الذكاء الاصطناعي سلاح الاحتلال لإعدام الأبرياء في غزة

بواسطة | فبراير 23, 2024

بواسطة | فبراير 23, 2024

الذكاء الاصطناعي سلاح الاحتلال لإعدام الأبرياء في غزة

يتناول المقال استهداف الاحتلال للنخب والكفاءات في غزة بتوجيه محكم، مشيرًا إلى الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا في عمليات القتل والدمار، ويسلط الضوء على تأثير هذه التقنيات على المدنيين والثقافة.

استهداف النخب والكفاءات في غزة

لم يكن استهداف الاحتلال للعلماء والنخب الفلسطينية في غزة عشوائيًا، ولم تقتل المسيّرات كل هذا العدد من المواطنين بالخطأ، ولم يكن الدمار الهائل في المنشآت التعليمية والجامعات والمدارس لاستهداف الأنفاق والبنية التحتية للمقاومة فقط، بل هي عملية إبادة جماعية ممنهجة.

تؤكد الأرقام أن الاحتلال قتل منذ بدء العدوان أكثر من 300 من الكوادر الطبية، بينهم 30 طبيبًا، 11 منهم متخصصون في مجالات نادرة وأساسية كالجراحات الدقيقة وزراعة الكلى والعقم والحروق، واغتال أكثر من 100 شخصية من النخب العلمية والأدبية في غزة، واستهدف أكثر من 130 صحفيًا في أول 130 يومًا من العدوان بمعدل مقتل صحفي لكل يوم.

لم يكن ذلك عفويًا، وما كان ذلك ليحدث دون الاستعانة بتقنيات متطورة اعتمد الاحتلال عليها؛ لزيادة الكلفة في الخسائر البشرية والمادية في الجانب الفلسطيني خلال العدوان.

التقنيات الحديثة في خدمة الاحتلال

واحد من أسباب التفوق التقني للاحتلال في المجال العسكري هو حساسيته المفرطة للخسائر في أرواح جنوده؛ لذا تجده يعتمد بشكل كبير على التقنيات الحديثة والأدوات التي يقاتل بها عن بعد، أو من خلف الشاشات بعيدًا عن الاحتكاك المباشر مع الأهداف، مصداقًا لقوله تعالى: (لا يقاتلونكم جميعًا إلَّا في قُرًى مُحصَّنةٍ أو مِن وراء جُدُر..) [الحشر: 14]، ولأجل هذا استخدم الاحتلال في عدوانه على غزة عددًا معتبرًا من التقنيات الذكية، من بينها:

1 – قنابل JDAM الذكية التي تحتوي على نظام توجيه يمكن تثبيته على القنبلة لتحسين دقتها، بناء على نظام تحديد المواقعGPS ، حيث أرسلت واشنطن إلى الاحتلال أكثر من 5000 جهاز توجيه من طراز JDAM.

2-  تقنية ذكية لاعتراض الصواريخ الفلسطينية، وهو روبوت يستقبل البيانات، ويتتبع الصواريخ التي تطلقها المقاومة، ويتمكن من تحليلها عبر معلومات تفصيلية تشمل المواقع التي أُطلقت منها ومعدلات إطلاقها، ثم يُقدم توقعات لأماكن الهجمات المستقبلية حتى تعترضها الدفاعات الجوية الإسرائيلية، مثل القبة الحديدة أو مقلاع داود، وأطلق عليه اسم بئر المعرفة Knowledge Well.

3-  مسيّرة الغيوم العاصفة، حيث حصلت دولة الاحتلال من أمريكا على 100 طائرة مسيّرة مزودة بتقنية التعرف على الوجوه والمباني، وتقنية “SLAM” لرسم خرائط ثلاثية الأبعاد.

4-  هذا إلى جانب استخدام التكنولوجيا الفائقة والمتطورة، التي وفرها نظام غوسبل في مضاعفة قدرات الجيش لتوليد الأهداف، وفي الوقت نفسه سبّب وقوع آلاف الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ما هو نظام غوسبل؟

اسمه (غوسبل) أي الإنجيل، يأخذك مباشرة إلى دلالة دينية ترتبط بطبيعة نظرة الاحتلال لهذه الحرب، وقد تم تطويره في وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200، وهو نظام جديد نسبيًّا، ويعتبر بداية مرحلة مهمة في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، حيث يساعد هذا النظام جيشَ الاحتلال في البحث عن كميات هائلة من البيانات الاستخباراتية، لمحاولة العثور على الأهداف التي يوصي بها لمحلل بشري ليتخذ القرار باستهدافها، وقد تكون هذه الأهداف أي شيء، بدءًا من المقاتلين الأفراد، وحتى المعدات مثل قاذفات الصواريخ، أو المنشآت مثل مراكز قيادة المقاومة أو الجامعات أو حتى المتنزهات.

هو نظام يقلّد ما كانت تفعله مجموعة من ضباط المخابرات في الماضي، لكن بفعالية أكبر بكثير، مجموعة مكونة من 20 ضابطًا قد تنتج ما بين 50 إلى 100 هدف خلال 300 يوم، بينما نظام غوسبل يمكن أن يقترح حوالي 200 هدف في 10 أيام، وهو معدل أسرع بـ 50 مرة على الأقل. وحسب (أفيف كوخافي) رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي: “في الماضي كنا ننتج 50 هدفًا في غزة سنويًا، والآن تنتج لنا هذه الآلة 100 هدف يوميًا”.

