![](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/07/reading-history.jpg)
ظاهرة انقلابات العسكر.. تهدد استقرار الدول وأمن الشعوب!
![ظاهرة إنقلابات العسكر ظاهرة انقلابات العسكر.. تهدد استقرار الدول وأمن الشعوب!](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2023/04/ظاهرة-إنقلابات-العسكر.jpg)
مقالات مشابهة
-
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!
في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان...
-
الضحالة والمعرفة السائلة
عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت...
-
طمأنينة الشك!
لستُ بحاجة إلى مقدمات طويلة أمهد بها قولي، وأشرح...
-
نماذج عُلمائية مُلهمة.. (أبي بن كعب) صاحب رسول الله، وسيد القرّاء في زمانه
قي سُبُلِ المتقين ومدارج السالكين، الصحابي أبي...
-
مهمة الإنسان في الحياة
خلق الله الخلق لمهمة سامية، وهي عبادته وعدم...
-
أسلحة يوم القيامة
بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها...
مقالات منوعة
ظاهرة انقلابات العسكر.. تهدد استقرار الدول وأمن الشعوب!
يطرح صراع وحرب العسكر على السلطة اليوم بين المكونين العسكريين في السودان، وقبل هذا الانقلابات العديدة التي وقعت في السودان، وسيطرة الجيش على الحكم لمعظم فترة استقلال السودان منذ عام 1956؛ أسئلة مشروعة عن تأثير انقلابات العسكر على أمن واستقرار الدولة.
في الدول العربية، خاصة منذ خمسينيات القرن الماضي، قام العسكر بانقلاباتهم في مصر والعراق وسوريا والسودان، ولاحقاً في ليبيا واليمن وموريتانيا. وشهدت دول انقلابات زعامات على النظام، لتعديل الدستور وتحويل الجمهوريات إلى جمهوريات وراثية، للتمكين لبقائهم في الحكم أو لتوريث الأبناء؛ كما فعل السادات وحاول بعده حسني مبارك في مصر، وكما فعل صدام حسين في العراق، وعلي عبدالله صالح في اليمن. أو محاولات تعديل الدستور لتمديد فترات البقاء في السلطة كما فعل السادات في مصر، والأسد في سوريا، وعبد العزيز بوتفليقة في الجزائر، وزين العابدين بن علي في تونس.. وتلك التجاوزات كانت من أسباب تفجر انتفاضات الربيع العربي قبل أكثر من عقد.
اعتاد السودانيون على انقلابات متلاحقة، وصلت لسبعة انقلابات عدا عن محاولات الانقلابات الفاشلة.
شكلت الحرب الدموية المستعرة في السودان حرب إلغاء، بين رئيس مجلس السيادة- قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، وبين نائبه -قائد قوات التدخل السريع الفريق محمد حمدان حميدتي؛ والبرهان وحميدتي هما شريكا الماضي في الانقلاب على الرئيس المخلوع عمر البشير عام 2019، وعلى المكون المدني في انقلاب العسكر الثاني عام 2021. وقد قامت الحرب بين الرجلين نتيجة رفض حميدتي دمج قوات التدخل السريع في المؤسسة العسكرية والجيش. وحرب الإلغاء هذه تدفع السودان إلى حافة الانهيار، والوصول إلى الدولة الفاشلة، مع انسداد أفق نجاح أي وساطة تنهي الصراع في معادلة صفرية، لن يخرج منها أي منتصر!.
آخر المنقلبين الجنرال عبدالفتاح البرهان ومحمد حميدتي قائد جماعة الجنجويد السابق، وقائد مليشيات قوات التدخل السريع في السودان، التي تأُسست عام 2013 تحت إشراف الرئيس المخلوع عمر البشير، بعديد 100 ألف مقاتل. وارتكبت جرائم حرب ضد قبائل أفريقية في إقليم دارفور غرب السودان، وهذا دفع محكمة الجنايات الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير.
الانقلابات تطرح كذلك تساؤلات مستحقة؛ عن تداعيات انقلابات العسكر، وتأثيرها على الدول والشعوب في الداخل، وعن دور ومكانة الجيش في مؤسسات الحكم، ومساهمتها في فشل وسقوط الدول في أتون التردي والعوز والفقر والفساد، وحتى تحول الدول لموطئ قدم وأرض خصبة للإرهاب والصراع، إضافة إلى عرقلة تحول الدول إلى مسارها الديمقراطي، برغم وعود العسكر المتكررة والفارغة بالتزامهم بتسليم السلطة للمدنيين، ثم تداعيات الانقلابات بكل أبعادها على أمن المنطقة والجوار بتحولها إلى دولة فاشلة تستقطب الصراعات وتعمق الخلافات.
اعتاد السودانيون على انقلابات متلاحقة، وصلت لسبعة انقلابات عدا عن محاولات الانقلابات الفاشلة. وبالجملة شهد السودان 12 انقلابا وعملية انقلاب فاشلة منذ عام 1958؛ ما أعاق تقدم واستقرار السودان، الذي يمكن له لو كان مستقرا، وساهم العرب بالاستثمار في الأمن الغذائي فيه، أن يكون اليوم بالفعل سلة غذاء العرب، كما كان يتردد في المقولة، التي طالما سمعناها منذ أن كنا طلبة في المدارس.
لا يبدو في الأفق أي وجود لمبادرة فعالة من القوى الكبرى والعربية، والمنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيفاد والأمم المتحدة.
تعرض السودان للتقسيم، واقتطاع جنوبه بإقامة جمهورية جنوب السودان عام 2009؛ تبعت ذلك المواجهة المفتوحة بين السودان ومصر مع أثيوبيا حول سد النهضة، وإصرار أثيوبيا على بناء السد وحبس الماء عن السودان ومصر، وعدم الإيفاء بحصص البلدين. ما جعل السودان في وضع صعب حتى قبل الانقلاب. واليوم مع الانقلاب الذي لم يحسم بعد بين الجنرالين المتقاتلين، أصبح وضع السودان ومصر أصعب تجاه أثيوبيا، ما يهدد الأمن المائي للشعبين، المصري والسوداني، وكذلك استقرار المنطقة بأسرها. خاصة مع كون الدول السبعة المجاورة للسودان تشهد أوضاع أمنية واقتصادية ومعيشية صعبة.
والمؤسف أنه برغم الكلفة الكبيرة للحرب في أسبوعها الثاني من المواجهات الواسعة والدموية والمكلفة، والتي أدت لفرار عشرات آلاف الأسر من الخرطوم، وإجلاء مواطني عشرات الدول وإغلاق سفارات الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة ودول أوروبية، وشبه انهيار للقطاع الصحي ونقص المؤن والغذاء والدواء؛ فإنه لا يبدو في الأفق أي وجود لمبادرة فعالة من القوى الكبرى والعربية، والمنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيفاد والأمم المتحدة. والمفارقة الغريبة عرض إسرائيل استضافة البرهان وحميدتي لحل الخلافات ووقف الحرب!. ومعروف أن إسرائيل ترتبط مع السودان بعلاقات سرية قديمة، منذ أيام جعفر النميري والمساعدة في ترحيل يهود الفلاشا إلى إسرائيل؛ كما طبع السودان مع إسرائيل ضمن الاتفاق الإبراهيمي مع إسرائيل بمبادرة من إدارة الرئيس ترامب عام 2020، ورُفع اسم السودان من قائمة الدول المدرجة على قائمة الداعمة للإرهاب.
يبدو واضحا أن الانقلابات لن تتوقف؛ طالما أن العسكر يرون مصالحهم في السيطرة على الأنظمة، وفرض رؤيتهم بالبقاء في الحكم، دون الاكتراث بتردي أوضاع بلادهم ومعاناة مواطنيهم؛ وهذا ما نشهده اليوم.
واليوم تبدو الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، عاجزة عن تقديم مبادرات ووساطات لوقف الحرب. وخاصة مع تفاقم الأوضاع، ومعاناة الشعب السوداني من نقص جميع الخدمات وانهيار القطاع الطبي ونفاد المؤن.
لكن تناقض الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، يظهر في أنه بدل التلويح بإعادة فرض العقوبات التي رفعت بعد التطبيع مع إسرائيل، وخاصة على القادة العسكريين في السودان، المسؤولين عن التصعيد؛ تتواصل اتصالات وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مع البرهان وحميدتي؛ حتى أن البعض يرى أن العسكر يخدمون وينفذون في انقلاباتهم أجندات ومصالح بالتبعية لقوى ودول إقليمية وكبرى، وهذا يشجع القيادات العسكرية على المضي بخططها.
لذلك يبدو واضحا أن الانقلابات لن تتوقف؛ طالما أن العسكر يرون مصالحهم في السيطرة على الأنظمة، وفرض رؤيتهم بالبقاء في الحكم، دون الاكتراث بتردي أوضاع بلادهم ومعاناة مواطنيهم؛ وهذا ما نشهده اليوم.
بغض النظر عمن سيفوز بحرب الإلغاء بين عسكر السودان، وبسبب كلفة الحرب المدمرة والعبثية على البشر وعلى التنمية واستقرار السودان، وتراجع التحول إلى المسار الديمقراطي، وزعزعة أمن البلد وشعبها وإقليمها؛ فإن الشعوب والتنمية والاستقرار هم الضحايا الرئيسة لانقلابات العسكر، الذين يستمرون بتسديد الأثمان الباهظة. وهذا ما نشهده اليوم في السودان، وما شهدناه ونشهده في الانقلابات السابقة واللاحقة!.
![أ.د. عبد الله خليفة الشايجي](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/01/أ.د.-عبد-الله-خليفة-الشايجي-150x150.jpg)
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب
من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!
في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...
الضحالة والمعرفة السائلة
عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...
0 تعليق