هل غيّرت الحربُ فيك شيئاً؟

بواسطة | نوفمبر 4, 2023

بواسطة | نوفمبر 4, 2023

هل غيّرت الحربُ فيك شيئاً؟

في هذا العالم المتناقض، يُكبَل الواقع المروع تحت سطور الإنسانية المدعاة. نتناول تناقضات تسليط الضوء والصمت، وكيف تصبح حقوق الإنسان موضوعًا قابلاً للتحريف.

الكذب الإنساني – حين تتناقض الأخلاقيات في وجه الواقع

إن كنتَ قد خرجتَ من الحرب بذات القلب الذي دخلتها فيه، فأنت تحت الأنقاض وإن بدا لك عكس ذلك! وإن لم تكن غيّرتْ فيك الحرب شيئا من قناعاتك، فقد دفنوك وأهالوا عليك التراب من حيث لا تدري!
هذا العالم كذّاب أَشِر، سخيف ومتناقض، يخفي عفنا تحت إنسانية مدَّعاة!
سيخبرونك أن الدببة القطبية في خطر، وأن عليك أن تقلق، وإلا فأنت منقوص الإنسانية! وسيحدثونك أن فرقة من جيش ما أشقر قد لازمت الشاطئ تحرسه حتى تفرغ السلاحف من وضع بيوضها، وعليك أن تصفّق لهذه الرحمة الباردة، وإلا فأنت قاسٍ!
وسيحدثونكَ أن طبقة الأوزون ما زالت مثقوبة، وأن عليك أن تساهم برتق ثقبها ولو كلفك الأمر أن تأخذ إبرة أمك وخيطها، وتستأجر صاروخا فضائيا، وتتوجه لخياطته.. وإلا فأنت تعاني نقصا في التضامن مع إخوتك البشر، ولا تحفل بمستقبل الأجيال القادمة!
فإن حدث هذا فابصقْ في وجوههم وأخبرهم أنهم كذَّابون.. أخبرهم أن حياة أطفال غزّة أهم من حياة الدببة القطبية، وأنهم منافقون حين سكتوا عن طائرات الاحتلال الحربية وهي تبيدهم، بل هم من شجَّعوه وأطلقوا العنان لجرائمه. وحين يحدثونك عن حقوق الطفل اخلع حذاءك وارمهم به، فمن لم  يكترث بحياة الأطفال من الأساس فليس له أن يحاضر في حقوقهم.
 وإن حدثوك عن حرية المرأة وحقوقها فاصفعهم على وجوههم، الكذابون كانوا يتفرجون على نساء غزّة وهُنَّ يتطايرنَ أشلاء.. أرجو أن تكون قد فهمت أنهم لا يعنيهم من حرية المرأة إلا ما تعلّق بخلع الحجاب، وأفكار النسوية المريضة، هذه هي قضيتهم، وما عدا ذلك فالمرأة هدف مشروع للقذائف!
 وإن حدَّثوك عن حُريّةِ التعبير فقل لهم اخرسوا!. ألم يقطعوا الإنترنت عن غزّة لتُباد بلا شهود عيان؟! ألم يحذفوا منشوراتنا، ويُغلقوا حساباتنا في مواقع التواصل؟!. إن حرية التعبير عندهم هي أن تُعبِّر عمَّا يؤمنون به، أما ما خالف أهواءهم فهو صوت نشاز يجب أن يتم إسكاته.
 وإن حدثوك عن تغيير المناهج لأن بعض آيات القرآن فيها تحرّض على العنف، فاتْلُ عليهم سورة الأنفال، وأخبرهم أنه لا يفلُّ الحديد إلا الحديد، وأن القرآن لا يحضُّ على العنف.. ما يحضُّ عليه هو كل هذا القتل الذي أعملوه فينا، وإنَّ كل واحد منّا له بعد اليوم عندهم ثأر!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...