
أوصيك بالحَجَّاج خيرًا
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 15 يناير, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 15 يناير, 2024
أوصيك بالحَجَّاج خيرًا
يتعمق المقال في تحليل ورصد الوصايا السياسية للخلفاء والحكام في التاريخ العربي الإسلامي، مسلطًا الضوء على القيم والمبادئ التي ترتبط بها تلك التوجيهات. يستعرض المقال أهمية الوصايا كتراث ثقافي وسياسي، ويقدم نظرة على مدى تأثيرها على الحكم والإدارة في مختلف العصور.
تراث الوصايا السياسية في التاريخ العربي الإسلامي – إرث يمتد عبر العصور
من يقرأ التاريخ السياسي العربي الإسلامي، يجد أن خلفاء المسلمين اتفقوا على عادة مكررة لا يتركونها، بالرغم من سماتها المتصلة بإرهاصات الموت وعلامات الاحتضار ودنو الأجل، ألا وهي الوصية.. الوصية السياسية.
والوصية تكليف ديني يشمل كل امرئ مسلم، وقد تكررت الإشارة إليها في الأخبار والآثار النبوية، وعُرف عند المسلمين الاهتمام بالوصايا قبل الموت في ما فيه صلاح أمر الفرد أوالناس المتعلقين بالموصي قبل وبعد مماته؛ وقد جاء في الأثر النبوي: “ما حق امرئ مسلم، له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده”.
ولما كانت مهمة الخلفاء والساسة هي رعاية شؤون الناس، وحفظ الدولة، واستقامة معايش الخلق، كانت الوصية في حقهم أكبر، لعظم دورهم في مسيرة الحياة، وحرصهم على رسم نهج سياسي وإداري وحكمي لمن سيكون بعدهم خليفة جديدًا أو حاكمًا.
وعندما نرى وصايا الخلفاء والسلاطين نجد أنها احتوت على أجزاء وأنماط مشتركة وهموم موحدة، ومن ذلك وصيتهم بما يتعلق بشؤون الآخرة، من الحرص على بذل الصدقات عنهم، وبناء المساجد، ومساعدة وكفالة الأيتام والمحتاجين والمساكين، وأن يُقرأ – مثلًا- القرآن على قبر الميت أو أن يكون خده على التراب؛ ومثل ذلك ما جاء في وصية الخليفة الأموي الشهير عبد الملك بن مروان حين قال لبنيه: “يا بَنيّ، إذا أنا متُّ فغسلوني وكفنوني وصَلّوا عليّ، وسلموني إلى عمر بن عبد العزيز يدليني في قبري وحفرتي”.. مثل هذا الجزء كان غالباً ما يتصدر وصايا الخلفاء والسلاطين، ثم يأتي بعده مربط الفرس، وهي التوصية السياسية أو ما يختص بشؤون إدارة الدولة في ما بعد.
فمما تضمنته التوصيات السياسية، التي نادى بها الخلفاء والحكام والسلاطين، إقامة العدل وإحقاق الحق بين الرعية، كما كانت تنص على ذلك غالب الوصايا التي وصى بها الخلفاء الراشدون وصالحو بني أمية وبني العباس من الخلفاء؛ ومثل ذلك ما كان من الخليفة الأموي الراشد عمر بن عبد العزيز في التشديد في النصح والإرشاد السياسي، والوصية إلى ابن عمه يزيد بن عبد الملك بالتزام ذلك، فعمر لم يكن راضياً به كولي للعهد، لكنه لم يشأ الدخول في صراعات سياسية وموروثات حكمية تكون عاقبتها سلبية على الشعب والناس، فقام بتذكيره بضرورة تطبيق العدالة في الحكم والموازنة في العطاء، وعدم تضييع حقوق الناس.
وربما شملت الوصايا التوصية بالوزراء، ومن ذلك وصية عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بضرورة الاهتمام بالحجاج بن يوسف الثقفي، والاستفادة منه لأقصى حد في تثبيت أركان الحكم الأموي، حيث قال: “وأوصيك يا وليد بالحجاج خيرًا، فهو الذي وطأ لكم المنابر، وكفاكم التقحم وملاقاة عدوكم”.
ومثلما كان في بعض الوصايا دعوة إلى الاهتمام بالوزراء والأعيان، كان هناك وصايا سياسية تنص صراحة على ضرورة عزل أو تقييد بعض الوزراء أو الأعيان أو القضاة، أو الحذر منهم؛ ومثل ذلك ما كان في وصية المأمون العباسي لأخيه المعتصم، بأن يعزل الوزير يحيى بن أكثم من منصبه، لأنه ظهر لديه من الأدلة أن الوزير لا يعمل لصالحه ونفّر الناس عن المأمون، كما طالب المأمون أيضًا في الوصية السياسية لأخيه المعتصم بأن يحذر الوزراء، وكان يقول له “إن سكنت الدهماء فالخَطر من الوزراء”، وكان يقول أيضًا: “لا تتخذَن بعدي وزيرًا، فقد علمت يا أخي ما نكبني به يحيى بن أكثم”.
فكانت الوصايا بمثابة الدليل المنهجي للحاكم القادم، وخارطة طريق للعمل، لكنها تتأثر غالبًا بفكر ومنهج وأسلوب الحاكم السابق، ومدى اجتهاده في إبقاء تلك المنهجية سارية بعد موته.

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق