ليس أوضح من الدّم
بقلم: أيمن العتوم
| 18 مارس, 2024
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 18 مارس, 2024
ليس أوضح من الدّم
يمكن أن تختلف مع الآخرين على كل شيء وعلى أي شيء، ولكنك لا يمكن أن تختلف معهم على الدّم، ذلك أنه حين يسيل أمام ناظريك وأمام أنظار العالم كله فلا أحد بمقدوره أن يجادل فيه أو يماري.
وها هو الدم في غزّة، يسيل من كل فجّ، وينثعب من كل شِقّ، ويتفجر من كل صدر، ولا يمرّ يوم واحد على غزّة المنكوبة – بهذه الهمجية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ- إلا ويكون لون الدم رايته، وصوته المسموع.
إن من أغرب الغرائب، ومن أعجب العجائب، التي لو لم نكن شاهدين عليها لما صدّقناها ولما قلنا إنها يمكن أن تحدث؛ هو أن يتشدّق العالم الأول بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويخصّ حقوق المرأة بآلاف المواثيق والنداءات، ثم هو ينتهك ذلك كله انتهاكًا صارخًا في غزّة؛ كأن غزّة لا تنتمي إلى هذا العالم، أو كأن سكانها ليسوا بشرًا، إنما هم مجموعة حيوانات، ولو عَدُّوهم حيوانات لكان للحيوانات حقوق أيضًا، ولكنهم يعدّونهم في مرتبة أقلّ من البشر وأحطّ من الحيوانات!
في غزّة تُسلَب حرية الناس، يُقتَلون، يُشرّدون، يُبادُون، يُقتَلعون، يُهجَّرون، يُنفَون من حارة إلى حارة ومن مدينة إلى أخرى ومن شمال إلى جنوب… في غزّة لا حقوق ولا ديمقراطية ولا سخام ولا من يحزنون… في غزّة قتل مُمنهَج وإبادة عرقيّة، وتدمير للحجر والشجر والحيوانات بَلْهَ البشر… في غزّة تُهان المرأة التي صدّعوا رؤوسنا في الغرب بحقوقها؛ تُقتَل، تُسحَل، يُبقَر بطنها، تموت مع جنينها، وإذا عاشت عاشت وقد نقصها عضو من أعضائها، لا أحد في غزّة اليوم يعيش بجسد كامل.
في غزّة تجد المبتور والمجدور والمقهور والممرور والمكسور والمقرور، لا أحد كاملاً في غزّة، إن سَلِم جسدًا لم يَسلمْ نفسًا، الذين تراهم سَلِيمي الأجساد ليسوا كذلك، إنهم مُحطّمون من الداخل، بعثرتْهم الحرب، ودمّرتْ نفسيّاتهم، وأكلتْ شبابهم، ومصّتْ رحيق أعمارهم، وتركتْهم ينتظرون الموت ويهتفون به في كل حين أنْ أقبلْ فقد طالت غيبتك، ويردّدون مع المُهلّبي قوله:
ألا مـوت يُـبـاع فـأشـتـريـه فهذا العـيش ما لا خيـر فيه
ألا موت لـذيـذ الطـعم يأتي يُخلّصني من العيش الكريه
إذا أبصرتُ قبـرًا من بعيـد وددْتُ لَوَ.. انّـنـي ممّـَا يليه
ألا رحم المهيمن نفـس حُرّ تصدَّق بِالوفـاة على أخيـه
في غزّة ألف وجع ووجع، وألف مأساة ومأساة، وفي رمضان تتفاقم مآسي الناس وتتعدّد، وإذا كان وحش الجوع قبل رمضان قد فغر فاه وكشّر عن أنيابه فالتقم عددًا من الجوعى الذين بعث بهم الموت إلى الضفة الأخرى، فإن هذا الوحش المُدمّر في رمضان قد أصابه السُّعار، فراح يخبط بقدميه الأسطوريّتَين على أرواح الناس، فيُهلِك كل من عَبَره، ويقضي على كل من حدّق في عينيه…
فيا ربّ الجوع، ويا ربّ وُحُوشه التي لا ترحم: ألا ترحم عبادك المؤمِنين، فتُطعِمهم من جوع وتُؤامنهم من خوف.. ويا ربّ الصواريخ والبارجات، والدبّابات والراجمات: ألا ترحم ضعفاء غزّة أطفالاً ونساء وشيوخًا ممّن لا حول لهم ولا قوة فتُنزِل عليهم بدل الصواريخ رحمتَك وخيرك وفضلك، فإنك ربّ كل شيء، وإنه لا مُعقِّب لحُكمك، وإنّا إلى عطفك جِدُّ فقراء.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق