المعايير المزدوجة بين فلسطين وأوكرانيا

بواسطة | فبراير 29, 2024

بواسطة | فبراير 29, 2024

المعايير المزدوجة بين فلسطين وأوكرانيا

حرب الإبادة في غزة وتجاهل المجتمع الدولي يعد تحدياً لمبادئ حقوق الإنسان، في حين يظهر تحيز الرياضة لصالح إسرائيل معايير مزدوجة.
هذا التناقض يبرز تضامن الرياضيين مع الأزمات الإنسانية، ويكشف عن تجاوزات في تحكيم الرياضة وتأثيرها السلبي على العدالة الاجتماعية والسياسية.

تجاهل الإبادة في غزة وتحيز الرياضة

اقتربت حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على غزة من نهاية شهرها الخامس، ومازال العالم يراقب دون أن يحرك ساكنا أو يتخذ موقفا حازما، وعصابة الصهاينة لا تبالي بأية مواثيق أو معاهدات دولية، وتدرك أنها في مأمن من العقاب.

هذا التخاذل ليس بجديد على كل المنظمات الدولية التي تحمل شعاراتها الزائفة عن حماية حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة والغذاء والحرية وغيرها، تلك الشعارات التي لم نر لها وجودًا أو تأثيرًا على أرض الواقع المؤلم، الذي تقول أرقامه إن عدد الشهداء اقترب من 30 ألفًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، مع تدمير شامل للحياة في قطاع غزة، يبدأ من منع المياه والكهرباء والوقود، ويتواصل بتدمير المباني وقتل الشجر والحجر والبشر، مرورا بتدمير المستشفيات والمساجد والكنائس، واعتقال الأبرياء والتنكيل بهم، وارتكاب كل جرائم الحرب بشكل لم تعرفه البشرية من قبل، وصل إلى التجويع المريع، والتحريض على الفتك بالأبرياء وإلقاء قنبلة نووية عليهم أو ترحيلهم قسريًّا.

ومازالت القوى الكبرى في العالم تشارك وبكل إمكاناتها العسكرية في تدعيم الكيان الصهيوني، وتقديم المساعدة الدبلوماسية بحمايته من كل قرار دولي يدعو لإيقاف إطلاق النار. وفي مقابل هذا الدعم للكيان لا يجد قطاع غزة من العالم إلا الخذلان، فحتى القمة العربية الإسلامية لم تنجح في تطبيق أهم قراراتها بشأن الحرب، وهو إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

كتبت هنا مع بداية الحرب عن ميزان الغرب المعوج في التعامل مع الكيان الصهيوني وروسيا على صعيد الجهات والهيئات الرياضية الدولية؛ وكيف تجلى ذلك في قرارات اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في إيقاف أنشطة روسيا وبيلاروسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، واتخاذ عقوبات قاسية بحق الرياضيين من الدولتين، وحرمانهم من المشاركات في البطولات؛ بينما كان في مقابل هذا التجاهل التام لما يقوم به الاحتلال الصهيوني في فلسطين.

المؤسف فعلا أن جرائم جيش الاحتلال تُبث بالصوت والصورة على مرأى ومسمع العالم كله، وبلغت حد حرب الإبادة، وطالت كل أنواع الحياة بما فيها الرياضية، عندما قام جيش “النتن ياهو” بتحويل ملعب اليرموك إلى معتقل يبث من أرضه صور اعتقال الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال.

وفي الأسبوع الماضي استشهد الفلسطيني محمد خطّاب وعائلته في قصف طائرات الاحتلال لمنزله بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة؛ ويُعدّ خطّاب أحد الحكام المعتمدين لدى الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم، وشارك في إدارة عدد من البطولات الآسيوية والعربية منذ اعتماده عام 2020.

ولم يحرك الاتحاد الدولي ساكنا، ولم نسمع تصريحا يشجب ويستنكر الاعتداء على ملعب اليرموك أو استهداف الحكم الدولي، والأمر نفسه ينطبق على الاتحاد الآسيوي. وعلى الرغم من أن بعض الدول قدمت طلبات رسمية للفيفا لإيقاف مشاركات الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم أسوة بما حدث مع الاتحادين الروسي والبيلاروسي، فإن الاتحاد الدولي لم يكلف نفسه حتى عناء الرد والتوضيح، واستمر في التجاهل المريب العجيب.

الغريب أن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري جياني إنفانتينو، كان موقفه ومازال رماديا، واكتفى بإرسال خطابين للاتحادين الفلسطيني والإسرائيلي في الثالث عشر من أكتوبر الماضي، أعرب خلالهما عن تعازيه في “ضحايا أحداث العنف”، وذكر أنه “من المفجع بقدر ما هو صادم أن نرى المنطقة التي لقي شعبها المعاناة العميقة على مدى فترة طويلة للغاية، تعاني الآن أكثر مما سبق.. إن عالم كرة القدم يقف بثبات في تضامنه مع شعبي فلسطين وإسرائيل، ومع جميع الضحايا الأبرياء الذين دفعوا ثمنا لا يوصف”.

وأضاف: “ينضم الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى الداعين إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية والتخفيف الفوري لمعاناة شعبي فلسطين وإسرائيل”، وأردف “نعلم أن كرة القدم لا تستطيع حل مشكلات العالم، ولكنها يمكن أن تقوم بدور صغير في إرسال ضوء الأمل إلى مستقبل ليس فيه سوى الظلام؛ وتُظهِر كرة القدم أنه من الممكن جمع الناس معا في بيئة فيها الاحترام المتبادل والعمل المشترك، كوسيلة للسلام والمصالحة بينهم في نهاية المطاف، حتى عندما يبدو هذا مستحيلا ربما في نظر الجميع باستثناء قلة من الناس؛ وأود أن أؤكد أن الاتحاد الدولي لكرة القدم سيبذل كل ما في وسعه لمساعدتكم في جهود الإغاثة التي تبذلونها، واستعادة السلام والأمل لشعبكم الآن وفي المستقبل”.

تخيلوا.. كانت هذه كلمات الرجل نفسه، الذي اتخذ قرارا بطرد روسيا من تصفيات كأس العالم وإيقاف الاتحاد الروسي، بل وسمح برفع أعلام أوكرانيا في بطولات ومباريات لم تكن طرفا فيها، تعبيرا عن التضامن مع الشعب الأوكراني.

تبا لمعاييركم المزدوجة.

2 التعليقات

  1. احمد جمال ابوجناح

    اتعجب من قرارات الامم المتحدة تجاه حرب روسيا واكرونيا وما يدور من اباده حتميه وممنهجه تجاه فلسطين هذه حرب واباده ليست هي حرب ضد فصيل معين ولكن هي حرب واباده للمسلمين وللاسلام وللاسف الشديد هناك بعض الدول الاسلاميه التي تحسب علي الاسلام باسلامها ولكن اري فيهم الاستسلام والخضوع لتلك الدول الصهيونيه ولا يحركها غيره عن دينها ولا عن اخواننا في فلسطين الشقيقه
    اللهم عليك باليهود ومن عاونهم اللهم نصرك الذي وعدت به لاهلنا في فلسطين 🇵🇸
    حفظك الله وبارك الله فيك استاذنا الفاضل اسامه السويسي

    الرد
    • احمد جمال ابوجناح

      رائينا في اتحادات رياضيه عديده من يريدون رفع رايه لمن لا رايه لهم رايه الشذوذ الجنسي علم المثليه ورائينا تدخلات لحكومات عديده وفرق رياضيه يدافعون عن رايه للاسف الشديد تخالف معايير الكون ولا يوجد في اي دين علي الاطلاق ما يدافعون عنه ورائينا باعيننا ما دار عند منع دوله قطر رفع رايتهم في كاس العالم والهجوم الذي دار علي قطر من قبل حكوماتهم واتحاداتهم وننظر اليهم الان وهم يرفضون رفع رايه الحق لاصحاب الارض اي قوم هؤلاء واي اناس هؤلاء وهم امامنا الان بازدواجهم للمعاير الانسانيه وما يقولون عليه حقوق الانسان اي حقوق يدافعون عنها وهناك مجازر واباداه جماعيه لاطفال غزه وتهجير لاصحاب الارض من محتل غاشم اين هم هؤلاء من كانو يدافعون عن اشياء تخالف المعايير الانسانيه اين هم من كانو يقولون حريات وحقوق الانسان الخزي كل الخزي لكل هؤلاء والنصر والعزه للمسلمين ولاخواتنا في فلسطين 🇵🇸

      الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...