مصادر جمع البيانات

لا نعرف تحديدًا ما البيانات التي يستخدمها النظام ليقدم اقتراحاته للأهداف، لكن يذكر الخبراء أنها تأتي من عدّة مصادر مثل: صور الأقمار الاصطناعية، والمعلومات القادمة من اعتراض الاتصالات، وبيانات أبراج المراقبة لرصد تحركات الأشخاص المستهدفين، وتشمل القائمة رسائل الهاتف الخليوي، وحتى أجهزة الاستشعار الزلزالية، والصور التي تلتقطها الطائرات المسيّرة.. والأخيرة تفسر بقاء المسيّرات في سماء غزة على مدار الساعة منذ بدء العدوان.

كيف يعمل غوسبل؟

يستخدم نظام غوسبل نموذجين من الذكاء الاصطناعي لبناء البيانات التي تعتمد على خوارزميات بشأن الأهداف، وذلك لحساب الذخيرة المحتملة، وتحديد الأوليات، وتعيين آلاف الأهداف للطائرات، والمسيّرات، كما يقترح جداول زمنية للغارات، ولكل هدف يوجد ملف يحتوي على الأضرار الجانبية التي تنص على عدد المدنيين الذين من المحتمل أن يُقتلوا في غارة محددة، ويتم السماح بشن الغارة على منازل خاصة لأفراد إذا تم تحديدهم على أنهم نشطاء في صفوف المقاومة، بعد ذلك يقدم النظام توصياته لأحد المحللين الذي يقرر بدوره ما إذا كان سيمررها إلى الجنود وقائدي الطائرات التي تتولى عمليات القصف في الميدان.

وفق الأرقام التي نشرها الاحتلال، هاجم الجيش أكثر من 15 ألف هدف في غزة خلال الشهر الأول من العدوان، وهو رقم أعلى بكثير مما كان في العمليات العسكرية السابقة، بالمقارنة مع حرب 2014 التي استمرت 51 يومًا وضرب فيها الجيش أقل من 6 آلاف هدف.

هل يحمي غوسبل المدنيين فعلا؟

الهدف المعلن من استخدام نظام غوسبل الجديد هو تقليل عدد الضحايا من المدنيين، واستهداف المقاتلين من فصائل المقاومة، كما ادّعى (أومر تيشلر) قائد سلاح الجو الإسرائيلي حين قال: “تمكّنا من تحديد بنوك أهداف جديدة بشكل أسرع، والبرنامج لا يستهدف المدنيين”.

لكن هذا الادعاء ثبت أنه مضلل مثل سائر الادعاءات التي يلقيها جيش الاحتلال، ومع عدد العلماء والنخب والأطباء الذين تم استهدافهم، والحصيلة المرعبة من الشهداء في صفوف المدنيين – لاسيما الأطفال والنساء- في غزة، بات من المؤكد أن الاحتلال ينتقي بشكل منهجي ضحاياه من هذه الفئة؛ لإيقاع آثار مدمرة على المجتمع الفلسطيني وعرقلة التقدم العلمي والثقافي.

مصدر الشر بشري أم اصطناعي؟

تعتمد دقة عمل خوارزميات برامج الذكاء في انتقاء الأهداف على الشروط التي يضعها لها المبرمجون، والبرنامج يمرر القرار ولا يتخذه بنفسه، من يضغط على زر التدمير هو الذي يتخذ القرار، وغالبًا ما يكون هو قائد الوحدة أثناء الخدمة.

من ناحية أخرى أزال الاحتلال بعض الشروط في الحرب الحالية مثل مقدار الضحايا الجانبية المسموح بهم، 5 أشخاص على الأكثر، أي أن البرنامج أصبح آلة حصد للأرواح في يد جنوده، يولّد الأهداف بغض النظر عن عدد الضحايا المتوقع، كما أزال شرطًا آخر وهو رتبة الشخص المستهدف، فبينما كان يتم في السابق استهداف القادة أصبحت الأهداف لا تفرق بين قيادي أو مقاتل. وأكد ذلك (أنتوني لوينشتاين) وهو صحفي مستقل ومؤلف كتاب المختبر الفلسطيني، حين قال: “الادعاء أن الذكاء الاصطناعي يدور حول استهداف الأشخاص بنجاح أكبر غير صحيح؛ لأن ما نراه من استهداف ليس فيه أي دقة على الاطلاق، هناك أعداد كبيرة من المدنيين يموتون”.

إبادة ولا في الخيال

لم يدر بخلد صناع أفلام الخيال العلمي وهم يكتبون أفلام تطور الذكاء الاصطناعي لآلات تقضي على مستقبل البشرية، أنه سيأتي على البشرية كيان محتل، مهووس باستخدام التقنيات الحديثة للإبادة، وقتل الأبرياء ودمار العمران ومحو التاريخ، وتشويه الجغرافيا وتغيير وجه الأرض؛ لاستعادة هيبة مزعومة، وتحقيق نصر وهمي، وتجاوز لعنة العقد الثامن من عمره.

3 التعليقات

  1. Reem Aboheef

    مدونه جميله ومفيده جدا جدا

    الرد
  2. Maryam Ababneh

    يعطيك العافية
    شكرا على المعلومات

    حسبنا الله و نعم الوكيل
    اللّهم أضرب الظالمين بالظالمين و أخرجنا من بينهم سالمين

    الرد
  3. كل مر سيمر

    اللهم زلزل الارض من تحت الصهاينة واقذف الرعب في قلوبهم ورد كيدهم في نحورهم واجعل تدبيرهم تدميرا لهم انك على كل شيء قدير وانصر اللهم المسلمين وثبت اقدامهم وسدد رميهم واعمر ارضهم يارب يا كريم

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...