في ذكرى اغتيال فرج فودة: ماذا عن “تكوين” وأخواتها من الرضاعة؟!

بواسطة | يونيو 9, 2024

بواسطة | يونيو 9, 2024

في ذكرى اغتيال فرج فودة: ماذا عن “تكوين” وأخواتها من الرضاعة؟!

لن أذيع سراً إذا قلت إن الدكتور فرج فودة كان صديقي، وليس هذا فحسب، بل إنني من دعوته للكتابة المنتظمة في جريدة “الأحرار”، قبل انتقاله للكتابة لمجلة “أكتوبر” عقب المناظرة الشهيرة، وكان قبل ذلك لا يجد صحيفة تنشر له، بعد توقف “الأخبار” عن ذلك، التزاماً بقاعدةٍ وضعها المشرف على صفحة “الرأي للشعب”، الأستاذ عبد الوارث الدسوقي، بعدم النشر لمن تنشر له الصحف الأخرى؛ وحتى “الأهالي” توقفت عن نشر مقالاته بعد مقال شهير نشرته له أهان فيه شيخ الأزهر، الشيخ جاد الحق علي جاد الحق!

في هذه الفترة كانت الحياة الصحفية شحيحة، والصحف إما قومية أو حزبية، فهناك ثلاث صحف حزبية فقط؛ “الوفد”، و”الشعب”، و”الأحرار”، بجانب صحيفة الحزب الوطني الحاكم “مايو”، و”الشعب” إسلامية التوجه. وقد عرفه الناس بأزمته مع الوفد بعد هذا التحالف وانسحابه منه، وكان قد سعد بعودة الوفد في سنة 1984، وألف كتاب “الوفد والمستقبل”، أعتقد أنه الكتاب الأول له، وقد تجاوزته الأحداث، أما “مايو” فقد كتب فيها في وقت لاحق، عندما تولى رئاسة تحريرها أنيس منصور، ليجمع بينها وبين “الأحرار”، وقد ترك الكتابة فيها بعد استقالة أنيس منصور من رئاسة التحرير، بعد خلافات طويلة مع رئيس مجلس إدارتها عبد الله عبد الباري، لم يحسمها مبارك، وكنت عنده عندما اتصل بأنيس يواسيه، والكاتب الكبير يبدي حنقه لأن مبارك ليس هو السادات، فالأخير كان عند وجود مشاكل من هذا النوع  يستدعي أطرافها، ويستمع إليهم ويحسم الخلاف، لكن مبارك كان يقول له كلما اشتكى من ممارسات عبد الباري: “أنتم صحفيون كبار وحلوا مشاكلكم”!

أزمة فرج فودة:

وبعيداً عن قاعدة عبد الوارث الدسوقي، فإن الصحف القومية كانت تحجم عن الدخول في معارك من نوع التي يثيرها فرج فودة، فضلاً عن وجود جانب آخر في شخصية فرج فودة، إنه كان يهاجم الحكومة بين الحين والآخر، ورفض الانضمام للحزب الوطني، وكان رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، وهو ينتمي للفكر الاشتراكي وللعهد الناصري، يقول له إن فيك بقايا وفدية لم تتخلص منها، عندما كانوا يناقشون دخوله البرلمان، ولهذا فإن اقتراح البابا شنودة بتعيينه لم يقدم أو يؤخر!

كانت السلطة في بداية عهد مبارك تختار “كوتة المسيحيين” في التعينات لهذه المواقع بمعرفتها، إلا أنها وبداية من برلمان سنة 1987، أوكلت المهمة للبابا، ما أحدث ارتباكاً في صفوف من يعملون بالسياسة منهم، فلم يعد يكفي أن ترضى عنهم السلطة، بل لابد من أن يكونوا مقربين من البابا، فحاول بعضهم لفت انتباهه إليه بالهجوم عليه، فحلت عليهم لعنته، وكان البابا إذا غضب على أحد لا يصفو له أبداً، ولو نام تحت قدميه طالباً العفو والغفران، وهذا موضوع يطول شرحه!

وحتى لا يجلب أحدهم الآلة الحاسبة، ويضرب ويطرح للوصول إلى عمري في هذه الفترة، ومن ثم يستنكر وصف صديقي استنكار ابنتي عندما ذاع صيت الشيخ حازم أبو إسماعيل بعد الثورة، وسألتني إن كان لدي سابق معرفة به، فقلت لها كنت أعرف والده، وقالت مستنكرة: وكم عمرك لتكون صديقاً لوالده؟ هل قلت لها كنت صديقه؟!

اللافت أنني كنت مبكراً أميل لصداقة الكبار من كافة الاتجاهات الفكرية، وهذا وإن حقق لي قاعدة معرفية بالدنيا والحياة السياسية، فإنه يشعرني أحياناً بأنني عشت أكثر مما ينبغي إذ أعتبرني من جيل هؤلاء، وتصبح اللحظات حزينة عندما أستدعي الذكريات، فيكون كل شهودها يستحق الواحد منهم عند ذكر اسمه الدعاء بـ “الله يرحمه”، وكأني “هيكل” الذي بدأ حضوره للمشهد العام مبكراً، وعاش طويلاً، فصارت كل الأسماء التي يذكرها في مسيرته يتبعها بالدعاء “الله يرحمه”!

مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل:

اللافت الآخر، أنني جمعت بين صداقة خصمين.. فلا تعرف الأجيال الجديدة، أن أزمة فرج فودة الأولى كانت مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل، وعندما واجهت الدكتور فودة في مقابلة صحفية بأنه مدين بشهرته للشيخ، لم ينكر، بل اعترف بذلك، وإن أكد أن المشايخ لا يشهرون أحداً – ولا أنفسهم- مالم يكن لدى الطرف الآخر ما يدفعه للشهرة!

وقد دخلا في سجال طويل؛ يكتب فرج فودة “مولانا الذي في الجيزة”، ويرد صلاح أبو إسماعيل “فرج خرج خرج”؛ أي خرج من الملة، ومن يقرأ كتاب “قبل السقوط”، أول كتاب صدر لفرج فودة في هذا المسار، سيجد الشيخ صلاح أبو إسماعيل حاضراً فيه، لأنه في جانب كبير منه جمْعٌ لمقالات سبق نشرها، أما سبب الأزمة فهو أن الشيخ صلاح كان قد انضم للوفد، وأصبح وكيله، وهو من جاء بالإخوان للتحالف، وخرج فودة على إثر ذلك من الحزب، وكانت المعركة!

وبعد ذلك بسنوات، أدرك الشيخ صلاح أبو إسماعيل خطأ ما فعل، فرفض مني أن أذكر اسم فرج فودة أمامه في مقابلة صحفية لصالح جريدة “الوطن” الكويتية، وقال: لقد بلغني أنه يحب أن يُذكر فيشتهر، وقلت له: بعد ايه؟! وفشلت محاولاتي كما فشلت محاولات من كان يصفه بعكازه (عكاز الأعمى)، الشيخ طارق يوسف الذي كان حاضراً اللقاء بعد منتصف الليل، في إقناعه وختم الأمر بقوله: “احذف هذا الرجل من ذاكرتك ومذكرتك فإن أبيت إلا أن تخالف، فعلى الأقل لا تذكره أمامي!”.

وكان الخيار الأخير هو الأساس، فقد كان الشيخ يعرف طبيعة العلاقة مع فرج فودة، الذي كان يعرف أيضاً علاقتي بالشيخ؛ ومع ذلك يأتمنني الشيخ صلاح على بعض الأمور، فيطلب إغلاق الكاسيت حين الحوار، ويتحدث بكلام في موضوع السؤال لم أنشره إلى الآن، وأشهد تفكيره بصوت مسموع عن نيته شراء فيلا عمار الشريعي في الدقي، ويمسك بالآلة الحاسبة ويحسب ما يمكن أن يوفره من سيولة، ثم نبيع هذا البيت، ونبيع السيارة، فيعترض طارق على بيع السيارة، أما أنا فاعتبرتني غير معني بالموضوع، ولم أتدخل، هممت بالانصراف فأقسم أن ابق!

ذكرى الاغتيال:

عموماً، فلك أن تتصور عزيزي القارئ أن ما سبق كله كان مقدمة لمقال بدأ مع نهاية المساحة، فما مناسبة هذا الكلام!

بالأمس مرت ذكرى اغتيال فرج فودة (8 يونيو 1992)، وقبل الشروع في كتابة هذه السطور، شاهدت صورة لتجمع مواز لـ “تكوين” اسمه “علمانيون”، يبدو أنهم يريدون إثبات حضورهم ليقولوا لممول “تكوين” إنهم الأولى بذلك، وكان المتحدث هو خالد منتصر، في حين أن إبراهيم عيسى من زعماء “تكوين”، وهما من ضحايا حالة هوس أصابتهما بعد الحادث!

الطريقة التي نفذ بها الجاني اغتيال فرج فودة لابد وأن تثير الخوف، لكن لأنهما طالِبا شهرة، فقد كانت هذه اللحظة التي عرفا فيها طريقهما..

لقد اغتيل فرج فودة، دون أن يأخذ مكانه المناسب من الشهرة، لكن اغتياله فتح المجال للناس لمحاولة التعرف على فِكَره، وهي ليست معروضة في السوق، فمؤلفاته العشر طبعها طباعة بدائية على حسابه، ووزعها على أصدقائه وزائريه، والطباعة بالحد الأدنى، وإن لم يكن هناك ناشر يقف خلف المؤلف، فسوف يدوخ “السبع دوخات” إذا طبعه على نفقته الخاصة ووزعه عبر مؤسسات توزيع الصحف، فلن يمكث أكثر من شهر ونصف في السوق، وسيكون المعروض قليلاً وموضع عرضه في زحام الصحف في مكان لا يراه القارئ، وفعلها متطوع بعد الاغتيال وفشل. ولا أعرف لماذا لم تقدم دار نشر على ذلك؟!

وجاء خالد منتصر:

بعد قليل جاء طبيب شاب اسمه خالد منتصر إلى مكتب رئيس التحرير، يحمل مقالاً بعنوان “لماذا أنا علماني؟! ونشر المقال في “الأحرار” يوم “الاثنين”! ولأني في هذه الفترة كنت مشرفاً على صفحة “بريد الأحرار”، فالمعنى أن كل الرسائل التي تأتي للجريدة تصب عندي!

ومن يوم الثلاثاء بدأت تهل “البشاير”، وحتى يوم الخميس كانت أمامي كومة معتبرة من الخطابات تعلق على مقال “لماذا أنا علماني؟”، ولست بالخب ولا الخب يخدعني، فلفت انتباهي أنه ليس من المقبول عقلاً وصول الخطابات بهذه السرعة وفي اليوم التالي للنشر، ولو وضعت خطاباً في صندوق البريد لإرساله للبناية التي أمام مكتب البريد فلن تصل قبل أربعة أيام، وهذه السرعة تعني أنه منذ أن حصل على الموافقة للنشر بدأ في الإرسال ولم ينتظر نشر المقال يوم “الإثنين”!

هذا فضلاً عن أنني بهذه “الكومة” من الرسائل، أيقنت أنني أمام محاولة لإدخال الغش والتدليس علينا، ففرج فودة نفسه لم يكن يأتيني رداً عليه سوى رسالتين أو ثلاث، وكنا نقوم بنشرها في “بريد الأحرار”، الثابت رسالتان، واحدة من مهندس في بور سعيد اسمه “محمد شعبان الموجي”، والثانية من داعية في المنيا اسمه “الشيخ عبد الرحمن بن لطفي”!

أمّا الخطابات جميعها فكانت من مكتب “بريد العتبة”، القريب من مقر الجريدة في شارع الجمهورية، يكتب أحدهم اسمه أسفل كلامه وعنوانه: سوهاج، أسوان، قنا، الإسكندرية، بيد أن الختم على الخطاب هو من مكتب “بريد العتبة” بالقاهرة!

وإن كنت قد لاحظت محاولات لتغيير الخط، مرة بشكل أنيق، وأخرى بشكل متعجل، فإنها تفاوتت بين التأييد الشديد للكاتب الذي أبهرهم، والذي نجحت “الأحرار” في اكتشافه، وهو من سيحمل الراية بعد فرج فودة، وأخرى تكفّره، وتطلب تطبيق حد الردة عليه!

ووقع الكاتب في شر أعماله، فقد جاء لرئيس التحرير وسلم مقاله الجديد “لماذا أنا علماني ومسلم؟”، وهذا العنوان وعنوان المقال الأول، هما عنوانان لكتابين أصدرهما شخص واحد من الغابرين لا أتذكر اسمه، وليس هذا هو المهم، فالمهم أن مقاله كان يرد على الخطابات التي في حوزتي، وانتظرت حتى نشر المقال، ثم دخلت عند رئيس التحرير!

كان الأستاذ وحيد غازي لا يؤمن بأن الكُتّاب الذين يسرفون في نشر وصول خطابات من القراء يعبرون عن رسائل حقيقية، وكان يكتب في “الأحرار” اللواء محمد شبل، وذات زيارة لي طلب أن يلتقي بالأستاذ رئيس التحرير ليشكره، وحدثت المقابلة!

سأله الكاتب عن رأيه في مقالاته فأجاب باقتضاب: “كويسة”.. فقد كان غازي بخيلاً في مجاملاته بأي شيء يرتبط بالمهنة، وإذ كنت أكتب عموداً أسبوعياً، فلم يحدث أن وصفه بـ “العمود” أو المقال، وإما يقول: فين كلمتك؟.. هل سلمت كلمتك؟.. سلم كلمتك لسكرتير التحرير.. وهكذا!

سأله الكاتب الصديق: “والقراء”؟!.. ما لهم؟!.. رأيهم في مقالاتي؟

كان الغضب قد تمكن من الأستاذ وحيد غازي فقال: هل تعتقد أن الكُتّاب الذين يكتبون وصلني خطاب من قارئ.. وصلهم خطاب بالفعل، هل تعتقد أن ما يكتبه صلاح منتصر صحيحاً؟”

كان صلاح منتصر يكتب عموداً يومياً في “الأهرام”، كثيراً ما يخصصه لرسائل القراء إليه.. الاسم والمحافظة وسطرين من الرسالة، وأحياناً يعقب عليها، وهكذا!

أخرجت الخطابات من حقيبتي، ووضعتها أمامه.. “كل هذه الخطابات وصلتنا تعليقاً على المقال الأول لخالد منتصر، نظر إليها ولم يعقب!”، واستطردت: ليست هذه هي المشكلة، المشكلة أنه رد اليوم على هذه الرسائل وهي في حوزتي، والأصل أنها طالما لم تُسلّم له، فإنه لا يعرف شيئا عنها! وأسقط في يده.. وكان هذا آخر مقال لخالد منتصر، لكنه سعى في مناكبها، ونجح في الحضور في المشهد الصحفي والإعلامي، لأنه رجل علاقات عامة يجيد التعامل مع رؤساء التحرير!

إبراهيم عيسى وقوائم الاغتيالات:

وكما مثلت شهرة فرج فودة بعد اغتياله غواية لخالد منتصر، فالأمر نفسه حدث مع إبراهيم عيسى، وقد فتح له هذا الاغتيال الباب على مصراعيه ليكون بديلاً، لاسيما وأنه ليس كاتبا زائرا مثل منتصر، يغشى مكاتب رؤساء التحرير وينتظر السماح له بالدخول، فهو صحفي يعمل في مجلة “روزا اليوسف”، في مرحلة الإثارة!

حادث الاغتيال فتح النار على وزارة الداخلية، التي لم توفر الحماية لفرج فودة المهدد بالاغتيال، ولم تسبر أغوار التنظيم الذي اغتاله! وكان على رأس الوزارة وزير درويش، كثيراً ما ساق الهبل على الشيطنة، الهبل بملكات الدرويش بداخله، والشيطنة بادعائه أنه ضابط شرطة محترف، وكان في منزلة بين المنزلتين، فقال إن الوزارة كانت تعلم بمخطط الجماعات ولكن فرج فودة رفض الحراسة؛ ليفتح كلام الوزير شهية الإسلاميين.. ولماذا رفض الحراسة؟ لأن له نشاطاً مشبوهاً يخشى أن ترصده أجهزة الأمن.. سألوا وأجابوا على أنفسهم!

وأمام هذا التقصير الأمني المريع، قال الوزير إنهم ضبطوا قائمة اغتيالات أخرى، والمعنى أنه إذا كانت الجماعات الدينية اغتالت فرج فودة، فقد حمت الوزارة المئات، وجمع بين الشامي والمغربي في “رشة جريئة”، وهي قائمة من وحي خيال الوزير، بفكرة ألقى بها الشيطان في روعه، حيث ضمت القائمة شخصيات تراوحت بين جمال بدوي رئيس تحرير الوفد، والشاب إبراهيم عيسى الباحث عن الشهرة إلى حد أن يبلغ الأزهر عن رواية كتبها ليصادرها فلم تصادر، كما قال المكلف بالبلاغ المحامي الناصري أحمد عبد الحفيظ (رحمه الله فقد كان معروفاً أنه لا تبل في فمه فولة)!

لم يكن هناك مبرر لأن تضع التنظيمات الدينية جمال بدوي في قائمة الاغتيالات، فهو ليس مشتبكاً معها وخطه بعيد عنها، و”الوفد” فضحت التعذيب الذي تعرضوا له في السجون، واهتماماته الفكرية تاريخية منصبة على التاريخ الإسلامي وعظمة الخلفاء!

وخصصت الداخلية حراسة لمن وردت أسمائهم في القائمة، ولأنه لا قوائم هناك ولا يحزنون، فالحراسة مجاملة ليستخدمها أصحاب القسمة والنصيب للوجاهة الاجتماعية، فقد رفضها الجميع إلا اثنين كانا يحبان الفخر؛ رفعت السعيد وإبراهيم عيسي. ومنذ عام 1992، لم تكن هناك محاولة اغتيال لهما ولو فاشلة.. لا تقل لي إنه الخوف من فرد الأمن المدجج بالسلاح، فقد اغتيل الرجل الثاني في الدولة المصرية، رفعت المحجوب، بجانب محاولات عدة لوزراء كانوا يتحركون في مواكب من الحراسة، مثل زكي بدر وحسن الألفي (وزيرا الداخلية)، وصفوت الشريف وزير الإعلام، بل وكانت هناك محاولة اغتيال فاشلة لرئيس الحكومة عاطف صدقي!

هم وفرج فودة:

مشكلة القائمين على “تكوين” وأخواتها من الرضاعة، أنه لا يوجد من بينهم “فرج فودة”، الذي كان حاضر الذهن، سريع البديهة، خفيف الظل، يجمع بين القدرة على الكلام والكتابة معاً، فهو مفوه إذا تكلم، وجملته رشيقة إذا كتب، وهو يجيد المناورة، ومتمكن من موضوعاته، وإن كان شعوبياً.. ولهذا كان يطلب المناظرات ولا يهرب منها؛ ليخرج من مناظرة معرض القاهرة، إلى مناظرة الدكتور سليم العوا في الإسكندرية، إلى الاشتباك مع مخالفيه كما حدث عندما اشتبك مع الدكتور عبد المنعم القيعي، والدكتور محمد أحمد المسير، حول “زواج المتعة”!

وما لفت انتباهي بعد كل هذه السنوات، أن الاشتباك لم يحدث حول الموضوع الرئيس وهو الحدود، إنما انصب على نقطة فرعية فيه، استمرت لأسابيع بين أخذ ورد!

فرج فودة كان يطلب المناظرات، ويسعى للاشتباك، بينما قادة “تكوين وأخواتها” يهربون من هذا كله، لأنهم أخف من الريشة، ويمارسون التدليس، ولا يملكون منهجاً يتحركون فيه.. فعنوان من هنا، وعنوان من هناك.. ومقال من هنا، وآخر من هناك.. فلا عقل مرتب، ولا اتجاه محدد، لهذا يمكن اصطيادهم بسهولة!

إنهم إفراز المرحلة.. والذي خبث لا يخرج إلا نكدا!

3 التعليقات

  1. اوس العربي

    عزوز يدافع عن ثلاثة زنادقة ظهروا في مصر ، فرج فوده و نصر بوحامد وسعيد عشماوي وهم لا يقلون سوءا عن عصابة زنادقة تكوين وعلمانيون ،وكنسيون ،،

    الرد
  2. محمد عبد المنعم عبدالعزيز

    خالد منتصر بيقفل التعليقات على فيسبوك وبينسب اي نقيسه او اي عمل مشين للاسلام مع ان كل الاجرام وكل الفضايح وكل الكوارث

    الرد
  3. جمال شديد

    هؤلاء المارقين طالبي الشهرة على حساب نقد الدين الاسلامي طوتهم مزابل التاريخ وكذلك مصير الجدد منهم الذين تشجعوا بالاوضاع الامنية الحالية وكذلك الوضع الاقتصادي المزري وكل مشتاق منهم يبحث عن موضع شهرة يجلب له مال وتمويل أعداء الإسلام في الخارج والداخل ولولا التمويل ما أصبح غالبيتهم له قيمة ككاتب على باب محكمة ولولا التصحيح في تلديسك المركزى للصحافة لشاهدنا كتاب لم يتجاوزوا الإبتدائية.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...