الأولمبية الدولية والقضية الفلسطينية

بواسطة | مارس 21, 2024

بواسطة | مارس 21, 2024

الأولمبية الدولية والقضية الفلسطينية

مازالت الحرب الحيوانية التي يشنها الكيان المحتل على غزة متواصلة، وبلغت ذروة وحشيتها خلال شهر رمضان المبارك، ومازال العالم يشاهد المجازر اليومية بحق المدنيين والأبرياء دون أن يحرك ساكنا، أو يتخذ موقفا حازما من تلك العصابة الصهيونية البشعة.

وتقف المؤسسات الدولية عاجزة عن كبح جماح “النتن ياهو” ورفاقه في سفك دماء الفلسطينيين، واكتشف أحرار العالم أكذوبة الشعارات الزائفة عن حقوق الإنسان، حيث يموت أطفال ونساء وشباب وكهول غزة، وتتعدد مشاهد الموت بين الاستشهاد قصفا بالقنابل والصواريخ والرصاص، وبين الجوع والعطش بسبب الحصار وتعمد منع إدخال المساعدات الإنسانية.. وارتفعت وتيرة العدوان مع نجاح رجال العشائر الفلسطينية في إدخال عدد من شاحنات المساعدات شمال القطاع، ما أشعر الكيان الصهيوني بالعجز والقهر، فضاعف من قسوة القنابل والتفجيرات والاستهداف.

حتى تعلم أن هذه المؤسسات الدولية تطبق قاعدة المعايير المزدوجة، طالع معي البيان الذي أصدرته اللجنة الأولمبية الدولية (أعلى سلطة رياضية على كوكب الأرض)، بخصوص مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروس في دورة الألعاب الأولمبية الصيف المقبل في العاصمة الفرنسية باريس.. إذ قالت في بيانها يوم الثلاثاء: “إن الرياضيين الروس والبيلاروس، الذين سمحت لهم بخوض دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس الصيف المقبل تحت علم محايد، لن يشاركوا في حفل افتتاح الألعاب”. وقال مدير اللجنة الأولمبية، جيمس ماكلاود، بعد اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية في لوزان، في تصريحات نقلتها وكالة “فرانس برس”، إن الرياضيين الروس والبيلاروس الذين يخوضون غمار المنافسة تحت علم محايد “لن يكونوا ضمن الوفود والفرق المشاركة خلال عرض حفل الافتتاح، كونهم رياضيين فرديين”.

كنا هنا في الزاوية نفسها قد استعرضنا مواقف الهيئات الرياضية الدولية، وكيفية تباين موقفها بين حرب روسيا على أوكرانيا وحرب الكيان الصهيوني على غزة؛ فقد أعلنت الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم والعديد من الاتحادات الرياضية الدولية إيقاف روسيا وبيلاروسيا وحرمانهما من البطولات العالمية والقارية، بل وأعلنت اتحادات عدة تعاطفها مع أوكرانيا، فيما تتحرك الجهات نفسها تجاه حرب الإبادة التي يشنها الكيان المحتل ضد الشعب الفلسطيني، على الرغم من أن الانتهاكات شملت استهداف رياضيين واحتلال ملعب اليرموك وتحويله لمقر اعتقال.

إن لروسيا أن توجه اتهاما صريحا وقاسيا للجنة الأولمبية الدولية، خصوصا وأن الأخيرة اتهمت روسيا “بتسييس الرياضة” من خلال إطلاق “ألعاب الصداقة” اعتباراً من سبتمبرالمقبل، وهي مسابقة جديدة منافِسة للألعاب الأولمبية، ويُخطط أيضاً لإقامة نسخة شتوية منها.

والحقيقة أن روسيا لديها كل العذر في أنها شنت حملة عنيفة على اللجنة الأولمبية الدولية، واتهمتها بممارسة “العنصرية والنازية الجديدة” بسبب قواعد الحياد التي فرضتها على رياضييها الأولمبيين، والعقوبات المحتملة على المشاركين في “ألعاب الصداقة” التي سينظّمها الكرملين، وذلك بعد يوم من استبعادهم عن حفل افتتاح أولمبياد باريس.

وأطلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، اتهاماً قاسياً إذ اعتبرت أن “هذه القرارات تظهر إلى أي مدى ابتعدت اللجنة الأولمبية الدولية عن مبادئها المعلنة، وانزلقت إلى العنصرية والنازية الجديدة”.. واتهمت موسكو اللجنة الأولمبية الدولية، بترهيب الرياضيين الراغبين بالمشاركة في ألعاب الصداقة. وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، “هذا تخويف للرياضيين، هذا يقوّض تماماً سلطة اللجنة الأولمبية الدولية”.

ولكم أن تتخيلوا أن البلجيكي بيار-أوليفييه بيكرس فيوجان، رئيس لجنة التنسيق التابعة للجنة الأولمبية الدولية لباريس 2024، يرى أن الصراع في غزة والحرب الروسية في أوكرانيا، هما “وضعان مختلفان”، وقال “من غير الوارد تصور فرض عقوبات على إسرائيل في الوقت الحالي”، وأردف “هذا ليس هو الحال بالنسبة للجنة الأولمبية الفلسطينية، ولا اللجنة الأولمبية الإسرائيلية اللتين تتعايشان في سلام معاً، من الواضح تماماً أن هذين الوضعين مختلفان”.

المدهش أن الألماني توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، هب بعد 4 أيام من الحرب الروسية الأوكرانية وحث على استبعاد الرياضيين الروس والبيلاروس، وإلغاء الأحداث الرياضية المنوي إقامتها في روسيا، لأنه كان يرى أن روسيا انتهكت الميثاق الأولمبي و”الهدنة الأولمبية” بغزوها؛ لكنه هو الآن لا يرى مشكلة في حرب إسرائيل على غزة، ويقول “سيتم اتخاذ الإجراءات، فيجب أن يشعر الإسرائيليون بالارتياح خلال الألعاب، ويجب أن يُعامل الجميع على قدم المساواة، سواء في القرية الأولمبية أو في أي مكان آخر”.

مجددا لن نجد ما نقول غير: تبا لمعاييركم المزدوجة.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...