فلسطين ليست قضيتي
بقلم: محمد هنيد هنيد
| 14 مايو, 2023
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: محمد هنيد هنيد
| 14 مايو, 2023
فلسطين ليست قضيتي
إذا كانت القضية الفلسطينية، كما هي اليوم، أصلا تجاريا للنظام الرسمي وجامعته العربية؛ وإذا تحول الدفاع عن القدس قناعا، تغطي به فيالق الموت جرائمها في سوريا والعراق واليمن ولبنان؛ وإذا بقيت أرض الرباط متنفسا لكل الكهنة، للهروب من مواجهة الاستبداد الذي تقبع تحت مظلته؛ ففلسطين ليست قضيتي.
ليس مدار الكلام هنا عن الصراع القائم بين فيالق المحتل من جهة، والشعب المقاوِم من جهة مقابلة؛ وليس الحديث مُنصبّا على شرعية المقاومة وبطولات المقاومين، فقوافل الشهداء ووحشية الاحتلال تُغني عن كل نقاش. بل محور الكلام اليوم عن تمثّل الوعي الجمعي العربي للقضية الفلسطينية، وضرورة كشف الزيف والتضليل، الذي يفرضه الإعلام الرسمي العربي وأذرعه الدعائية، على القضية الأقدس عند جمهور العرب والمسلمين.
المبحث هو: كيف نجحت أبواق الدعاية العربية، بما هي ظهير مباشر للمشروع الصهيوني، في إفراغ الصراع من محتواه الحقيقي؟. وكيف زُيّف الوعي بالاحتلال بما هو شرط المقاومة عند عموم شعوب المنطقة؟. وكيف يمكن تعديل البوصلة، ونسف سرديات الاستبداد والاحتلال معا لتأسيس وعي جديد؟!.
حركات المقاومة نفسها شهدت في السنوات الأخيرة انزياحات خطيرة وانزلاقات صادمة، بالسقوط في اصطفافات المحاور التي تمزق المنطقة، بعد إعلان عدد من قياداتها تعاطفه الصريح مع قاتل شعب سوريا وحليفه الإيراني.
فلسطين قضيّتهم
ساهمت ثورات الربيع بشكل قوي، في فضح كثير من التيارات والسرديات والأحزاب والجماعات، التي كانت تتاجر بالقضية الفلسطينية وتتستر بها. فقد كانت التيارات، القومية والعروبية والناصرية والوحدوية، تتغنى بفلسطين وبالثورة من أجل القدس، ثم ارتكبت بعد ذلك أبشع الجرائم في حق الفلسطينيين، وفي حق الشعوب التي كانت تنادي بتحرير فلسطين. والمكوّن القومي نفسه مع أذرعه الإقليمية انتهوا في الحضن الإيراني، وتحالفوا مع مجاميعه المسلّحة لقتال الشعوب الثائرة في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر.
أما النظام الرسمي العربي، ممثلا بجامعته العربية وأعضائها في نادي الاستبداد، فقد كان أكثر حذرا في التعامل مع القضية المركزية للأمة وشعوبها؛ إذ نجحت الأنظمة العربية، على مدار أكثر من نصف قرن، في المشاركة في تصفية الملف الفلسطيني، عبر التنسيق السري والعلني مع الكيان المحتل من جهة، والتظاهر بالتعاطف مع شعب فلسطين من جهة ثانية.
حتى حركات المقاومة نفسها شهدت في السنوات الأخيرة انزياحات خطيرة وانزلاقات صادمة، بالسقوط في اصطفافات المحاور التي تمزق المنطقة، بعد إعلان عدد من قياداتها تعاطفه الصريح مع قاتل شعب سوريا وحليفه الإيراني. ولن نخوض هنا في حجم الفساد المالي والسياسي لكثير من القيادات الفلسطينية من الجانبين، ولا في السعي إلى توظيف القضية عربيا وإقليميا، من أجل الظفر باللقب السحري “الممثل الشرعي والوحيد”.
على جبهة أخرى وجدت تيارات دينية كثيرة، أغلبها مرتبط بالأنظمة الحاكمة في قضية فلسطين، متنفسا لها لتصدع بخطبها العصماء تنديدا بالاحتلال ودعما لفظيا للمقاومة؛ لكن أصواتها خفتت مع موجة التطبيع التي اكتسحت منطقة الخليج في السنوات الأخيرة، وصار صوتها أقل ارتفاعا من ذي قبل، بناء على أوامر الحاكم بأمره. فليست بيانات هذا المفتي أو ذلك الشيخ القابع تحت سقف العسكر أو السلطان إلا تنفيسا طائفيا، يهدف إلى امتصاص غضب الجماهير، ورفع الحرج عن الحاكم الغارق في وحل التطبيع. فالبعد الإسلامي للقضية بمقدساتها الدينية، وخاصة القدس والمسجد الأقصى، يضع التيارات الدينية في حرج شديد أمام عموم المسلمين، ويفرض بيانات لا تهدف إلى غير امتصاص الغضب الشعبي.
