دور سفراء القبيلة الكونية في دعم الحق الفلسطيني

بواسطة | يونيو 7, 2024

بواسطة | يونيو 7, 2024

دور سفراء القبيلة الكونية في دعم الحق الفلسطيني

الحق بين القمة والقاع

وصل الحق الفلسطيني عبر الزمن إلى قمة الاهتمام ثم إلى قاع التجاهل، وذلك تبعًا لتفاعل الناس مع الأحداث الجارية في فلسطين، كما استطاع الاحتلال على مدار عقود تحويل القضية من قضية إنسانية تهم كل حر في العالم، إلى قضية عربية تخص عرقًا من البشر، ثم إلى قضية فلسطينية تتعلق بمن يقيمون فوق أرضها؛ ليهدم حق اللاجئين في العودة، ثم إلى صراع داخلي وشأن فلسطيني خاص، ثم حشرها في تمرد فصائل مقاومة “إرهابية”، واعتدائها على بلد مجاور يُسمى “إسرائيل”، وكاد أن يُنهي الجدل بتمرير صفقة القرن ونجاح مساعي التطبيع، حتى جاء طوفان الأقصى.

وكدأبه لجأ الاحتلال من اليوم الأول لإقناع العالم أن حرب الإبادة التي يرتكبها ضد أهل غزة سببها تسلل مئات المقاتلين من حركة حماس إلى المناطق القريبة في هجوم السابع من أكتوبر؛ واستعان بإمبراطورية إعلامية تتغلغل في المجتمعات حول العالم، وتردد الصياغة ذاتها، وتحافظ على السردية الإسرائيلية المضللة للأحداث؛ لأجل ذلك وغيره كان لابد من قمة تعيد موازين المعادلة لصالح السكان الأصليين، يقودها سفراء أحرار بدافع ذاتي وإيمان عميق.

السفراء الأحرار

ربما رأيت طالبًا أمريكيًا يضحي بمستقبله المهني حين يرفع لافتة “أوقفوا الإبادة في غزة” في حفل تخرجه الجامعي، أو موظفًا في شركة جوجل يتظاهر ضد سياسات شركته المنحازة للاحتلال، ما يسبب اعتقاله، أو نائبًا فرنسيًا يرفع علم فلسطين في البرلمان الفرنسي ويُمنع من دخول البرلمان لأسبوعين، أو لاعبًا تركيًا يحتفى بفوزه متوشحًا بعلم فلسطين، يرقص الدبكة ليقع تحت تهديد الاتحاد الأوروبي للكونغ فو بسحب لقب البطولة منه.. هؤلاء وغيرهم كثيرون من الأحرار هم سفراء الحق الفلسطيني للإنسانية، أو سمّهم إن شئت سفراء القبيلة الكونية.

القبيلة الكونية

القبيلة الكونية مظلة إنسانية لا مركزية تجمع الداعمين للحق الفلسطيني، رغم اختلاف أماكنهم وتوجهاتهم ومرتكزاتهم المعرفية، وتهدف لنشر الوعي بالحق الفلسطيني للمجتمعات المختلفة من خلال المبادرين المؤثرين في بلادهم، وذلك لتجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، وتعمل القبيلة على استثمار شعبية هؤلاء السفراء في محيطهم لتحقيق العدالة والتأثير في النخب والعامة، بما يخدم تثبيت الحقائق الفلسطينية وإظهار المظلومية، ودحض الشبهات الإسرائيلية وكشف جرائم الاحتلال بحق الأبرياء.

انضم الآن

للانضمام للقبيلة الكونية لا يلزمك انتظار موافقة ولا تقديم طلب على موقع ولا رسوم اشتراك دورية.. بمجرد أن تعرف شيئًا جديدًا عن فلسطين، في التاريخ أو الجغرافيا أو التراث أو الملابس أو حتى العادات والأكل، أو تصلك صورة أو مقطع فيديو أو قصة، ثم تنشر ذلك من خلال قنواتك الإعلامية أو حساباتك على مواقع التواصل لأصدقائك ومجتمعك بلغتهم وثقافتهم، تصبح عضوًا في القبيلة، ثم يمكنك أن ترقّي نفسك إلى عضو فاعل حين تزوّد المحيطين بك بالمعلومة والمعرفة بشكل دائم، وتربّي فيهم حب البحث عن المصادر الحقيقية والتحليل للأحداث والانحياز إلى الحق والتأثير في الآخرين، ولكي تصل إلى مرتبة سفير عليك أن تجمع حولك عددًا من الأعضاء الفاعلين للانطلاق إلى الميادين، وتنفيذ أنشطة توعية بديمومة بعيدًا عن الموسمية.

صدمات البداية

عندما تنطلق إلى الميدان الرقمي بهمة المثابر المدافع عن الحق، المتسلح بذخيرة المعرفة بتاريخ كفاح شعب عظيم، ستجد نفسك مضطرًا للتأكيد لمن تحاوره أن الاحتلال هو العدو الاستراتيجي الأول لكل الدول العربية، وأن التطبيع معه يهدف لتغييب الوعي وتدمير الشعوب؛ لذا دعني أجهزك لهذه الصدمات:

– الصدمة الأولى:

ستضطر للحديث عن المسلمات، والرجوع بالمتابعين إلى البدايات لتوضيح الواضحات وتبسيط المعلومات، هناك من لا يرى أن الاحتلال هو العدو الاستراتيجي الأول لكل الدول العربية.

– الصدمة الثانية:

رغم أن من تحاورهم عرب وليسوا أجانب فسيجادلونك في الثوابت الفلسطينية، وبكل حجة سيسعون لنفي ما تقول؛ لذا جهّز نفسك لأدلة تؤكد عدالة القضية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وأن حركات المقاومة حركات تحرر وطني وليست حركات إرهابية، وأن الشعوب العربية من حقها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ودعمه بكل الطرق، لأن هذا الدعم هو دفاع عن الأمن القومي العربي بكل مستوياته، وأن المعركة مستمرة مع الاحتلال لأنه كيان قائم على احتلال الأرض والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، وأن الجهود الشعبية حول العالم هي تأكيد على عدالة وإنسانية هذه القضية.

ومن حقك عليّ أن أخبرك عن صدمة ثالثة: ستقابلك على الطريق تحديات على هيئة جيوش عربية رقمية من الرزايا واللجان الإلكترونية مجهزة بالأكاذيب والأدلة المفبركة، لمناظرتك والرد على شبهاتك التي تبغي بها إيقاظ الشعوب من غفلتها، أو على الأقل تشغلك في التعليق والرد بعيدًا عن النشر وقول الحق.

وحتى لا أرهق قلبك أكثر فهناك صدمة رابعة: لأنك سترى أجانب يتصدرون المساحات ومواقع التواصل بالنشر والتوعية بغية الحشد والدعم والتأثير، ثم ينطلقون للميادين ويتعرضون للضرب والاعتقال من الشرطة لاعتراضهم على الإبادة ومطالبتهم بوقف إطلاق النار، وتقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية، وفي المقابل لا يغادر أصحاب القضية من المسلمين والعرب مربع الجدل واللوم والحزن والتثبيط إلا قليلاً، وإن غادروه تذرعوا بقولهم: “لا نملك إلا الدعاء”.

داعم وهمي

بينما هو كيان زائل رأى أنها معركة وجود، وسعى بكل جهوده لتسخير الإعلام والرجال والأموال لتغييب الوعي الجمعي، فضحه المؤثر الأمريكي جون فلين بقوله: “هل تعلمون أن إسرائيل تدفع للمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي ألف دولار مقابل كل فيديو لنشر تقارير بأن حماس شريرة وهمجية وتقطع رؤوس الأطفال، والدفاع عن (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها) في هذه الإبادة الجماعية؟”.

نعم.. سعى الاحتلال لصناعة قبيلة كونية منذ بداية الطوفان، وأنفقت وزارة الخارجية الإسرائيلية أكثر من 13.5 مليون دولار على الدعاية في أوروبا من أجل دعم روايتها عن الحرب، ولكن مع استمرار حرب الإبادة انفض الأحرار عن دعم الاحتلال، وتوقفوا عن تبني سردية مظلوميته التي بان عوارها، وانقسم العالم إلى فريقين، فاختارت الأنظمة المستبدة – تحقيقًا لمصالحها- الوقوف إلى جانب المجرم رغم معرفتها بحقيقة جرائمه.

أما الشعوب الحرة فقد تخلصت من فزاعات الاحتلال الواحدة تلو الأخرى، وتخلصت منها كأوراق البصل الفاسدة، فلم تعد تهمة “معاداة السامية” ترهب المتظاهرين في الشوارع، بينما فقد شعار “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” بريقه في نظر الأجيال الشابة؛ لأنهم شاهدوا على أجهزتهم المحمولة كيف تحوّل الدفاع إلى جريمة إبادة، وفي المقابل تعاظم شعور الأقليات بالإنجاز والتأثير عندما اتخذوا المقاطعة سبيل حياة.

وهكذا أخذت مساحة الأحرار تتسع شيئًا فشيئًا، ولم يتبق عليهم إلا توجيه الضربة القاضية، حين تتحد جميع جهودهم تحت مظلة واحدة.

التشبيك بين الرقميين

مع تنامي أهمية القبيلة الكونية، تأتي ضرورة التشبيك بين الرقميين لدعم الحق الفلسطيني كأداة حيوية في عصرنا الرقمي، إن التشبيك بين النشطاء الرقميين والمستخدمين المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي يشكل جسرًا يربط بين جهود الأفراد ويوحدها لتحقيق تأثير أكبر، حيث يمكن تبادل الخبرات والمعلومات بشكل أسرع وأكثر فعالية، مما يعزز من قدرة الجميع على مواجهة التضليل الإعلامي ونشر الحقائق بسرعة ودقة.

هذا التشبيك يسمح بتنسيق الجهود في إطلاق حملات رقمية مشتركة، تُسهم في زيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية وتقديم صورة موحدة وقوية للحقائق على الأرض، ومن خلال العمل الجماعي يمكن تجاوز القيود التي يفرضها الحظر والتقييد على بعض الحسابات المؤثرة، واستخدام الشبكات البديلة لنقل الرسالة بوضوح وقوة، والأهم تدحرجها بسرعة أكبر.

أهداف كونية

يسعى التشبيك الرقمي بين أعضاء القبيلة الكونية لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية هي:

١- زيادة الوعي العالمي بالحق الفلسطيني من خلال السفراء الذين ينقلون الرسالة بفعالية في مجتمعاتهم المحلية.

٢- بناء شبكة تضامن عالمية تدعم حقوق الشعب الفلسطيني من خلال التعاطف المبني على الوعي والفهم المتبادل.

٣- السعي لتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان في فلسطين عبر التعاون الدولي والتأييد المستمر.

ولتحقيق هذه الأهداف ينصح باعتماد الأنشطة التي تعزز التعاون بين المنظمات الدولية والمحلية وتنسق الجهود لزيادة التأثير، واستخدام مواقع التواصل والأدوات الرقمية لنشر الرسالة بسرعة وعلى نطاق أوسع، إلى جانب ضرورة تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للسفراء المحتملين – وجاهية أو عن بعد- لتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لنقل الرسالة بفعالية.

سفينة الطوفان

هم سيطروا على الشاشات والحقائق، وملكوا الأموال والمصارف، وحرّكوا الزعماء والمشاهير، وغيّروا وبدّلوا وشوّهوا، وقلّبوا لك الأمور حتى جاء الحق وانطلق الطوفان، فاركب سفينته وكن سفير المستضعفين وصوتهم، واعلم أن في أرض الرباط قوماً دفعوا الثمن من دمائهم وأرواحهم برضا ويقين، بعدما عرفوا مقامهم في معركة الوعي، واختاروا قيادة الأمة وسفراء القبيلة الكونية.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أسلحة يوم القيامة

أسلحة يوم القيامة

بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها منذ إعلان حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ولا يمر يوم إلا وتسمع وترى دليلا واضحا كالشمس على حقارة وبشاعة الكيان، وطريقة تعامله الحيوانية مع الآخرين. الأسبوع الماضي استوقفني تصريح خطير جدا، أدلى به يائير كاتس رئيس مجلس...

قراءة المزيد
السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

في ظهيرة الجمعة 26 من مارس/ آذار انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بث مباشر، قام بنشره شاب صعيدي، أرسل من خلاله استغاثة، وهو على متن قطار مصري اصطدم بآخر، فسقط به من الضحايا العشرات. بدا الشاب بعيون زائغة، والغبار يلف وجهه وشعره، وهو يصرخ بشدة، قائلاً "الحقونا.....

قراءة المزيد
الحاقة ما الحاقة؟

الحاقة ما الحاقة؟

 سؤال لا يمكن للعقل البشري أن يجد إجابة عليه!. هكذا يسأل الله قارئ القرآن وكل من يسمع بدايات سورة الحاقة.. يعرض سبحانه في المرة الأولى كلمة الحاقة، وهي من أسماء يوم القيامة، يسأل عنها، ثم في المرة الثانية يؤكد سبحانه على عظم ومكانة هذا اليوم بقوله: "وما أدراك ما...

قراءة المزيد
Loading...