حقائق ومتغيرات تدين حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة!

بواسطة | أبريل 25, 2024

بواسطة | أبريل 25, 2024

حقائق ومتغيرات تدين حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة!

بات واضحاً خلال مئتي اليوم من حرب الإبادة الصهيونية الممنهجة، فشل الدعاية التي روج بها الاحتلال منذ عقود، وفضحتها المقاومة الفلسطينية، عن الجيش الذي “لا يُقهر”، وكونه الأكثر أخلاقية في العالم، وتفوُّق قدرات استخباراته في توقع التهديدات مبكراً، والتعامل معها والقضاء عليها بالبلطجة والاعتداء على سيادة الدول.

فضحت حرب غزة حقائق كثيرة، وكسرت قوة الردع والتفوق التقني والعسكري، التي عملت إسرائيل من خلالها على إرهاب جيرانها، وخاصة في سوريا ولبنان؛ ووصلت بها الجرأة أن تقصف بيدها الطويلة في تونس وتغتال “أبو إياد”، الرجل الثاني في منظمة التحرير حينها؛ وقصفت في السودان شحنات أسلحة ادَّعت أنها لحماس، ودمرت مفاعل صدام حسين النووي (أوزرك) عام 1981، ومنشأةً نووية سوريّة بدائية في دير الزور عام 2007، لكنها لم تجرؤ على قصف مفاعلات ومنشآت إيران النووية، الموزعة في عدة مناطق والمحصنة تحت الأرض.. وقد شنت حروباً عديدة على لبنان، و6 حروب على غزة، وهي تعربد وتخرق باستمرار سيادة سوريا، وتقصف وتقتل قياديين وخبراء ومستشارين للحرس الثوري الإيراني، وعسكريين سوريين.

لكن ضربة إيران الأولى من نوعها على إسرائيل هشمت قوة ردعها، وعمَّقت التوجه لمحاصرة كيان بات منبوذاً، وتعرّى إجرامه أمام الرأي العام الشعبي في العالم.. ويتمثل ذلك التوجه بمظاهرات مليونية غاضبة واعتصامات، ينفذها متضامنون مع معاناة أهالي غزة في جامعات أمريكية؛ كما يتمثل أيضاً بانتقادات وصلت إلى الجناح التقدمي في حزب الرئيس بايدن نفسه، وبمقاطعة الناشطين كلماته في مهرجاناته الخطابية، وشهادات وزيري الخارجية والدفاع في جلسات لجان الكونغرس الأمريكي، خاصة بعد استخدام أمريكا الفيتو منفردة – مخالفة بذلك الإجماع العالمي- لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، يمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتحظى إسرائيل بدعم عسكري ومالي، وغطاء سياسي أمريكي وأوروبي، يسمح لها بخرق القانون الدولي والمواثيق الدولية وميثاق الأمم المتحدة؛ وبرز ذلك من خلال ما نعيشه منذ أكثر من 200 يوم مرت في حرب الإبادة على غزة، دون أن يجرؤ النظام العالمي على إدانة ما تفعله إسرائيل، وبيان أنه يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتطهيراً عرقيّاً وإبادة جماعية، أُحدِثت خلالها مقابر جماعية تُكتشف بشكل يومي حول المستشفيات، وتحت أنقاض المساكن، وحتى في الأماكن التي أعلنتها إسرائيل مناطق آمنة في بداية حرب الإبادة، وطلبت من أهالي غزة الانتقال إليها لتقصفهم في الطريق، فصار من لم يكن قد قُتل من قبل يلقى حتفه تحت أنقاض الشقق والمنازل!

لم تبرع إسرائيل سوى بقتل وإبادة المدنيين الأبرياء العزل! وذلك بعد فشلها في الامتحان الأمني والاستخباراتي في 7 أكتوبر، الذي ترتبت عليه استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية، أهارون هاليفا، لفشله في التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، على أن يتم تنفيذ الاستقالة خلال أسابيع قليلة؛ كما يعتزم اللواء يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى، تقديم استقالته في أغسطس القادم.

وتترافق هذه التطورات مع حالة التفكك والانقسامات السياسية والاجتماعية داخل كيان الاحتلال، واستمرار المظاهرات المطالبة باستقالة نتنياهو وحكومته لفشله في هزيمة حماس وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وخاصة من أهاليهم.. لقد فشل نتنياهو – الذي يقدم مصلحة بقائه في الحكم على أي شيء آخر- في حماية الصهاينة وفي توقُّع طوفان الأقصى، وفشل كذلك في تحقيق أي من أهداف الحرب المسعورة؛ التي حددها في القضاء على حماس، وتحرير المحتجزين بعمل عسكري، وتحييد غزة لضمان عدم تكرار طوفان الأقصى.

كشف آخر استطلاع للرأي أن 68% من الإسرائيليين لا يصدّقون ادعاءات نتنياهو الكاذبة بأن النصر بات قريباً! حتى الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي والممول والشريك في حرب الإبادة، تؤمن أن نتنياهو يطيل أمد الحرب برفض جميع المبادرات التي يقدمها الوسيط القطري، الذي يتعرض لحملة تشكيك ومطالبات وضغط، واتهامات بأن قطر لا تضغط لتجبر حماس على الرضوخ وقبول شروط نتنياهو.

ووصلت حملة التشكيك بالدور القطري إلى تلويح النائب الديمقراطي ستني هوير بإعادة النظر في العلاقة الأمريكية مع قطر، بدلاً من الإشادة بتصميم وإصرار وتضحيات دولة قطر في سعيها للوساطة منذ اليوم الأول. وتمثَّل الدور الذي مارسته الدولة برئيس الوزراء، محمد بن عبدالرحمن، الذي أعلن أن قطر ستعيد النظر بوساطتها بسبب مزايدات سياسية كبيرة من أصحاب مصالح ضيقة، يحاولون القيام بحملات انتخابية من خلال الإساءة لدور دولة قطر؛ وانتقد رئيس الوزراء القطري ازدواجية المواقف في المفاوضات، التي قد تُفشل الوساطة القطرية.. ورغم ذلك أكد رئيس الوزراء على القول: “نحن ملتزمون بدورنا من منطلق إنساني، ولكن هناك حدوداً لهذا الدور، وحدوداً للقدرة التي نستطيع أن نسهم فيها في هذه المفاوضات بشكل بنّاء، ودولة قطر ستتخذ القرار المناسب حيال ذلك”.

هذه الحملة مؤسفة في وقاحتها وعدم إنصافها، خاصة وأن الرئيس بايدن يكرر الإشادة بدور قطر، وشُكر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد، للمساعي الهادفة لوقف إطلاق النار وعقد صفقة تبادل أسرى، والانخراط في عملية سلام وصولاً إلى حل الدولتين، الذي يتوافق مع رؤية وهدف إدارة بايدن أيضاً، وهو الذي رفض اجتياح رفح التي يتكدس فيها أكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني.

كتبتُ قبل أيام في الشرق القطرية، تحت عنوان “إضرار الكونغرس بمصالح أمريكا وحلفائها.. العلاقة مع قطر مثالاً”:

“كان الأجدر بالمسؤولين الأمريكيين ممارسة الضغط والنقد والتلويح بإعادة تقييم العلاقات مع نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفاً (طالب بايدن بتغيير وزراء فيها، وطالب شومر – أرفع مسؤول يهودي في الكونغرس- بإجراء انتخابات وتغيير نتنياهو لأنه ضل الطريق! لتحديه وإهانته بايدن علناً، برفض قرار مجلس الأمن 2728 بوقف الحرب الإبادة)..”.

لكن الصادم هو تحالف إدارة بايدن مع الكونغرس، وآخِر تجلياته مصادقة مجلس النواب على حزمة مساعدات بقيمة 26 مليار دولار لإسرائيل، منها 9 مليارات دولار للمساعدات الإنسانية في غزة والمنطقة.. يحصل ذلك برغم استمرار آلة القتل الصهيونية، التي وصلت حصيلتها إلى 34 ألف شهيد، و80 ألف مصاب، مع وجود آلاف المفقودين والشهداء تحت الأنقاض.

هكذا تفقد إسرائيل السردية الكاذبة، ويتحطم جبل الأكاذيب الذي بنته على مدى 75 عاماً، وتخسر الرأي العام العالمي بانتفاضات الشعوب!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

بعد أن طُعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المحراب في صلاة الفجر، يومَ الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة، في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، احتمله الناس إلى بيته وجراحُه تتدفق دما. همّ الخليفة أن يعرف قاتله كان من أوائل ما طلبه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يعرف...

قراءة المزيد
حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فوجئ العرب بحدث مثير: صور تملأ وسائل إعلام الدنيا تجمع "دودي الفايد" مع.. من؟. مع أميرة الأميرات وجميلة الجميلات "ديانا"!. للتذكرة.. "دودي" (أو عماد) هو ابن الملياردير محمد الفايد، المالك السابق لمحلات هارودز الشهيرة فى لندن. نحن –...

قراءة المزيد
الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

ظل مالك بن نبي مصراً على أن ملحمة الاستقلال العربي الإسلامي، الممتد إنسانياً بين أفريقيا وآسيا، تنطلق من معركة التحرير الفكري بشقّيها؛ كفاح الكولونيالية الفرنسية عبر روح القرآن ودلالته الإيمانية، ونهضة الفكر الذاتي الخلّاق من أمراض المسلمين، والرابط الروحي والأخلاقي...

قراءة المزيد
Loading...