تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي صدرت ليلة السبت خلف ستار “مسؤول دبلوماسي”، لم تأتِ بخير، بل أوقعته بفخ وفضحت لعبته الرامية إلى عرقلة صفقة تبادل الأسرى، وهذا ما أكدته وسائل إعلام عبرية في أنَّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو من أصدر بيانات ضد إبرام صفقة مع “حماس” تحت غطاء “مسؤول دبلوماسي”.

وبالطبع فإنَّ هذه التصريحات، الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحت اسم “مسؤول دبلوماسي”، جاءت لإيهام الرأي العام في الداخل والخارج بأن هناك إجماعا على مسألة التصعيد العسكري ضد الصفقة، وحتى لا يتحمل وحده عواقب هذه اللعبة  في إجهاض الاتفاق قبل اكتماله لإرساء هدنة في غزة وتبادل الأسرى بين الجانب الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.. وهنا نود أن نذكِّر بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال مشاركته بمنتدى نظمه معهد ماكين في ولاية أريزونا مساء الجمعة، فهو لا يُفوّت الفرصة في أي مقام أو مقال ليُصور للعالم أنَّ “حماس” هي رأس الأفعى، وهي العقبة الأولى بل والوحيدة أمام التوصل لاتفاق يفضي إلى صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى!

هذه العبارات يتعمد قولها مستخدما لغة جسد، ونظرة عين حمل وديع، بغرض كسب التعاطف وقلب الطاولة على المقاومة الإسلامية “حماس” لتخسر المعركة التي كسبتها منذ اليوم الأول مع اشتعال فتيل هذه الحرب غير العادلة وغير المتكافئة؛ في حين أن ما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي قد كشف الحقيقة دون أي قصد منه.. الحقيقة التي يعلمها الجميع، ويعلمها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نفسه، بل كانت تصريحات “نتن ياهو” التي سُربت تحت ستار “مسؤول دبلوماسي” فصلاً من فصول مسرحية هزلية مملّة، عُرفت نهايتها من قبل أن تبدأ.

فهذه التصريحات قد زادت من الضغوط على الولايات المتحدة الأمريكية ووضعتها في موقف محرج، وأظهرت للعالم أنَّ بنيامين نتنياهو يلعب من أجل المحافظة على مصالحه في إطالة أمد الحرب، لإيجاد بصيص انتصار يلوح له وسط ظلمة خسائره، التي كانت شرارتها روايته باتهام “حماس” بأنها فصلت رؤوس أطفال عن أجسادهم في السابع من أكتوبر، ولربما لن تكون نهايتها المظاهرات الحاشدة والاعتصامات التي قادتها جامعة كولومبيا الأمريكية، إحدى جامعات النخبة المنددة بالإبادة الجماعية، وبالأفعال الوحشية التي يقترفها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين العزل من أطفال ونساء مخلفاً وراءه ما لا يقل عن 34683 شهيداً و78018 مصاباً، حسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في غزة مساء الأحد.

وإذا ما قارنا بين الموقف الفلسطيني الذي تمثله حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وموقف إسرائيل الذي يمثله صوت رئيس وزرائها وحلفائه، فسنجد أنَّ “حماس” جادّة في مساعيها للتوصل إلى اتفاق دون المساس بمطالبها ومطالب سكان غزة، في حين يعمل “نتن ياهو” وفق أجندته الخاصة دون التفكير بالفوضى التي تملأ الشارع الإسرائيلي، ودون التفات إلى مطالب أهالي الأسرى المحتجزين لدى “حماس”، المتطلعين إلى الوصول إلى اتفاق يضمن لهم سلامة ذويهم من الأسرى مقابل وقف إطلاق نار دائم.

وهذه المطالب بكل تأكيد لا تروق لشخص مصاب بالسيكوباثيا كـ”نتن ياهو”، سيما وأنه يؤكد بكل إصرار بأن إسرائيل ملتزمة باجتياح رفح، وأنه لن يوافق تحت أي ظرف على إنهاء الحرب كجزء من صفقة إطلاق سراح الأسرى، رغم أنَّ تسريبات بثتها قناة كانت تتبع لسلطة البث الإسرائيلية، تؤكد أن خلافات عميقة نشبت بين أعضاء مجلس الحرب والمجلس الوزاري لشؤون الحرب بشأن عملية رفح وما يتعلق بتوقيتها وظروفها وحجمها، إلا أن “نتن ياهو” يغرد خارج السرب ظناً منه أنَّه بهذا الاجتياح البري لمدينة رفح سيحافظ على ماء وجهه الذي أريق في عملية طوفان الأقصى، أو أن ذلك ربما يشفع له عند الآلاف من المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب، الذين طالبوا ويطالبون بإبرام صفقة تبادل فورية والإطاحة بحكومته.

خـتاماً

أثناء كتابة هذه الأسطر قالت هيئة البث الإسرائيلية إنَّ يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموافقة على الصفقة، ورأى أنها فرصة لإعادة الرهائن، في حين أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصفها بصفقة الاستسلام، داعيا لبدء عملية عسكرية في رفح، رغم تحذيرات من مخاطر استراتيجية لشن العملية على رفح، في ظل خلافات بين مجلس الحرب والمجلس الوزاري.

هديل رشاد

• تمخّض الجبل فولد فأراً
• "خليك خسران"
• "هذا ما سُمح بنشره.. وللحديث بقية"
• "ميت غالا" أمات المشاهير !