مسار الانهيار الذي عرفه الملف الفلسطيني، لم يكن لينجح لولا الدور الكبير الذي لعبته الوساطات العربية، ومباركتها لكل الاتفاقيات المذلة في مواجهة كيان محتل، وصولا إلى اتفاق أوسلو الشهير.
كسر السردية وتجديد الوعي
ماذا حققت هذه السرديات التي امتدت على مدى أكثر من نصف قرن؟. لا شيء!.. بل هي ساهمت في اتساع رقعة الاستيطان، وفي تمدد الكيان المحتل، وصولا إلى سباق التطبيع المحموم الذي يدور على الساحة اليوم. وبناء عليه يكون من الواجب اليوم كسر طوق السرديات السابقة، وكشف الخلفيات التي تأسست عليها؛ وهو الطريق الوحيد الذي يسمح ببناء وعي شعبي مقاوم جديد.
لا أحد من الذين أفنوا أعمارهم في سب الاحتلال والمحتل، يتجرأ على كشف الحزام الذي يحمي الاحتلال من الخارج؛ وهو حزام النظام الرسمي العربي نفسه!. ألم يكن الاستبداد العربي الحارس الوفيّ لدولة الكيان؟. ألم تشارك الخيانات العربية الرسمية في إطالة أمد الاحتلال، وتمزيق الصف الفلسطيني؟. ألم تكن الأنظمة العربية شرطا من شروط الاحتلال؟. ما الفرق بين باني المستوطنات في الداخل، وبين من يحرسها من الخارج؟.
إن مسار الانهيار الذي عرفه الملف الفلسطيني، لم يكن لينجح لولا الدور الكبير الذي لعبته الوساطات العربية، ومباركتها لكل الاتفاقيات المذلة في مواجهة كيان محتل، وصولا إلى اتفاق أوسلو الشهير. بل إن دور السلطة العربية، في منع نهضة الشعوب وبناء سيادتها وتحرير جيوشها، وفي بقائها رهينة المساعدات والهبات الأجنبية، هو الذي أبقى المنطقة في حالة ضعف شديد، وهو وضع مكّن الاحتلال من إقصاء الشارع العربي من كل وزن في مواجهة المحتل.
فلسطين ليست قضية الفلسطينيين فحسب، وليست قضية العرب فقط، وليست قضية المسلمين دون سواهم؛ بل هي قضية شعب وأرض وتاريخ واقعين تحت أبشع الكيانات الاستيطانية، التي تعمل على تغيير الهوية والنفي من الوجود. فلسطين هي قضية كل إنسان يؤمن بأن الاحتلال هو رأس الإرهاب، ويؤمن كذلك بأن الاستبداد هو حارس الاحتلال. من كان يصدّق مثلا أن تتحوّل السلطة الفلسطينية في الداخل إلى فريق أمني يقدم للمحتل كل الخدمات التي تقود إلى اغتيال عناصر المقاومة؟. ومن كان يصدق أن الكيان المحتل يستشير الدول العربية المطبّعة قبل قصف غزّة؟. ومن كان يصدق حجم الدعم المالي الذي يحصل عليه المحتل من دول الخليجية؟.
إذن، ليست إسرائيل وحدها من يقتل الفلسطينيين ويدمر مساكنهم ويصادر أراضيهم، بل إنه لم يكن جيشها ليستطيع ذلك لولا محور التواطؤ العربي، ممثلا في نظامه الرسمي.
بناء على هذه السردية الجديدة، تصبح قراءة المشهد الفلسطيني عربيا أكثر وضوحا وموضوعية، لأن فواعل الاحتلال لا تقتصر على الطرف المحتل، بل تشمل كذلك كل الأطراف العربية المشاركة بقوة في هذا الاحتلال.
إن تغيير الوعي بطبيعة الصراع في فلسطين، باعتبار هذا الصراع جزءا من صراع الشعوب العربية ضد الاستبداد والفساد والتواطؤ وحكم الفرد، هو الذي سيؤسس لفعل عربي وإسلامي ناشئ مبنيّ على هذا الوعي الجديد.
إن مهمة تحرير وعي الشعوب من الأوهام القديمة، والأغلال التي وضعتها أذرع الاستبداد في طريق تمثّل الشعوب للقضية الفلسطينية، هي اليوم أوكد المهام؛ لأنها وحدها القادرة على تمزيق حُجُب الوهم الذي يُعمي عن فهم طبيعة الصراع.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق