سقوط قوة ردع.. وخرافة جيش إسرائيل الذي لا يُقهر!

بواسطة | ديسمبر 28, 2023

بواسطة | ديسمبر 28, 2023

سقوط قوة ردع.. وخرافة جيش إسرائيل الذي لا يُقهر!

في سياق العلاقات الدولية والحروب، يظهر التحوّل في قوة الأطراف وتأثيرها على الساحة الدولية. يتمحور هذا التحول حول فكرة القوة كآلية للردع وتحقيق الأهداف، إلا أن استخدامها بشكل مفرط قد يفقد الطرف القوي فعاليتها. يعكس ذلك تحليلاً للحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة، مظهراً الصمود الفلسطيني كعلامة على نجاحه في مواجهة الهجمات الوحشية.

الوحشية الصهيونية في حرب الإبادة

ندرِّس في حقل العلاقات أن أعلى درجات القوة في تحوُّلها إلى قوة ردع تردع الخصم عن الاعتداء، لكنْ بمجرد استخدامها يفقد الطرف القوي ردعه وقوة التأثير؛ وأنه إذا تمكن الضعيف من منع القوي من تحقيق أهدافه التي أعلنها كمبرر وسبب لشن الحرب يكون القوي قد خسر، ويكون صمود الضعيف علامة على انتصاره.. ويكون هذا خاصة في الحروب غير المتناظرة بين جيوش من جهة وبين جماعات عسكرية مسلحة بعقيدة من جهة أخرى، كما نشهد في حرب الصهاينة على غزة.

تتكشف حقائق واضحة وبدلالات، بعد 82 يوماً من حرب إسرائيل الوحشية ومجازر حرب الإبادة، التي فجرها اندفاع الصهاينة للانتقام رداً على طوفان الأقصى بقيادة كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، ذلك الطوفان الذي يصفه الصهاينة بأنه كان اليوم الأكثر دموية منذ الهولوكوست/ المحرقة، وأفضت تداعياته إلى قتل 1200 إسرائيلي في مستوطنات غلاف غزة وخطف 240 وقتل حوالي 500 عسكري!

من أهم إنجازات “طوفان الأقصى” فضح وتدمير الأسطورة التي كان يُروَّج لها عن “الجيش الذي لا يُقهر”، بكشف فشله وتخبطه الأمني والاستخباراتي والعسكري في 7 أكتوبر الماضي، كما برز انعدام الكفاءة في النيران الصديقة في جبهة ذلك الجيش، التي فضحت قلة خبرة الجنود وخاصة الاحتياط، الذين يسقط منهم يوميا حوالي 10 قتلى بين ضباط وجنود، بعد شهرين من الحرب البرية؛ ما اضطرهم لسحب الكتيبة 13 من لواء النخبة (غولاني) من غزة، بعد الخسائر التي تكبدتها من كمائن كتائب عزالدين القسام باستهداف وقنص جنودهم، وتدمير عرباتهم ودباباتهم، في صمود أسطوري.

فشل الجيش الإسرائيلي وأسطورته المتهالكة

من أهم إنجازات “طوفان الأقصى” فضح وتدمير الأسطورة التي كان يُروَّج لها عن “الجيش الذي لا يُقهر”، بكشف فشله وتخبطه الأمني والاستخباراتي والعسكري في 7 أكتوبر الماضي، كما برز انعدام الكفاءة في النيران الصديقة في جبهة ذلك الجيش، التي فضحت قلة خبرة الجنود وخاصة الاحتياط، الذين يسقط منهم يوميا حوالي 10 قتلى بين ضباط وجنود، بعد شهرين من الحرب البرية؛ ما اضطرهم لسحب الكتيبة 13 من لواء النخبة (غولاني) من غزة، بعد الخسائر التي تكبدتها من كمائن كتائب عزالدين القسام باستهداف وقنص جنودهم، وتدمير عرباتهم ودباباتهم، في صمود أسطوري.

ستنهي حرب إسرائيل شهرها الثالث، لتكون الحرب الأطول في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، والأكثر كلفةً مالية وإهانة وفضحاً لكفاءة قوات الاحتلال ووحشيتها؛ وقد جعلتها منبوذة على المستوى الدولي ومن أغلب شعوب العالم. وبرغم تشكيك قيادات عسكرية وسياسية في القدرة على تحقيق أهداف الحرب، يكرر نتنياهو القول بضرورة الحرب على الغزة لتدمير حماس وإطلاق سراح الرهائن وتحييد غزة.

إنجازات حماس وفضح الصورة الصهيونية

أبرز إنجازات حماس كان إعادة القضية الفلسطينية ومأساة حصار غزة إلى الصدارة، ليكتشف الرأي العام العالمي حقيقة بشاعة ووحشية إسرائيل، ما نتج عنه الخروج بمظاهرات مليونية منددة بوحشية قتل الأطفال والنساء وجرائم الحرب. ويأتي بعد ذلك إنجاز آخر يتجلى في تهشيم الصورة النمطية، التي نجحت إسرائيل بنسجها على مدى 75 عاماً بكونها ضحية التآمر العربي الذي يحاصرها ويهدف للقضاء على وجودها ورميها في البحر، كما كانت تردد عن تهديدات جمال عبدالناصر، وعن ميثاق حماس الذي تذكّر إسرائيلُ به لتشير إلى هدف الحركة في القضاء على “إسرائيل”، كشعار تروج له لشيطنة حماس والتذكير بتهديدها بتكرار هجوم 7 أكتوبر في المستقبل.

ونجح طوفان الأقصى بفضح عجز النظام العربي ودوله، وكشف الانحياز الغربي والوقوف مع المعتدي ودعمه؛ وإظهار من يخرق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي بشكل متعمد، لتكون النتيجة بعد ذلك -بدل إدانته والضغط عليه والتهديد بفرض عقوبات وجمع الأدلة وتصنيف جرائمه بأنها ترقى لجرائم حرب- أن يسنده دعم قادة الغرب، وخاصة الرئيس بايدن الذي كان ينتقد نتنياهو وحكومته المتطرفة بأنها تهدد الديمقراطية، بعد مساعي نتنياهو للحد من صلاحيات القضاء وتقويضها، لمنع التدخل بقرارات الحكومة.

ويبقى موقف الرئيس بايدن الذي يتصرف بصفته رئيساً ومرشحاً في انتخابات حاسمة العام القادم، ليصطف هو وإدارته مع إسرائيل بشكل مستفز برغم تعرضه لانتقادات من داخل حزبه والجناح التقدمي، كما يُواجه ناشطو وشباب الجامعات سلوكه بانتقادات ومظاهرات، وعزوف عن دعمه والتصويت له في انتخابات الرئاسة، لرفضه الضغط لوقف الحرب المدمرة؛ وتكتفى إدارة بايدن بالطلب من الحكومة الإسرائيلية عدمَ استهداف المدنيين والتركيز على العمليات المحددة باستهداف قادة ومقاتلي حماس. بل استفزت إدارة بايدن العالم بأسره وتحدَّته باستخدامها الفيتو مطلع الشهر الجاري، لتُسقط بالفيتو مشروع قرار تدعمه جميع الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن، يدعو لوقف فوري للحرب على غزة.. ما فجر غضباً وانتقادات على المستويات العربية والإسلامية والدولية.

الدعم الأمريكي وانحياز المجتمع الدولي لإسرائيل

ولم يتوقف الانحياز الأميركي لمصلحة المعتدي “إسرائيل” وجرائم حربها الموثقة على الفيتو، بل إن الولايات المتحدة أيضا بعد تأجيل التصويت في مجلس الأمن لعدة أيام امتنعت عن التصويت لصالح قرار اعتمده مجلس الأمن، يدعو إلى هدنة للسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة، لكن دون وقفٍ كلي و إنهاءٍ لمجازر حرب إسرائيل على غزة، التي تقترب من نهاية شهرها الثالث. وبات واضحاً أنه لولا الدعم الأميركي العسكري والسياسي المطلق، لما كان لإسرائيل أن ترتكب حرب الإبادة بسلاح ودعم من هذه الدولة، وتأكَّد ذلك بجسر جوي تجاوز 230 طائرة شحن أسلحة و30 سفينة محملة بالسلاح، وغطاء سياسي وفيتو مستفز، يتعارض مع ما تحاضر بشأنه أمريكا حول احترام حقوق الإنسان؛ وهذا يعني أنه لا يمكن لإسرائيل شن الحرب والاستمرار فيها دون دعم أميركي، ما يجعل بايدن وإدارته شركاء في جرائم الحرب.

الجرائم والإنتهاكات

ومع فضح الصهاينة وخماسي مجلس الحرب، وحكومة الطوارئ بقيادة نتنياهو ووزير الدفاع غالانت ووزير الدفاع السابق غانتس (المرشح لرئاسة الحكومة القادمة بعد إسقاط ومحاكمة نتنياهو بعد نهاية الحرب بسبب فشله وتقصيره) وأيزنكوت ورون ديرمر، يتأكد أيضاً عدم واقعية الأهداف التي وضعتها حكومة الاحتلال، وتعارضها فيما بينها.. ويُبرِز سير العمليات الحربية الوجه الوحشي للصهاينة وشهوتهم للانتقام بقتلهم حوالي 21 ألفاً من أبناء غزة وجرح أكثر من 55 ألفاً، ويُضاف إلى ذلك آلاف المفقودين والمدفونين تحت الأنقاض، حوالي 70% منهم من الأطفال والنساء وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، كما نزح حوالي 2 مليون من منازلهم في غزة؛ يأتي ذلك كله في إطار استهداف صهيوني متعمد لسكان القطاع، لا يفرق بين طفل وعجوز وامرأة ورجل، كما أن العدوان يستهدف ويدمر مدارس ومقارّ الإيواء للأمم المتحدة، والمستشفيات التي أخرج معظمها عن الخدمة بعد قصفها وتدميرها، ويتسبب بقطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء والوقود.

وفي مسلسل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال جاء مؤخرا ما فعله من تعرية المحتجزين وجمعهم في ملعب، في إهانة كاملة لكرامة المعتقلين؛ ولم يسلم الشهداء من جرائم الصهاينة الذين قاموا بتجريف مقابر وأخرجوا جثامين الشهداء من باحة مستشفى الشفاء.. أما الجرحى فكان من فتك الصهاينة بهم منع فرق الإسعاف من إنقاذهم.. وتلك كلها جرائم حرب موثقة تدين مرتكبيها من مسؤولين سياسيين وعسكريين وتطالب بمحاكمتهم.

ومع ذلك الإجرام تتأكد الحقيقة التي كشفها مسار الحرب.. لقد سقطت خرافة الجيش الذي لا يقهر، وفقد ذلك الجيش قوة ردعه وهيبته!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أسلحة يوم القيامة

أسلحة يوم القيامة

بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها منذ إعلان حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ولا يمر يوم إلا وتسمع وترى دليلا واضحا كالشمس على حقارة وبشاعة الكيان، وطريقة تعامله الحيوانية مع الآخرين. الأسبوع الماضي استوقفني تصريح خطير جدا، أدلى به يائير كاتس رئيس مجلس...

قراءة المزيد
السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

في ظهيرة الجمعة 26 من مارس/ آذار انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بث مباشر، قام بنشره شاب صعيدي، أرسل من خلاله استغاثة، وهو على متن قطار مصري اصطدم بآخر، فسقط به من الضحايا العشرات. بدا الشاب بعيون زائغة، والغبار يلف وجهه وشعره، وهو يصرخ بشدة، قائلاً "الحقونا.....

قراءة المزيد
الحاقة ما الحاقة؟

الحاقة ما الحاقة؟

 سؤال لا يمكن للعقل البشري أن يجد إجابة عليه!. هكذا يسأل الله قارئ القرآن وكل من يسمع بدايات سورة الحاقة.. يعرض سبحانه في المرة الأولى كلمة الحاقة، وهي من أسماء يوم القيامة، يسأل عنها، ثم في المرة الثانية يؤكد سبحانه على عظم ومكانة هذا اليوم بقوله: "وما أدراك ما...

قراءة المزيد
Loading...