الإجابة على سؤال: لماذا طوفان الأقصى الآن؟

بواسطة | يناير 2, 2024

بواسطة | يناير 2, 2024

الإجابة على سؤال: لماذا طوفان الأقصى الآن؟

تسلّط هذه المقالة الضوء على سلسلة من الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى ومحاولات تهويد مدينة القدس، بما في ذلك تقرير حادثة “طوفان الأقصى”، وكيف كانت هذه الحادثة تعبّر عن تصاعد التوترات والاعتداءات الصهيونية.

الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى: من الاحتلال إلى “طوفان الأقصى”

في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول هذا العام، أي قبل يومين فقط من عملية “طوفان الأقصى”، التي شنت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة هجوما مباغتا على مستوطنات الاحتلال، داخل المنطقة المعروفة بغلاف غزة، بثت قناة الجزيرة الإخبارية، تقريرا مصورا لمراسلتها “نجوان السمري” من أمام باب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.

اعتداءات اليهود وانتهاكات حقوق الصحفيين

رصد التقرير سيطرة قطعان من اليهود المتطرفين على أبواب المسجد وساحاته، مع أداء طقوسهم وصلواتهم التلمودية فيه، وذلك أثناء احتفالهم بعيد العُرش اليهودي، وهو الاحتفال الذي يبدأ من مساء 29 سبتمبر/ أيلول، ويستمر حتى 6 أكتوبر/ تشرين الأول، ويرتبط بذكرى ضياع اليهود في صحراء سيناء.. لكن العجيب أنه، وفي أثناء تغطية الجزيرة للأحداث، تعرضت مراسلتها للعديد من المضايقات، ما بين صراخ وتشويش من شباب اليهود، ثم تغطيتهم عدسة الكاميرا، حتى وصل الأمر إلى الاعتداء بالسب والضرب على المراسلة وطاقمها الصحفي، وحينما استغاثت بالشرطة الإسرائيلية من أجل تأدية عملها، لم تحصل على الحماية اللازمة؛ وطوال التقرير الذي استمر لمدة عشر دقائق كاملة، تم بثها على الهواء، واصل هؤلاء اليهود استفزاز “نجوان”، بتوجيه الشتائم القبيحة نحو العرب، ونبينا الكريم (عليه الصلاة والسلام).

وأنهت الصحفية تقريرها، بأن منطقة باب القطانين هي منطقة عربية بالكامل، لكنها ومنذ بداية أيام الاحتفالات بعيد العُرش اليهودي، سيطر اليهود المتطرفون عليها، وعلى ساحات المسجد الأقصى وأبوابه، وعلى أسواق البلدة القديمة، كما أجبروا أصحاب المحلات العربية على إغلاق أبوابها، كل هذا في حماية أفراد الشرطة الإسرائيلية. وختمت بالقول: إن ما تعرضنا له اليوم أمام الكاميرات، هو جزء بسيط مما يتعرض له الفلسطينيون من مضايقات واعتداءات داخل ساحات المسجد الأقصى، وبرعاية حكومية صهيونية.

لكن دعونا نترك القدس الآن، ونغلق على جراح الفلسطينيين فيها، لنعود بالزمن ثلاثة أشهر إلى الوراء، فنسافر إلى جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا ولاية تكساس.. داخل أحد مزارع الأبقار هناك، نشاهد طائرة خاصة أرسلتها الحكومة الصهيونية من أجل استقدام خمس بقرات حمراء.

محاولات هدم المسجد وتهويد القدس

زعم اليهود في شهر يوليو/ تموز الماضي، أنهم عثروا على بقرات تتوافر فيها شروط مطلوبة (حسب الموروث اليهودي)، وقد رصدت الحكومة ميزانية كبيرة لجلبها من أمريكا إلى مطار “بن غوريون” في تل أبيب؛ وقالت التقارير الصحفية إن البقرات الخمس قد تمت هندستها جينيا في ولاية تكساس الأمريكية، حيث تعجلت حكومة نتنياهو الحصول على تلك البقرات، من أجل تنفيذ مخططها بتهويد كامل لمدينة القدس، وطرد العرب منها، مع هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم. حيث تخبرنا الخرافات التلمودية، أن هناك بقرة تحمل مواصفات معينة، وأنه بمجرد عثور اليهود عليها سيحق لهم هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل، تمهيدا لظهور المُخلّص (الذي تنُص عليه شريعتهم). وتشمل المواصفات – كما يعتقد اليهود- أن تكون البقرة حمراء نقية، ولادتها طبيعية، خالية من أي عيب، لم يوضع عليها نير (الخشبة المعترضة فوق عنق الثور)، ولم تستخدم في الحرث، ولا في أي غرض مهما كان، ناضجة، ولم تتزاوج، أي أنها أكبر من عامين.

 وأشار الإعلام العبري أنه وفقا لتلك الموروثات، سيُقام احتفال خاص على جبل الزيتون بالقدس المحتلة، فور بلوغ سن البقرة ثلاث سنوات، حيث يقومون بذبحها ورش دمائها في اتجاه المسجد الأقصى سبع مرات، وحرقها مع خشب شجر الأرز وطحالب، ودودة المن الحمراء. وبعد الانتهاء من هذا كله، سيُخلط الرماد بالماء المأخوذ من النبع، ويجري الخلط باستخدام أكواز مصنوعة من الطحالب. وسيستخدم هذا الخليط في تطهير اليهود، بدءاً من الكاهن الذي يغسل ملابسه ويغتسل هو بالخليط (وذلك لاعتقادهم أن اليهود جميعاً نجسون)، وبتطهيرهم سيتسنى لهم الدخول إلى أرض المسجد الأقصى واقتحامه، ومن ثمَّ هدم مسجد قبة الصخرة، وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه.

ويدعي المسيحيون الإنجيليون أن إعادة بناء الهيكل المقدس لدى اليهود، وحربهم مع المسلمين والقضاء عليهم، تشكل الشرط المؤذن لظهور المسيح (عليه السلام) ليقود العالم ويحكم بالصليب؛ بينما يظن اليهود الأرثوذكس بأن بناء الهيكل هو الشرط المؤذن لظهور المسيا اليهودي (المخلص المُنتظَر عندهم)، والذي سيكون ملكًا يحكم الشعب اليهودي، ويُوَحِّد أسباط بني إسرائيل. ومن أجل تحقيق حلم كل فريق منهما، نجد أنهما قد توحدا على حرب المسلمين، والرغبة في القضاء عليهم والاستيلاء على القدس، وهدم المسجد الأقصى الشريف.

رسالة المقاومة وتأثير الحادثة على الساحة الدولية

وعلى مدار شهور، لم تتورع إسرائيل عن إعلان نيتها هدم المسجد الأقصى المبارك، وأعدت العدة لذلك، ورصدت الميزانيات الحكومية، بينما العالم العربي والإسلامي كان يغط في سُبات عميق، والقضية الفلسطينية هُمِّشت تماما، فلا نكاد نسمع من أجلها صوتا، لا في الإعلام العالمي ولا أحاديث السياسيين.

وظلت المنظمات الفلسطينية والإسلامية تستغيث، وتصرخ في كل ذي نخوة ودين، أن يتحرك لإنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من جنون حكومة نتنياهو الأشد تطرفا وعنصرية في التاريخ؛ فلم تجد سوى صدى صرخات النساء والكهول المرابطين، على عتبات الأقصى الشريف، والذين تواصلت الاعتداءات عليهم بشكل ممنهج ومرير.

حينها قرر المجاهدون، أن يرسلوا للاحتلال الإرهابي رسالة، بالطريقة التي لا يفهم سواها، وعنونوها بعبارة “‎طوفان الاقصى” في إشارة للهدف الأسمى منها، وهو وقف حكومة الاحتلال عن السعي لتنفيذ مخططاتها الإجرامية بحق مسرى رسول الله، فوصلت الرسالة وقرأها الجميع، وعادت فلسطين وقضية المقدسات على رأس أولويات العالمين العربي والإسلامي، وتصدرت نشرات الأخبار، بل وباتت أحاديث الكُتاب – من الصهاينة والغربيين- تمتلئ بتساؤلات من نوعية.. هل اقتربنا حقا، من نهاية إسرائيل؟!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...