خطاب المخرج “جوناثان غليزر” المثير للجدل في حفل الأوسكار، بين مؤيّد ومُعارِض..
بقلم: محمد القاسمي
| 18 أبريل, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: محمد القاسمي
| 18 أبريل, 2024
خطاب المخرج “جوناثان غليزر” المثير للجدل في حفل الأوسكار، بين مؤيّد ومُعارِض..
بعد الزخم الكبير والتمجيد الرهيب لفيلم “The Zone of Interest” أو “منطقة الاهتمام” شعرت أنني مقبلٌ على تحفة فنية، وهو فيلم بريطاني ناطق باللغة الألمانية، للكاتب والمخرج “جوناثان غليزر”، وتدور أحداثه المبنية على قصة حقيقية خلال الحرب العالمية الثانية حول “رودولف هوس”، وهو قائد نازي لمعسكر الاعتقال في أوشفيتز، يعيش حياة مثالية مع زوجته وأبنائه في منزل فخم وحديقة جميلة بجوار معسكر الاعتقال.
حين شاهدت الفيلم خابت آمالي كثيرًا، والسبب الرئيسي هو أنني كمُشاهد تشبّعت من أفلام اليهود والمحرقة، لأنّ هدفها واحد وهو التعاطف مع اليهود، بينما نرى اليهود اليوم وهم يبيدون شعب فلسطين وغزة.
المفارقة المضحكة هي أن الفيلم يسرد بشكل متهكّم كيف أن النازيين يعيشون حياتهم بلا اكتراث أو مبالاة، في حين أن اليهود بجوارهم يُحرَقون ويُقتَلون في معسكر الاعتقال، فما نراه اليوم في غزة ما هو إلا انعكاس دقيق لما حدث آنذاك، غير أن اليهود الآن هم النازيّون الجدد تجاه شعب فلسطين وغزة.
فكيف لي أن أتعاطف مع من يبيدون إخواننا المسلمين بدمٍ بارد وضميرٍ ميّت؟! حاولت أن أنظر إلى الفيلم من زاوية محايدة وموضوعية دون عاطفة لكي أقيّمه بإنصاف، خصوصًا أنني شاهدت الكثير من الأفلام التي تناولت هذا الموضوع، ولكن هذا الفيلم كان رمزيًّا ومُمِلَّا وخاليًا من الأحداث والحوارات، واعتمد على المشاهد الساكنة المطوّلة، دون أي تشويق للمُشاهِد. ولأنّ العالم الغربي منحاز لليهود اكتسح الفيلم معظم الجوائز العالمية، وأهمّها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي، علمًا بأنّه لا يستحق الترشيح أو الفوز في وجود أفلام أخرى أقوى وأفضل بمراحل.
في حفل جوائز الأوسكار حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث تقدّم مخرج الفيلم “جوناثان غليزر” لاستلام الجائزة بعد إعلان فوز فيلمه، وفي خطابه عبّر لأكاديمية الأوسكار والجمهور عن شكره وامتنانه، وأشاد بفريق عمل الفيلم وطاقم الممثلين، حتى أنهى خطابه بما يعبّر عن تلك المفارقة المضحكة التي تطرّقتُ إليها في بداية مقالي، حول الانعكاس الدقيق لما يحدث اليوم في فلسطين وغزة، حيث أدان وبشدّة الإبادة التي تحدث، قائلًا: “جميع خياراتنا اتُّخِذت لتعكس صورتنا في الحاضر.. لا أريد أن أقول: انظروا ماذا فعلوا آنذاك، بل أقول: انظروا إلى ما نفعله نحن الآن. فيلمنا يسرد أسوأ ما قد ينتج عن التجريد من الإنسانية، نحن الآن نقف كأشخاص يهود يرفضون أن يقوم (الاحتلال) باختطاف هويّتهم اليهودية وتاريخ المحرقة، ما أدّى إلى صراع راح ضحيته كثير من الأبرياء”؛ وأضاف قائلًا: “سواء كان حديثنا عن ضحايا السابع من أكتوبر في إسرائيل، أو ضحايا العدوان المتواصل في غزة، وكل ضحايا هذا التجريد من الإنسانية، السؤال هو: كيف نقاوم؟”.
بعد هذا الخطاب لاقى “غليزر” هجومًا شنيعًا من الإعلام الإسرائيلي والصهاينة، وكذلك الشخصيات اليهودية البارزة، حيث وصفوه بالخائن لليهود وللمحرقة ولموضوع فيلمه، وقد وقّع كثيرون على عريضة يستنكرون فيه خطابه المسيء في نظرهم، واستمر الهجوم عليه لأكثر من شهر كامل.
خلال ذلك الوقت، أبدى كثير من النجوم اليهود والشخصيات البارزة في هوليوود دعمهم الكامل لـ “غليزر” وخطابه المثير للجدل، حيث أكّدوا أنّه لم يهن اليهود ولا تاريخ المحرقة، فهو وبكل بساطة عبّر عن ضمير كل إنسان شريف في هذا العالم، يرفض الإبادة والظلم والقصف والقتل والتشريد، فكيف لشخص طبيعي أن يقف ضد هذا الخطاب؟!
الظلم الذي عانى منه اليهود خلال الحرب العالمية الثانية وموضوع المحرقة ليس مبرّرًا لاحتلال دولة أخرى، وليس مبرّرًا للانتقام، وفلسطين ستبقى دولة حرّة أبيّة، وستبقى أرض بيت المقدس وأرض الأنبياء والمرسلين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلّم. ووعدُ الله حق.. {وسيعلم الَّذين ظلموا أيَّ مُنقلَبٍ ينقلبون}.
كاتب وناقد ومخرج بحريني
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق