الديون، ومزّقت وثيقة رقّ البنك الدوليّ، وبين اقتصاد مصر والأردن ولبنان وسوريا والعراق، والحبلُ على الجرار.. مصر التي كانت تُطعم الدُّنيا زمن يوسف عليه السلام يشتهي الناس فيها اللحم! مصر التي لو زرعت دلتا النيل قمحاً فقط لصارت بالسنابل قوّة عُظمى!

نحن لا تنقصنا الموارد أبداً، بلاد المسلمين أغنى البلاد بالموارد، نحن تنقصنا الإدارة والإرادة في دولة تحكمُ بالإسلام فعلاً، لا في دولة أهلها مسلمون وقوانينها مستوردة، وإعلامها أسير، واقتصادها مربوط بنخاسة البنك الدوليَّ!

لقد صوّرت لنا الدراما المصريّة المتدينين على أنهم حفنة إرهابيين بلهاء، وأضحكَنا عادل إمام كثيراً حين كان يكرّس في أذهاننا صورةً نمطيّة، تقدّم التَّدين والتّخلف على أنهما وجهان لعملة واحدة؛ وصوّرت لنا الدراما السورية المتدينين على أنهم دراويش وأهل بركة، مكانهم المثالي في الزوايا والتكايا، أما الحكم فله أهله.. وهذا هو حالنا اليوم بعد عقود من تنحية الإسلام عن الحكم، فما النتيجة؟ لا اقتصاد ولا تعليم ولا عسكر!

تجربة حماس في غزَّة هي الأخرى تجربة مذهلة، وبإمكانها أن تُخبرك بما يمكن للإسلام العظيم أن يفعله حين يحكم.

جيوشنا مجتمعة لم تصمد أمام الصّهاينة أكثر من ست ساعات، بينما القسَّامُ ما زال واقفاً على قدميه منذ مئة وثلاثين يوماً، وقد ضُرب بأسلحة لا تُسقط دُولاً فقط، وإنما تُسقط إميراطوريات!

غزّة لا تملكُ من المقدِّرات التي تملكها دولنا شيئاً، لا نفطاً ولا ذهباً ولا موانىءَ ولا مطارات، غزّة تملك ديناً صحيحاً وإرادة صادقة!

لطالما تغنّت آلة التدمير الصهيونية بدبابة الميركافا، التي صمدت عقوداً أمام كل الأسلحة المضادة للدروع في هذا العالم! ثم جاء هؤلاء المُحاصرون منذ سنوات، الممنوعون من الموارد والمواد الأوليّة، فصنعوا قذيفة الياسين 105 وأذلوا دبابة الميركافا!

أهناك في دولنا مع كثرة الموارد دولة واحدة تصنع سلاحها؟! الجواب: لا، لأننا لا نستطيع، بل لأنه ممنوع! ممنوع جداً ومحظور أن تمدَّ يدكَ إلى ما يمكنه أن يقلب موازين القوى، عليك دوما أن تبقى رهينة، تشتري السلاح ولا تملك حرية استخدامه!

وعليكَ أن تقتنع أن الإسلام لا يصلح للحكم أبداً، وأنَّ هؤلاء الذين يسعون لتغيير قوانين اللعبة ليسوا أكثر من إرهابيين ومتخلفين، وأنهم المسؤولون عما وصلت إليه بلادنا.. منطق يُنحُّون به الإسلام عن الحكم ويُحمِّلون أهله تبعات فشلهم!

طالبان صنعتْ معجزة في سنتين ونصف، في حين أن المشكلات الاقتصادية ما زالت تتفاقم في أنظمة حولنا عمرها عقود! وحماس صنعتْ معجزة في بقعة صغيرة محاصرة، هي أصغر من أصغر عاصمة من عواصمنا! هذا الإسلام العظيم يُبدع حين يحكم!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

4 التعليقات

  1. ذ.امبارك ضيفي

    مقال ممتاز لا يحتاج الى كثير من النقد، انما هو قصير حبذا لو أضاف ادهم بعضا مما علمه الله للقراء.. بالتوفيق
    استاذ ادهم الشرقاوي.

    الرد
  2. ابو حسن

    أخي الكريم..

    اتفق معك كل الاتفاق في اجرام أنظمة الحكم المتعاقبة على بلادنا.. وعلى تواطئهم وعمالتهم..
    كما أتفق معك على بطلان وزيف دعواهم في حق حماس وطالبان.. فضلا عن بهتانهم وافترائهم على الإسلام وكل ما له علاقة به..

    ولكن اسمح لي أن أشير لعدة نقاط في مقالك..
    أولا.. العبرة في التزام الحق ليست بالاستقرار المادي للدولة.. فقد حدثت المجاعة في زمن عمر رضي الله عنه.. وحدثت القلاقل والشغب والفتن في زمن علي رضي الله عنه.. مع تسليمنا بأن خلافتهم كانت راشدة يقتدى بها..
    ثانيا.. من يحاربون الإسلام يحاربون كل كبيرة وصغيرة فيه.. وتغاضيهم عن المساجد أحيانا هو فقط لانشغالهم بما هو أخطر بشكل مؤقت.. والمتأمل في الأحداث التي تحدث في أوربا بين الحين والآخر يدرك ذلك جيدا..
    ثالثا.. تقرير البنك الدولي لعام ٢٠٢٣ يظهر أن أفغانستان مدينة للخارج ب٣.٤ مليار دولار.. والخبر المنتشر حديثا وفقا لوكالة بختار الأفغانية الرسمية هو بسداد حوالي ٦٧٠ مليون دولار لدول جوار أفغانستان تنتهي بهدا الديون الخاصة بالكهرباء.. وليست كافة الديون الخارجية..
    رابعا.. بناء على النقطة السابقة فعامان ونصف لم يكفيا طالبان لحل كافة اشكاليات الديون الخارجية.. وليس في ذلك عيب عليهم ولا اتهام لهم..
    خامسا.. الواجب علينا هو الامتثال لأمر الله وتحكيم دينه.. ولو كانت العبرة بالنتائج المادية لكانت عملية طوفان الأقصى محل اتهام لما تلاها من دمار للقطاع ومجازر لإخواننا.. وهو ما أجزم أنك لا تقول به لبطلانه.. وانما مباركتنا لهذه العملية كونها امتثال لأمر الله جل وعلا ببذل ما أمكن من أسباب والصبر على عواقب الأمور أي كانت..

    وأخيرا.. سدد الله قلمك ولسانك ورزقنا وإياكم الرشاد والحكمة.. ونفع بك وبسعيك..

    الرد
  3. عاصم توني

    أراها حقائق يعلمها ويقر بها كل مسلم .
    وإنما لك فضل التذكرة
    لقد سيطر الغرب على الإعلام والتعليم
    بثوا أفكارهم في عقول المسلمين
    فانهزمنا لهم دون قتال
    بل صارت كلمة الجهاد كلمة مثيرة للسخرية .
    يحتاج المسلمون اليوم إلى هذه الأقلام الحرة
    لتوقظهم من سباتهم .
    جزاكم الله خيرا

    الرد
  4. صفوت حجاني

    بارك الله فيكم جميعا
    المسألة تحقيق كلمة الله أكبر في الصغيرة والكبيرة في نفوسنا قبل ان تكون في دروسنا والإيمان باليوم الآخر ممايجعل القول والعمل لله وحده ثوابً وعقابا.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...