قد يكون وقف الرئيس لإمدادات الأسلحة إلى إسرائيل هو السلاح الأكثر فعالية في ترسانته

أشار التغيير الحاد في تحول الخطاب الأمريكي إلى شيء واحد.. لقد سئم جو بايدن.

لا يزال الرئيس الأمريكي يعاني من مقتل سبعة من عمال الإغاثة في غزة بسبب الغارات الإسرائيلية، وقد أخبر بنيامين نتنياهو أنه ستكون هناك عواقب إذا لم يبدأ في حماية المدنيين. وخلال مكالمة هاتفية متوترة استمرت 30 دقيقة، أخبر بايدن المحبَط الزعيمَ الإسرائيلي أنه بحاجة إلى اتخاذ “إجراءات فورية لتنفيذ سلسلة من الخطوات المحددة والملموسة والقابلة للقياس لوقف إزهاق حياة الأبرياء”؛ وقال إن سياسة الولايات المتحدة “ستتحدد” من خلال الطريقة التي تتصرف بها إسرائيل.

إذا رفض نتنياهو الاستجابة لتحذير بايدن وغير تكتيكاته، فسوف يراقب العالم ليرى كيف سترد أمريكا.

وكذلك حذر بن رودس، النائب السابق لمستشار الأمن القومي لأوباما: “من الواضح أن بيبي لا يهتم بما تقوله الولايات المتحدة، بل بما تفعله الولايات المتحدة”.

إذن، ما هي الأدوات التي يمتلكها بايدن لإقناع زعيم جامح مثل نتنياهو بالتحرك وتغيير موقفه؟

وقف أو تقييد مبيعات الأسلحة

لم يصل البيت الأبيض إلى درجة القول بشكل مباشر إن بايدن سيوقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، أو يفرض شروطًا على استخدامها، لكن هذا هو السلاح الأكثر وضوحًا – وربما الأكثر فعالية- في ترسانة بايدن.

وعلى الرغم من مناشدات بعض أركان حزبه، فقد قاوم الرئيس الديمقراطي منذ فترة طويلة الحد من تدفق المدفعية والأسلحة إلى إسرائيل، التي تعتمد على كل شيء بدءًا من طائرات F-35 الأمريكية الصنع، إلى القنابل الموجهة بدقة وقذائف المدفعية.

وقال دان أربيل، الباحث المقيم في مركز الدراسات الإسرائيلية بالجامعة الأمريكية: “عندما يقولون إنه ستكون هناك عواقب، أعتقد أن هذا هو الأكثر أهمية والأكثر فاعلية”؛ وأضاف لصحيفة التليغراف: “إنهم لم يتوصلوا إلى ذلك بعد، لكنني لا أستبعد ذلك في المستقبل القريب إذا استمر الوضع على ما هو عليه”.

وقال ستيفن كوك، زميل إني إنريكو ماتي البارز لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية، إنه “لم يكن هناك في الحقيقة أي نقطة ضغط أخرى تستخدمها الولايات المتحدة، بخلاف تقييد المساعدات العسكرية”؛ وأردف: “الآن بعد أن هدد بايدن باتخاذ إجراء، سيكون موقفه ضعيفاً بحيث لا يتمكن من الاستمرار عليه إذا لم يقم الإسرائيليون بالاستجابة”.

رسائل خفية ولكنها قوية

بدلاً من القيام بتحركات علنية لقطع صفقات الأسلحة، يمكن للسيد بايدن أيضًا إجراء تغييرات طفيفة لتأجيل العقود وإحباط تل أبيب. يقول ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز غير الربحي ومقره واشنطن: “في بعض الأحيان تكون أقوى الإشارات هي في الواقع إشارات خفية وهادئة للغاية”.. وقد يشمل ذلك إبطاء توفير الذخائر أو الموافقة على العقود العادية لقطع الغيار.

وفي حين أن الأمر قد يبدو تدريجيًا، فإنه سيكون “تصعيدًا من قبل الأمريكيين” وهو أمر “سيأخذه الإسرائيليون على محمل الجد”.

تكثيف الهجوم العلني

أصبحت تصريحات بايدن وحكومته بشأن نتنياهو حادة بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة.. ووصف الرئيس الأمريكي مقتل سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي هذا الأسبوع بأنه “أمر مشين”، بينما أدان وزير الخارجية أنتوني بلينكن الهجوم ووصفه بـ “المروع”.

وفي الشهر الماضي، وصف تشاك شومر – زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ- نتنياهو بأنه عقبة أمام السلام، ودعا إلى إجراء انتخابات في إسرائيل.

ويتوقع السيد أربيل أن يتم استخدام التصريحات الانتقادية والعبارات اللاذعة بشكل متكرر أكثر في الأسابيع المقبلة؛ ويضيف أنه مع ذلك، فإن هذا التكتيك لا يحقق نجاحًا كبيرًا، حيث يعتاد الناس بسرعة على عبارات الهجوم اللفظي.

التوقف عن حماية إسرائيل

لطالما كانت الولايات المتحدة داعمًا قويًا وحاميًا لإسرائيل.. وفي فبراير/ شباط استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد القرار الثالث لمجلس الأمن الدولي، الذي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

وعندما لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الشهر الماضي، رد نتنياهو بإلغاء اجتماع في واشنطن بين وفده وإدارة بايدن.. من المحتمل أن يكون الاستمرار في الامتناع عن التصويت في المستقبل أداة فعالة لبايدن.

إذا أظهر الرئيس الديمقراطي تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل، فقد يؤثر ذلك أيضًا على معاملة الدول الأخرى للدولة اليهودية؛ وعلى سبيل المثال، قد تمتنع بعض الدول الآن عن إدانة إسرائيل خوفاً من إثارة غضب حلفائها الأميركيين، بينما قد تغير موقفها إذا غيرت واشنطن نهجها.. ويضيف ساكس: “إذا كان لدى الدول شعور أقل بأن أمريكا تحمي ظهر إسرائيل فمن الأفضل ألا نبالغ في إظهار ذلك”، وقد يجعل ذلك الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لنتنياهو.

الدولة الفلسطينية

يعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو أمر حساس للغاية على المستويين الدولي والمحلي، أحد الخيارات الأقل ترجيحًا، التي يمكن أن يتخذها بايدن. وبينما قال مسؤولو البيت الأبيض إنهم يستكشفون الخيارات السياسية فيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن مثل هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة.

وحذر السيد أربيل من أن مثل هذا الإجراء الجذري قد ينتهي به الأمر لصالح نتنياهو؛ وقال: “إنه الآن في أدنى مستوى في استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، ومثل هذه المواجهة العلنية قد تنقذه”، وأضاف أن الزعيم الإسرائيلي حينها يمكنه أن يقول “نحن نقف ضد العالم”.

وبينما لا يمكنك استبعاد ذلك، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون خطوة كبيرة ذات تداعيات قانونية.

وقال ساكس إنه من المرجح أن يتم تنفيذ مثل هذا الإجراء الجذري “بطريقة محسوبة للغاية” وليس مجرد “وسيلة لزيادة الضغط”، وأضاف لصحيفة التلغراف: “لا أعرف أي طريق سيسلكون”.

ويرى ساكس أن “الغضب تجاه نتنياهو – والاستياء منه بشكل حقيقي بالفعل– هو الذي أوصل حتى بايدن إلى هذا الموقف”.